"الترابي" يرفض بناء قبة له في المقابر وقيادات الشعبي تستعد لانتخاب الأمين العام
مشاهد من المركز العام قبل يومين من المؤتمر العام
“الأمين عبد الرازق” يكشف عن قيام كيان جديد بديلاً عن المؤتمر الشعبي ويباهي بالتنظيم
الخرطوم – طلال إسماعيل
لا يكاد المركز العام للمؤتمر الشعبي بشارع “أوماك” الشهير بوسط العاصمة الخرطوم، يخلو من نشاط واجتماعات متعددة، بعد أن اقترب المؤتمر العام من ميقاته مع الذكرى الأولى لانتقال الشيخ “حسن الترابي”، بينما توزعت اللجان من مطار الخرطوم الدولي تنتظر ضيوفها إلى معرض الخرطوم الدولي، حيث يقام المؤتمر، وجامعة الخرطوم والمجلس الوطني وجامعة النيلين تنتظم في إحياء قيمها عبر الندوات السياسية والاجتماعية والفكرية والفنية.
وامتدت عشرات اللوحات تجدد معاني المدرسة “الترابية” في الإحياء، ثمة عبارات متفرقة من كتب الشيخ “الترابي” تذكِّر الناس بأصول الحريات في الدين وحقهم في ممارسة العمل السياسي، مروراً بدور المرأة في النهوض بالمجتمع.
يقول أمين أمانة المغتربين والحركات الإسلامية بالمؤتمر الشعبي السفير “إدريس سليمان” للصحفيين أمس (الثلاثاء): إن المؤتمر العام هو أعلى هيئة في المؤتمر الشعبي الذي يمثل كل عضوية الحزب من كل السودان، ويمثلهم ألف مندوب من (18) ولاية من ولايات السودان، بعد أن تم تصعيدهم من قبل القواعد، ويضيف بالقول :” هذا المؤتمر سوف ينعقد يومي (الجمعة) و(السبت)، سوف يناقش المسائل الكلية المتعلقة بالمؤتمر الشعبي، يحاسب كل الأجهزة التنظيمية التي تمثلها الأمانة العامة والأمين العام والقيادة ومجلس الشورى، بعد تقديمهم لتقارير أمام المؤتمر العام، ويتخذ التوصيات اللازمة والقرارات الملزمة فيما يتعلق بأداء الحزب ومسيرته خلال السنوات الماضية.
المسألة الأخرى ينظر المؤتمر العام في سياسات المؤتمر الشعبي المستقبلية، هو يرسم الخطوط العامة لمستقبل الحزب وستودع الهيئات الأدنى بعدد من الأوراق لعضوية المؤتمر العام، من ضمنها الورقة السياسية والورقة الفكرية والورقة الاجتماعية والاقتصادية. كل هذه الأوراق ستجاز في المؤتمر العام وتضع خطوطاً عريضة تلزم بها الهيئات الأدنى. المسألة الثالثة أن المؤتمر العام ينتخب هيئة الشورى، باعتبارها أعلى هيئة بعد المؤتمر العام، الذي ينعقد كل (4) سنوات، وسينتخب المؤتمر العام الأمين العام للمؤتمر الشعبي، وذلك بعد انتقال الشيخ “حسن الترابي” إلى الرفيق الأعلى”.
وكشف “سليمان” عن وضع لائحة للمؤتمر العام تحدد انتخاب الأمين العام، ويجيزها المؤتمر العام. وقال :” هنالك لجنة فنية مناط بها وضع الطريقة الخاصة بذلك، ومن تجاربنا السابقة نستخدم التصويت السري بعد إجراء الجرح والتعديل، مجلس الشورى يوم (الخميس) سيحدد (3) مرشحين للمؤتمر العام، ومن حقه أن يزيد أو ينقص في عدد المرشحين. ونحن الحمد لله ما عندنا شح في القيادات، ويمكننا أن نرشح (100) شخصية لتولي موقع الأمين العام للحزب، وقصة المشاركة نحن حسمناها بالشورى، وطرحت هذه المسألة على مستويات مختلفة، وطلبنا من الأمناء في كل الولايات أن يأتوا إلينا بآراء عضوية المؤتمر الشعبي في كل الولايات، وناقشنا في الأمانة العامة ورفعنا للهيئة القيادية في اجتماع استمر لمدة (17) ساعة، وخلصنا إلى قرار المشاركة والجميع ملزمون بهذا القرار، إلا يجئ المؤتمر العام ويراجع القرار.
الأمين عبد الرازق يباهي بالعمل التنظيمي
يقول نائب رئيس لجنة المؤتمر العام “الأمين عبد الرازق” مسؤول الاتصال التنظيمي: إن المؤتمر الشعبي أكثر حزب منظم في السودان، تنظيماً وفكراً وسياسية، وزاد :” اعتقد أننا رقم واحد، وهذا واقع سياسي بصفتي أمين أمانة الاتصال التنظيمي، نحن موجودون في أكثر من (80 %) من ولايات السودان. السودان به (182) محلية، ونحن موجودون في (145) محلية من محليات السودان، هياكل تنظيمية ومكاتب، ولدينا وجود في (23) محلية أخرى، لكن ليس لدينا هياكل، و(12) محلية بسبب ظروف الحرب في جنوب كردفان ودارفور، لم نستطع أن نصلها، لكن نسبة وجودنا تبلغ (80%) من السودان بهياكلنا التنظيمية.
منتشرون في كل الوحدات الإدارية بالسودان، وهذا المؤتمر العام تتويج لنشاط حزبي وليس هدفاً في حد ذاته، و(85%) من عضوية المؤتمر العام تم تصعيدها من (18) ولاية، ويمثلون كل المجتمع وكل فئاته، ونحفظ نسبة تمثيل النساء بحسب النظام الأساسي (20%)، وتمثيل للطلاب والشباب والنقابات والمهن. ونحن لدينا (18) أمين أول، منتخب في كل ولايات السودان، منتخب انتخاب حر مباشر من قواعد الحزب. (85 %) من عضوية المؤتمر العام تمثل الولايات بالانتخاب الحر والمباشر من قبل الهياكل التنظيمية، ولدينا استكمال (15%) القائمة القومية وتمثل الأمانة العامة والقيادة وأمناء سابقين كانوا في الأمانة العامة تحمَّلوا المفاصلة والسجون منذ العام 2000م، وكانوا أمناء في وقت يعز فيه الرجال وتعز فيه النساء أيضاً، ولدينا المغتربين أيضاً، ونحن غرَّابة وشرَّاقة وشمال ووسط، ونحن أم درمان الفن والرياضة والثقافة، ونحن بحري الأناقة، ونحن الخرطوم الرقة والظرافة، نحن ديل كلهم، ونحن في خور برنقا، ونحن في سواكن، ونحن في حلفا والجبلين والكاملين وكرري والدبة، ونحن زي ملح الأرض موجود في كل مكان مزروع، ونحن نتباهى بهذا ونترحم على شيخنا “الترابي” ونجدد قيم الدين. و”حسن الترابي” هو السلعة الوحيدة التي صدَّرها السودان للخارج. الإنسان الوحيد الذي صدَّر فكراً للأتراك وللفلسطينيين وللجزائريين وللشيشان وللأمريكان والبريطانيين، و”الترابي” والنيل في السودان شيئان واضحان جداً.
“الترابي” يرفض بناء قبة له
يواصل “الأمين عبد الرازق” ذكرياته مع الشيخ “حسن الترابي” ويقول :” وأحكي لكم عن موقف مرَّ بي عندما كنت أمين الشؤون الإدارية بالمؤتمر الشعبي مع الشيخ “حسن الترابي”. وقال لي :” إذا مت ح تدفنوني وين؟، رديت عليه:” أهلنا الصوفية ديل الزول الكبير بعملوا ليهو قبة، قال لي: ما عايز قبة. قلت ليهو: بندفنك في مقابر الصحافة، فطلب مني أن ندفنه بالقرب من منزله، فقلت له: يا شيخ “حسن” دي ما المشكلة، المشكلة يجينا واحد من الشيشان ومن روسيا ولَّا أمريكا عشان يشيل الفاتحة، مثلك ومثل الإمام “الشافعي”، ونحن نتباهى في منتوجه ومشروعه في الحوار من أجل وحدة السودان والمحافظة على الدين، وكان من المقرر أن يقام هذا المؤتمر في شهر أبريل الماضي وبعده المنظومة الخالفة المتجددة. ولدينا (40) مغترباً، يمثلون دول العالم بعد عقد مؤتمراتهم وسيحضرون من أموالهم الخاصة.
حل المؤتمر الشعبي وانتقاله إلى كيان جديد
ويكشف “الأمين عبد الرازق” عن إجازة المؤتمر العام للمؤتمر الشعبي في جلساته المنظومة الخالفة المتجددة، ويضيف بالقول :” المؤتمر الشعبي سينتقل خلال عام إلى كيان جديد، كيان فيه تحالف يسميه الأستاذ “حسين خوجلي” (حزب السودانيين) مفتوح على الفضاء السوداني، وهذا إذا أطلقت الحريات، لأن المنظومة مرتبطة بالحريات، وسيبدأ التبشير بها عقب انتهاء المؤتمر العام. والمؤتمر الشعبي متماسك وعبر مرحلة محنة انتقال الشيخ “حسن الترابي”، وسيكون هنالك واقع جديد بعد نهاية المؤتمر العام، بعد هذا المؤتمر نبشِّر بالمنظومة الخالفة المتجددة، وهي ليست نظام خالف تمثل أطروحات سياسية وثقافية واجتماعية حدد لها أن تنطلق بعد إجازتها من المؤتمر العام، ونحن لا نتكلم عن حل المؤتمر الشعبي، ولكن نتكلم عن فترة انتقالية يصبح الحزب باسمه خلال عام حتى نبشِّر بها في كل ولايات السودان، بعد أن وصلنا رموز المجتمع، وتوقيت المنظومة الخالفة المتجددة سيحدده المؤتمر العام، ونحن لنا أن نبشِّر بالفكرة، وهم سيأتون ليكونوا حزباً جديداً أكبر من الجبهة الإسلامية القومية، وسيقوم المؤتمر التأسيسي في الخرطوم لاختيار القيادات ولوضع الاسم الجديد للكيان، ويضعون نظامه الأساسي وبرنامجه، ولن يكون الاسم مكرراً، سنختار اسماً لا يوجد في الساحة السياسية، ونريد أن نصفِّر العداد.
لكن “إدريس سليمان” يقاطع “الأمين عبد الرازق” بالقول :” هذه تصوراتنا نحن للمنظومة الخالفة، ولكن أهل المنظومة الخالفة هم من سيحددون كيف تكون، وممن تتكون، سنكون كلنا متساوين في هذه المنظومة عند تأسيسها.”
شعبيون من أجل الحريات
وفي منحى آخر ينشط بعض كوادر المؤتمر الشعبي في مخاطبة أعضاء المؤتمر العام للتأثير على قرار المشاركة في الحكومة، ويقول “عادل حسن بن عوف” من المملكة العربية السعودية – وهو خريج كلية الطب جامعة الجزيرة العام 1995م:
إن تيار شعبيون من أجل الحريات يستمد شرعيته من طبيعة تأسيس المؤتمر الشعبي القائمة على التمسك بالمبادئ والثبات عليها وعدم التفريط فيها أو التنازل عنها، وأضاف لـ(المجهر):” نحن قادمون للمؤتمر بإذن الله بعقل مفتوح ورؤية واضحة ليس فيها تخطيط بالإطاحة أو الانقلاب على شخص ما، ولكن قطعاً سنستصحب معنا وبقوة دواعي الحاجة إلى قيادة ذات عزيمة وحكمة وحنكة وحضور محلي وعالمي تعالج وتسد قدراً من الفراغ الواسع الذي تركه رحيل الشيخ “الترابي”، رحمه الله وأحسن إليه، وتعبر بالحزب من النقطة المفصلية الحرجة التي يمر بها داخلياً على مستوى مؤسساته، و خارجياً في كل الساحة السودانية، و تهدف إلى اختيار القيادة الجديدة بالشورى وتقوى الله واختيار القوي الأمين، ذو الصدق والسبق، بعيداً عن التكتلات واللوبيات المؤسسة على الأهداف والعلاقات المقدوحة.
ويضيف “عادل” :” كما تعلم فقد أقبل الشعبي بقيادة شيخ “حسن”، يرحمه الله، على الحوار مع النظام، رغم المرارات والأذى الشخصي و تراكمات الماضي منذ المفاصلة و بعدها، ذلك لإيماننا التام أن قضايا الوطن تعلو على كل القضايا، وأن الدين يدعونا للتسامح ونبذ الشقاق لتوقي الفشل وذهاب الريح ولنعلوا فوق جراحاتنا من أجل أن يلتئم جرح الوطن النازف لعقود من الزمان، ولكن لما رأينا مباركة الأمانة و قرارها بمشاركة السلطة في الحكومة القادمة رغم تلكؤ النظام عن إجازة مخرجات الحوار وتوصياته وعلى رأسها قضية الحريات، وتنصله عن التزامه على لسان الرئيس، رأينا أن نذكِّر قيادة الشعبي بخطورة الموقف الذي وقفته والقرار الذي ذهبت لاتخاذه على حساب المبادئ و الالتزام والعهد الصارم مع الله و العضوية المتجردة والساحة السياسية السودانية وكافة أهل السودان الذين رأوا في الشعبي المنقذ والمخلص من الأزمة التي تطاولت ووضعت البلاد على شفا الحرب الشاملة والصوملة، “الانهيار الاقتصادي التام”.
ويرى أن هدفهم من المذكرة لفت انتباه القيادة إلى أنهم ضد المشاركة في هذا الظرف، بغض النظر عن التزام النظام بتنفيذ المخرجات، ويزيد بالقول :” نرفض المشاركة لالتزامنا الأخلاقي والأدبي تجاه الشعب والمنطلق من مبادئنا وإيماننا بترسيخ قيم الحرية والعدل ومحاصرة الفساد المستشري وطهارة وعفة الممارسة في مؤسسات الدولة وأجهزتها. لكن ذلك لن يتم الآن في ظل تنصل النظام وردته عن تنفيذ توصيات الحوار التي تمثل الطريق الوحيد للوصول للأهداف آنفة الذكر، فالنظام اتخذ قرارات خطيرة بمفرده، انحرفت وجافت تماماً ما تمخَّض عنه الحوار من توصيات.
مذكرات من أجل الإصلاح وليس الانقسام
ويواصل “عادل” قوله :” لم ندع لانشقاق أو مفاصلة ولا بعبارة واحدة في مذكرتنا، ولسنا من دعاة التشظي والانقسام والتفرق، لأنها مدعاة للفشل وذهاب الريح، وما من شيء أرقى وأجدى لتوصيل الرأي المختلف و(التذكرة) من وسيلة المذكرة.. والبديل لها في مضمار حرية التعبير – سيما داخل الكيان الواحد – سيكون شكلاً غير حضاري من أشكال الفوضى أو الكتمان المفضي إلى الانفجار يوماً ما، خاصةً إذا تباعدت المسافات بين أركان الكيان واستطال الظل الهيكلي وغابت الشورى بين القيادة وقاعدتها كما هو حادث في الشعبي الآن و حدث أثناء الحوار وقبيل قرار الأمانة الخطير. أما (فوبيا) المذكرات فهو جرح نفسي – نحتاج لعلاجه – ناجم عن سابقة كان لها أهداف مختلفة ابتداءً، لكنه قطعاً لن ينفي فضيلة (التذكير) بين الجماعة، لأنها أصل قرآني، لا يلغيه أحد حتى لا يسود رأي فاسد أو رأي الرجل الواحد.