الديوان

كهربائي السيارات الأسطى "محمد آدم" (كنتك)

(40) عاماً بين أصوات (الماكينات) وأزيز البطاريات ودخان (عوادم) السيارات
الأبيض – عامر باشاب
ضيف مساحتنا اليوم عاش جل عمره وسط أصوات موتورات السيارات (الماكينات) وأزيز البطاريات ودخان (العوادم) وروائح الإطارات داخل أشهر (قراش) لصيانة السيارات بمدينة الأبيض، حيث شهدت منطقتها الصناعية القديمة بداياته الأولى مع هذه الحرفة الهندسية (الميكانيكا العامة) إلى أن تخصص فيما بعد في صيانة وتصليح أعطال كهرباء السيارات ليصبح في فترة وجيزة من أميز اختصاصيي (كهرباء السيارات) في منطقة كردفان الكبرى، بل وعلى مستوى السودان.. إنه الأسطى أو المعلم الميكانيكي القدير “محمد آدم حسن إسحق” الشهير بـ(كنتك)، سجلنا زيارة خاطفة لورشته بالأبيض المنطقة الصناعية الجديدة، وكانت لنا معه هذه الدردشة.
 
{ حدثنا عن بداياتك مع هذه المهنة؟
_ البدايات كانت في فبراير العام 1969، وبفضل الله تتلمذت على يد معلمين كبار، هم الأسطى “آدم أبكر” والأسطى “أحمد الحاج تندل”، وبدأنا العمل بالمجان، وكان الأسطى يعطينا يومياً (قرشين) فقط (حق الفطور) ويوم الخميس (خمسة قروش) لغسيل الملابس، ورغم ذلك نعمل بهمة ونشاط ونأتي للورشة قبل الموعد.
{ ومتى تسلّمت أول راتب؟
_ أول ماهية تسلمتها بعد ثلاث سنوات من العمل، بالتحديد في العام 72 وكانت (واحد جنيه).
{ وكيف وصلت إلى درجة الأسطى؟
_ تدرجت في المهنة التي أحببتها من تلميذ إلى تلميذ متفتح حتى وصلت إلى مساعد أسطى في العام 76 وفي عام 80 أصبحت صنايعياً في كهرباء السيارات، وأسست ورشة خاصة كانت في البداية بقلب مدينة الأبيض بموقف أم درمان (الميناء البري حالياً) وبعدها إلى الورشة الحالية بالمنطقة الصناعية الجديدة التي أنشئت بقرار من الضابط التنفيذي ببلدية الأبيض السيد “حسن جبريل الزبير” والحمد الله  ما زلت مستمراً حتى الآن.. (40) عاماً في الأشغال الشاقة بين السيارات وأصواتها ودخان عوادمها، ورغم اختلاف الظروف وتغير الأحوال عايشين برضا تام.
{ ألم تفكر في الاغتراب بالخبرة الطويلة الممتازة؟
_ جاءني عقد للعمل بالمملكة العربية السعودية عام 84 وعقد آخر في عام 86 للعمل في الإمارات بواسطة الصديق “حماد آدم خاطر” وغيرها من العروض رفضتها جميعها لارتباطي بالوطن خاصة مدينة الأبيض.
{ حدثنا عن أجواء المنطقة الصناعية في تلك الأيام؟
_ المنطقة الصناعية في الأبيض كانت تشهد حراكاً ونشاطاً كثيفاً، وكل شيء يسير بنظام وضبط وربط، وكانت السيارات بمختلف أنواعها تتزاحم داخل الورش و(القراشات)، وكانت السيارات الحكومية والملاكي جميعها تخضع لفحص عام وصيانة دورية.. وبالنسبة للمركبات الحكومية كانت أعطالها خفيفة لأن (السواقين) كانوا يحافظون عليها بإتباعهم إرشادات السلامة.
{ ومن هم ابرز الصنايعية وقتها؟
_ المنطقة الصناعية كانت تحتشد بالمعلمين الكبار من الصنايعية والحرفيين الذين لديهم خبرة ممتازة في مختلف الحرف الصناعية.. في مجال كهرباء السيارات أذكر مثلاً  “أحمد شجر”، “حاج الباهي”، “عباس عبيد” و”إبراهيم سيد أحمد”.. وفي مجال الميكانيكا “جمعة بلل”، “الناير جار النبي”، “سلامة المصري” و”الولز رزق”.. وفي مجال الحدادة “عبيد سليمان”، “عبد الرحمن” (أبو ستة)، “بحر سليم” و”محمد شريف”.. وفي النجارة، كان أبرز النجارين “حسن جمعة النضيف”، “نور الوجود”، “السر حسن حسين”، “باب الله”.. وفي مجال (السمكرة) “يوسف مرسال”، “إبراهيم المصري”، “السر إلياس”  “جاد كريم”.. أما  (البوهيجية) فمنهم “أحمد عطية”، “حاج إسماعيل”، “رابح صديق”، “طه أحمد”.
ومن الخواجات أذكر الخواجة “براكو” (ميكانيكي)، “الوز رزق” (كهرباء سيارات)، أروان (سمكري)، خواجة “قاب” (حداد يايات).. ومن تجار الإسبيرات الخواجة “سوسو” والخواجة “أمين” والخواجة  “أيسر”.
{ ماذا عن الأحوال الآن في الأبيض؟
_ الأحوال تغيرت كثيراً بالنسبة للمنطقة الصناعية لم تعد كسابق عهدها، لكن اللافت والمدهش بالأبيض والذي يستحق التعليق والإشادة الطفرة العمرانية والنقلة الحضارية التي أحدثها نفير النهضة.. حقيقة نحن كمواطنين سعداء بالإنجازات التي تحققت في عهد الوالي مولانا “أحمد هارون”.
{ بين الأمس واليوم.. ماذا اختلف في عالم السيارات؟
_ السيارات أيام زمان كانت متينة وقوية في تصميمها من الداخل والخارج.. أما الآن كل شيء في السيارة أصبح تجارياً.
{ ما هي أنواع السيارات القديمة التي عملت على صيانتها؟
_ السيارات وقتها كانت محصورة في الماركات الإنجليزية والإيطالية  واليابانية والألمانية، واذكر منها (اللاندروفر، جيب الولز، جيب فرناطة، الكومر، الميركن، لوري نيسان، سفنجة أوبر سايس، هينو، تيمس، تايوتا زوزو، الفيت، البرس، المورس، الهامبر، الفولغا، أوبل، زوفير، موزتفتش، الهيلمن وبارلينا).
{ من أين جاء لقب (كنتك)؟
_ (كنتك) هذا اللقب جاء من (الكنتاك) أي (الهزر)، وطبعاً صيانة أعطال مصابيح أية مركبة لا بد من اختبارها، وبعد الصيانة كنت أطلب من صاحب العربة اختبار الإضاءة بعبارة (كنتك) ومن هنا سار اللقب.

{ ماذا عن تفاصيل كهرباء السيارات؟
_ تشمل فحص الأجهزة التي تزود السيارة بالطاقة الكهربائية مثل البطارية والدينامو (المغنيتا)، وأجهزة التحكم في الإضاءة والتحكم في الوقود والتكييف، وحديثاً دخلت أجهزة التحكم في إغلاق الأبواب وزجاج النوافذ، بالإضافة إلى أجهزة الصوت (المسجل والراديو).
{ الابتكارات الحديثة في مجال فحص وصيانة السيارات هل أثرت على عملكم؟
_ تأثير طفيف ورغم ظهور تكنولوجيا الفحص والصيانة إلا أن وجود الفني والصنايعي مهم للغاية، وهناك أعطال داخل السيارة لا يمكن صيانتها بالأساليب الحديثة.
{ ابرز الشخصيات التي تتردد على ورشة (كنتك)؟
_ “عثمان السيد عبد الباقي” و”صديق محمد خير” من أعيان مدينة الأبيض، “كباشي راشد” (تاجر) من مدينة النهود، القاضي “الجيلي عبد الفضيل” والمهندس “إبراهيم آدم” من وزارة التشييد والأشغال و”أحمد حسنين” وكيل شركة (شل). 
{ كلمة أخيرة؟
_ أطالب الجهات المسؤولة بالحكومة الاتحادية والولائية أن يلتفتوا إلى قطاع الحرفيين ويدعموهم بكل ما هو جديد لتطوير أعمالهم والارتقاء بها ومواكبة الحداثة في جميع المجالات.. مثلاً نحن في هندسة كهرباء السيارات نعمل الآن بمعدات بدائية جداً وظللنا بمجهودنا الشخصي نطور في حدود الإمكانات المتاحة، ونشعر أن لدينا القدرة على الابتكار إذا وجدنا المعينات. وفي الختام الشكر لصحيفة (المجهر السياسي) على هذه الزيارة وعلى اهتمامها بالحرفيين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية