أزمة المياه في الخرطوم .. عجز الإدارة وضعف الخيال
{ تنقطع المياه لأيام وليالٍ عن صنابير أحياء الخرطوم الراقدة على النيل.. أعظم أنهار الدنيا.. ومبرر الهيئة هو الصيانة في محطة مياه المقرن..!!
{ الصيانة صارت هي (شماعة) الأزمات، فالصيانة الدورية لمصفاة “الجيلي” تعني أزمة في الغاز، وصيانة محطات المياه تعني العطش والجفاف والتصحر، وصيانة التوربينات أو الوحدات الحرارية تعني انقطاعاً في الإمداد الكهربائي، وهذا بالطبع لا يحدث إلا في السودان، حيث تظل باستمرار في العالم من حولنا، بدائل جاهزة واحتياطات لسد النقص المتوقع في فترات الصيانة، حتى أن المواطن في تلك الدول التي تعمل بدرجة عالية من التقدير له، لا يشعر مطلقاً بأن صيانة أجريت هنا أو هناك.
{ عندما قررت حكومة ولاية الخرطوم زيادة تعرفة المياه لثلاثة أضعاف سعرها القديم، كتبت في هذه المساحة مؤكداً أن زيادة الرسوم لن تحل مشكلة لهذه الهيئة ولا غيرها من الهيئات والمؤسسات الحكومية، والدليل على ذلك أن هيئة مياه ولاية الخرطوم صارت تحصل على إيرادات مضاعفة لتلك التي كانت تحصل عليها قبل عامين مثلاً، كما أن آلية التحصيل سريعة ولا احتمال للتهرب فيها من السداد، لأنها ارتبطت مع فاتورة الكهرباء، فمن أراد الكهرباء عليه بسداد فاتورة المياه أولاً، وإلا فالظلام.. والحر وتوقف الثلاجات والتلفزيونات والموبايلات والغسالات وكل آلة كهربائية وإلكترونية.
{ ورغم التحصيل المستمر على مدار اليوم عبر نوافذ شركة توزيع الكهرباء، إلا أن مشاكل المياه مستمرة وبلا انقطاع!!
{ في “مصر” التي يصلها النيل ضعيفاً وشريطاً.. بعد مسيرة أسابيع من مروره بأراضينا، لا تنقطع المياه عن الدور الـ(20) في عمارة سكنية تحتشد بعشرات الشقق وسط آلاف العمارات في بلد يبلغ سكانها (93) مليون نسمة، فكيف تنقطع المياه عن أحياء في الخرطوم لا تبعد عن النيل سوى (مائة متر)؟!
{ في منطقة “الخرطوم شرق” تتوالى هذه الأيام حلقات مسلسل انقطاع مياه الشرب.. والعذر الصيانة!!
{ والحكاية ليست صيانة ولا يحزنون، أصل الحكاية ضعف همتنا وضعف خيالنا، وعدم المحاسبة والمراقبة والاستهانة بالمواطن.
{ المياه تنقطع لأسابيع في بعض مناطق العاصمة، دعك من بقية الولايات الصحراوية، ولا حياة لمن تنادي، لقد أسمعت إذ ناديت حياً.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
{ إنه نموذج حي على الفشل الإداري الذريع في مؤسسات الدولة.