أخبار

بعد ومسافة

جلسة تحت ظل السور العظيم
مصطفى أبو العزائم
 
الثامنة مساء (الأربعاء) كان موعدنا مع سعادة السيد “لي ليان خه” سفير جمهورية الصين الشعبية في السودان، نحن مجموعة من رؤساء التحرير ومديري القنوات الفضائية والرموز الإعلامية، وكذلك على مائدة عشاء داخل سفارة الصين نتفاكر فيها حول آفاق العلاقات السودانية الصينية، وقد رتب الاتحاد العام للصحفيين السودانيين لهذا اللقاء الذي جاء (في وقته) مرتبطاً بتطورات كبيرة في مستوى العلاقات بين البلدين الصديقين، ومرتبطاً بتطورات أخرى على مستوى علاقات السودان الخارجية، خاصة بعد رفع العقوبات الأمريكية عن بلادنا.
التقيت بالسيد السفير الصيني عدة مرات، وربما أعد نفسي من أصدقاء الصين في السودان، وقد زرتها مرتين الأولى في عام 2006م، رفقة زميلي الصحفي الكبير الأستاذ “محمد محي الدين حبة” مساعد المدير العام لوكالة السودان للأنباء في ذلك الوقت، حيث مثلنا السودان في اجتماعات وندوات وورش عمل عن العلاقات الصينية الأفريقية، وذلك ضمن وفود (23) دولة أفريقية ناطقة باللغة الإنجليزية، وقد فاق الواقع الصيني ما ذهب إليه خيالي، وزرنا عدداً من المقاطعات ووقفنا على تجربة الصناعات الصينية وتلقينا دورة خاصة في العلاقات الدبلوماسية وتطور مفاهيم العمل السياسي بأحد أكبر المعاهد الدبلوماسية الصينية التابعة لوزارة الخارجية والرحلة الثانية كانت رفقة السيد النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه”، وهي زيارة رسمية توقفنا خلالها في جمهورية باكستان الإسلامية، وقد تم التوقيع في تلك الزيارة على عدد من الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، وكانت في العام 2011م، وضم الوفد الصحفي آنذاك الأستاذ الكبير “كمال حسن بخيت” والراحل المقيم “عمر محمد الحسن” (الكاهن) وشخصي، وكانت هي ذاتها رحلة لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة.
ونحن في صالون سفارة الصين بحي المنشية في الخرطوم نتجاذب أطراف الحديث مع السيد السفير “لي ليان خه” تطرقنا لموضوعات عديدة كان مدخلها اللغة العربية الفصيحة التي يتحدثها السيد السفير، والتي تعلمها في بلاده، وتمكن منها بعد ذلك من خلال الإطلاع والمحادثة في عدد من الدول التي عمل بها منذ بداية التحاقه بالعمل في السلك الدبلوماسي، ولأن للأستاذ “الصادق الرزيقي” رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين اهتمامات بالأدب والشعر والرواية، فقد سأل السيد السفير عن التراث الشعري الصيني، فكانت إجابة السفير مدهشة، إذ علمنا منه إن الدولة تهتم بذلك التراث وتقوم بطباعته والمحافظة عليه، لكن الأجيال الجديدة تنفتح على الحديث من الأشعار والفنون والروايات.
وسألت السيد السفير عن الأبجدية الصينية، فقال: إن اللغة الصينية عبارة عن صور ورسومات كل واحدة منها تعني شيئاً، وقال زميلنا الأستاذ “محمد عبد العزيز” من صحيفة (السوداني) والذي عمل بالصين فترة طويلة: إن اللغة الصينية من أصعب اللغات، إذ يتحتم على من يريد تعلمها أن يحفظ تلك الرسومات والصور.. وهنا قال السيد السفير: إن بالصين عدة لغات ولهجات، لكن اللغة الصينية الرئيسة هي “الماندرين”، التي يفهمها كل الصينيين، لكنه قال: إن كل اللغات واللهجات الصينية تكتب بتلك الرموز والصور، وهي مفهومة للجميع، حتى وإن اختلف النطق.
الجلسة الدبلوماسية الصحفية المحضورة حفلت بالعديد من الموضوعات، لكنها تركزت على العلاقات بين البلدين الصديقين وتطورها خلال ثمانية وخمسين عاماً، هي عمر العلاقة التي نمت وتطورت وقويت على مر العهود السياسية في السودان، وقويت أكثر خلال حقبة حكم الإنقاذ، خاصة بعد أن اتجهت بوصلة السياسة السودانية شرقاً بعد مقاطعة الغرب للسودان وإعلان المقاطعة الأمريكية، وقد انفتحت أبواب أفريقيا أمام التنين الصيني عن طريق السودان، وتميزت علاقة البلدين بالقوة والمتانة إلى أن تم الإعلان عن أنها علاقة تعاون إستراتيجي خلال زيارة الرئيس “عمر حسن أحمد البشير” إلى الصين في العام 2015م، للاحتفال بالذكرى السبعين لانتصارها في الحرب العالمية الثانية، وهي ذكرى عزيزة على الشعب الصيني يحتفل بها كل عام حتى أضحت جزءًا من إرثه البطولي وتراثه العسكري الذي تعتز به كل الأجيال.
علاقة السودان والصين تركزت خلال الحكم المايوي، وتم خلالها إنشاء قاعة الصداقة ومصنع الصداقة وكبري مدني حنتوب وعدد من المنشآت الصناعية الضخمة كعربون لصداقة دائمة ومتطورة، الآن دخلت هذه العلاقة في مسارات إستراتيجية وحيوية جديدة من خلال الشراكة في مجال النفط، وفي مجالات الزراعة والصناعة بشقيها التحويلي الخفيف والثقيل، وقريباً يتم افتتاح صروح جديدة تؤكد على هذه العلاقة، مثل مطار الخرطوم الجديد.. والمسلخ العالمي الضخم الذي يسهم في صادر اللحوم السودانية للخارج.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية