الديوان

بين أزقة وأركان سوق "أبو جهل" العتيق

جولة مجهرية مع أنفاس التراث
الأبيض – عامر باشاب
{ (كردفان الغرة أم خيراً جوه وبره) هذه المقولة القيمية يؤكدها  الخير الوفير الذي يملأ أزقة وأركان سوق  “أبو  جهل”  العتيق و”أبو جهل” الذي يؤكد المؤرخون نشأته  في القرن الثامن عشر، إلا أنه  ومع مضي السنوات وتقادم الأزمان ما زال يحتفظ بمكانته التاريخية وبدوره في الحركة التجارية والحراك الاجتماعي الثقافي،  عبر احتفاظه  بالإرث القديم من تقاليد وثقافات الحرفيات والمصنوعات اليدوية المحلية الخاصة بمنطقة كردفان الكبرى، وغيرها من المعروضات السودانية العتيقة حتى الاسم التاريخي “أبو جهل” أصبح غير قابل للنسيان رغم إطلاق المسمى الجديد وهو (سوق بن مسعود) .
التراث يتسيد المشهد
{ رغماً عن حركة التجديد اللافتة للانتباه إلا أن الأجواء هناك تحملك ما بين الماضي والحاضر ويبقى التراث هو الغالب على الملمح العام للسوق ويتسيد المشهد هناك، حيث المئات من المحال التجارية القيمة ما زالت على تماسكها وسط المئات من المحال التي انضمت إلى السوق في توسعته الجديدة، ليصبح السوق مجمعاً ضخماً للمحال التجارية مختلفة الألوان والأشكال والأصناف التجارية، ومزاراً يومياً للملايين من ألوان البشر من داخل كردفان وخارجها بل ومن خارج السودان.
المنتجات المحلية
{ من يدخل السوق يلاحظ الوجود الأجنبي في أجزائه يبحثون عن المنتجات والمحصولات المحلية، مثل  اللالوب والمليل والكركدي والدوم والنبق والتبلدي (القنقليز)، والسمسم والفول السوداني والصمغ العربي والقضيم  والبامية المجففة (الويكة) بأنواعها والشطة المجففة، بالإضافة إلى عسل النحل الطبيعي والأعشاب البلدية التي تستخدم في العلاج مثل الغبيش  والمحريب والحرجل وبذر الخل الدمسيس والقرض، بالإضافة إلى التراثيات التي تتواجد بكثافة بأنواعها المختلفة المصنوعة من الجلد والفخار والسعف أو (الزعف) والخشب والحديد  .. المفراكة والقرقريبة.

كيان اجتماعي ودنيا ضاجة
الأستاذ “صديق محمد إبراهيم” من قدامى التجار المرابطين هناك قال عن (سوق أبو جهل)،  إنه عبارة عن دنيا ضاجة بالحياة وعالم خاص وكيان اجتماعي له خصوصيته الفريدة، فهو لا يشبه إلا نفسه وكل شيء موجود في داخل بطن “أبو جهل”. وأضاف السوق رغم التطور الذي تشهده مدينة الأبيض ما زال محتفظاً بمكانته وخصوصيته. وأشار إلى أن هناك تجاذباً بين فريقين من تجار السوق (الملاك)، فهناك من يريد تطور السوق مع الحفاظ على شكله التقليدي، وهناك من يريد أن يعاد بناؤه من جديد على الطراز المعماري الحديث للأسواق. وأنا شخصياً أرجو في كل الأحوال أن يبقى الأثر الاجتماعي والثقافي للسوق. وختم حديثه لنا قائلاً: شوف يا ابني أهل كردفان لا ترتاح نفوسهم إلا بعد زيارة هذا السوق، حتى وإن كانوا لا يرغبون في شراء أي شيء من داخله. وتمنى أن يصبح السوق ضمن المواقع العالمية لعرض التراث المسجل في المنظمات العالمية المهتمة بحماية التراث.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية