الشعبى يحشد نحو خمسة آلاف وضيوف من الخارج فى مؤتمره العام
اعضاءه ذرفوا الدموع في التأبين واليساريون يتغزلون في الترابي
(الوطني) يغازل الإمام الصادق المهدي للانضمام للحوار الوطني
الخرطوم – وليد النور
ذرف الشيخ “إبراهيم السنوسي” وأعضاء حزبه الدموع غزيرة في انطلاقة المؤتمر العام للمؤتمر الشعبي أمس، في الذكرى الأولى لرحيل عرَّاب الحركة الإسلامية الدكتور “حسن عبدالله الترابي” الذي تبارى قادة الأحزاب في مدحه والغزل فيه من أبنائه المنشقين، (المؤتمر الوطني) وصهره (رئيس حزب الأمة القومي) ومعارضوه الأشداء من الشيوعيين والليبراليين. وعندما همّ “السنوسي” بتقديم كلمة الترحيب بضيوف المؤتمر، وعدَّدت مقدمة البرنامج كيفية تسلمه الأمانة قبل أن يقبر الشيخ (الترابي) وصموده أمام الصعاب الذي واجهته، لم يستطع إخفاء دموعه التي تدفقت بغزارة وكثير من الشعبيين الذين وقفوا وترحَّموا على زعيمهم الراحل. وحشد المؤتمر الشعبي لمؤتمره العام المنعقد أمس واليوم بأرض المعارض ببري نحو خمسة آلاف عضو، توافدوا منذ الساعة الثامنة صباح أمس (الجمعة)، إلى قاعة أرض المعارض، حيث امتلأت القاعة الرئيسة وسط ترتيب دقيق للضيوف القادمين من (روسيا وتركيا وماليزيا وهولندا بجانب كينيا ويوغندا والسنغال ونيجيريا واليمن). حضور لم تشهده الأحزاب السياسية السودانية غير المؤتمر الوطني في الوقت القريب، حيث جمع المؤتمر الشعبي الأحزاب السياسية من أقصى يمينها المؤتمر الوطني والأحزاب المحاورة إلى أقصى اليسار الرافض للحوار بقيادة الحزب الشيوعي السوداني بجانب الحضور الأفريقي والآسيوي وسفراء كل من: دولة الجنوب واريتريا وإثيوبيا، وأنشدت الفرقة القصائد الإسلامية التي كان يترنم بها الإسلاميون قبل المفاصلة الشهيرة التي شقت الإسلاميين إلى مؤتمر وطني وشعبي، وذكر بعض الضيوف أنهم لم يأتوا إلى الخرطوم منذ قيام المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في تسعينات القرن المنصرم، وبعض الإسلاميين لم يلتقوا منذ المفاصلة إلى يوم أمس، حيث ذكرها رئيس حزب حركة “الإصلاح الآن” الدكتور “غازي صلاح الدين” كأنه رأى تلك الوجوه من قبل.
وابتدر الأمين العام للمؤتمر الشعبي الشيخ “إبراهيم السنوسي” حديثه بالترحم على الشيخ الراحل الدكتور “حسن عبدالله الترابي” ثم بتحية ضيوف المؤتمر الذين حضروا من كل بقاع العالم وتحدُّوا الصعاب من أجل الوصول إلى السودان للمشاركة في هذا المؤتمر العام الذي يعقد بعد رحيل زعيم الحزب، وحيَّا المشاركين من داخل البلاد بمختلف انتماءاتهم. وقال: إن هَم المؤتمر الشعبي تحقيق الرفاهية للمواطن وتأمين حرياته لكي يمارسها في أنشطته الحياتية دون حجر، وتابع أن المؤتمر الشعبي يعتبر قائد مسيرة الحركة الإسلامية التي انبثق فجرها في الأربعينات متمثلة في حركة التحرير الإسلامي قبل الاستقلال، ثم جبهة الميثاق والجبهة القومية الإسلامية والمؤتمر الوطني، وأخيراً المؤتمر الشعبي، وسيظل الشعبي مناصراً لقضايا الحرية، بها تتأس عهود الشراكة في الحكم والسلطة دون تنكيل أو تعذيب أو كبت ولا انتهاك لخصوصية إلا عبر قضاء عادل ونزيه وقيام، ليكون الجميع سواء أمام القانون، مؤكداً أن الحرية تتصل بالشورى والحكم الرشيد، وقطع بأن القضية الفلسطينية ستكون لها الأولوية لدى المؤتمر الشعبي. وزاد: (لا تحاور ولا صلح ولا تطبيع مع إسرائيل أبداً)، وسنقاوم الاحتلال الفلسطيني حتى تتحقق الحرية لهم. وتابع “السنوسي” لازلنا في المؤتمر الشعبي نتطلع إلى تكريس الشورى في أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، لأننا (لا نقول ما لا نفعل ولا نفصح إلا ما اتفقت عليه عضوية المؤتمر الشعبي التي تداولته داخل أجهزتها بمزيد من الشورى والمؤسسية)، لأن الشورى ملزمة لتحقيق العدالة لاستيعاب المكونات الإسلامية والوطنية، لأننا نجمع ولا نفرق حتى يتحقق الرفاه للشعب، ودعا الأحزاب والقوى السياسية إلى نبذ التناحر والتخاصم والسعي إلى الوحدة والتوافق والعمل من أجل مصلحة البلاد، وأضاف: (حانت ساعة الوحدة والانطلاق نحو المستقبل الزاهر للمؤتمر الشعبي)، مؤكداً أن مخرجات الحوار الوطني أجيزت بالتوافق لبدء مرحلة جديدة تتأسس فيها قواعد لحكم البلاد، لأن ليس بالضرورة مَن يحكم، ولكن كيف يحكم؟ ولذلك جاء في برامجنا الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد.
“المهدي” والجدليات العشر
فيما ابتدر رئيس حزب الأمة القومي الإمام “الصادق المهدي” حديثه بتكرار العزاء لأعضاء حزب الشعبي في فقدهم، ووصف فقده بالامتحان للشعبي وعليهم بالصبر. وقال: إن التحدي الذي يواجه المؤتمرين في الشعبي متمثل في التوفيق بين خطين، هو أن تكرم القوى السياسية أو تهان. وأضاف: ذلك يتم بتحقيق الجدليات العشر (الأصل والعصر الدين والدولة – الحرية والجماعة – الحرية والأمن – الحق والعدالة – الديمقراطية والأمانة- المركز والهامش – الجيل الحالي والأجيال القادمة الإصلاح والثروة)، مشيراً إلى أن الحوار الوطني هو محطة وله ما بعده. وتساءل هل سينتهي أم يستمر؟ ودعا إلى ضرورة تأسيس إصلاح شامل لكل القوى السياسية، وتابع: ونحنا في ديارنا السياسية سوف نواجه ذلك المؤتمر العام الثامن حول الموقف. وتابع: هل الحكومة مستمرة في تنفيذ اتفاقية خارطة الطريق التي وقعتها مع قوى نداء السودان والحركات المسلحة؟ وهل يتحقق النظام السالف أو الخالف؟ لأن السلام العادل والشامل لا يعزل أحداً ويسعى لتأسيس دستور راسخ يخرج الناس من حالة الاحتراب إلى الاستقرار.
الوطني يغازل الأمة القومي
وامتدح نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب “إبراهيم محمود حامد” جهود المؤتمر الشعبي، لأنه أول حزب لبى نداء رئيس الجمهورية وأمامه مسؤولية كبيرة، لأنه من المؤسسين للحوار الوطني وأصبح من أعمدته، وسينتظره الكثير حتى يتم تنفيذ مخرجاته، ودعا كافة الأحزاب التي لبت نداء الوطن والتي لم تأت للمشاركة فيه لإحداث التوافق الوطني وتجاوز التحديات التي تواجه أمتنا لتوحيد أهل السودان. وقال: انعقاد المؤتمر العام للشعبي جاء وسط بشريات قادمة لكل أهل السودان، منها الاستقرار وبناء دولة حديثه وبذل أقصى جهد لتحقيق السلام الذي أصبح قاب قوسين. وأردف أقول للإمام “الصادق المهدي”: إن الحوار لم ينته، لأنه ملك لكل أهل السودان وسيستمر لأنه حوار مجتمعي وسياسي وبه يتحقق ما ننشده، لأن الوطن غاية والأحزاب وسيلة ونتمنى أن يكون الحوار هو الوسيلة لتحقيق الوصول إلى الحكم، ونتفق على بناء مؤسسات حزبية قوية مثل المؤتمر الشعبي لتمارس الديمقراطية في انتخاب قياداتها، وجدد تمسك الحكومة بوثيقة خارطة الطريق الأفريقية. وقال لـ”المهدي”: (ندعوك لوضع أيدينا مع بعض لنحقق مستقبل وننسى مرارات الماضي)، وتوفير الأمن والسلام ومحاربة الفقر والديمقراطية .
“غازي صلاح الدين”
بدأ كلمته قائلاً:(عجيبة) واستطرد، كأني رأيت الوجوه هذه قبل مرة، وأشاد بممارسة الديمقراطية، وعدَّد أفضال الشيخ الراحل “الترابي”، وقال: إن هنالك تحدٍ يواجه المؤتمرين في توحيد كلمتهم ووجهتهم والالتزام بالأفكار والخروج بسياسات أخطر بالطريقة، وامتدح خطوة “السنوسي” في إفساح المجال. وقال: والآن عنقك عالية في الإيثار، ودعا إلى الأحزاب السياسية انتهاج نهج الشعبي.
“ساطع” يسطع في المؤتمر الشعبي
ألهب رئيس الحزب الوحدوي الناصري المحامي “ساطع الحاج” حماس الحضور عندما تغزَّل في زعيم المؤتمر الشعبي الراحل قبل أن يسرد الطريقة التي اعتقل بها الأسبوع المنصرم بصورة ألهبت حماس الحضور، وبدأ بالتكبير والتهليل وردد شعارات الإسلاميين وقال: (لا لدنيا قد عملنا) وقال: (إن الاعتقال الذي استمر لمدة ثماني ساعات، ذكرني بصبر “يوسف لبس” و”بارود صندل”) ثم تلى النشيد الشهير للإسلاميين:
(في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء أو ترق منهم دماء)، ثم أعقبه بقصيدة “محجوب شريف”
وتابع في نبرة حزينة أيها الإخوة المؤتمرين أقول وفي العين دمعة وفي القلب جمرة وحسرة، لأن شيخنا “الترابي” الذي كان يجلس في هذه المنصة كان (اسمه حَسناً وحُسناً في ملبسه وفي علمه وفي دينه في كل شيء)، وعند المفاصلة كان (يمكنه قلب عاليها واطيها)، في إشارة منه إلى الحكومة، ولكنه لجأ إلى المحكمة الدستورية لإيمانه بالحريات.