شعب لا يعرف الاحتفاء بأبنائه
أخي الأكبر “الهندي عز الدين” كل سنة وأنت طيب، واسأل الله أن يحفظك من كل سوء، وما أعظم السوء الذي يترصدكم به أصحاب النفوس المريضة والحاقدة، وصدقني أخي الكريم إن دعوات الكثيرين من محبي قلمك وجرأتك ووطنيتك وغيرتك على الوطن تحفظك من كل سوء بإذن الله. فنحن واعون ومدركون للحرب القذرة التي يديرونها ضدكم، فبالله عليك دعك من الحاقدين والمتربصين (وسارقي مقالات الشهداء) ولا تفرد لهم المساحات للرد عليهم، فالوطن ومشاكله أولى بتلكم المساحات.
أخي الكريم أوردتم في صحيفتكم ما ذكرتم أنه تنقيب في حياة الشهيد “مكي علي بلايل”، وذكرتم أنه كان ينام مع والده في (مستشفى الخرطوم) أثناء مرضه، وأشرتم أيضاً إلى سكنه وسط أهله الغبش الطيبين في أم بدة، وما علمتم أنكم بما ذكرتموه زدتم ألمنا وإحباطنا، ليس اعتراضاً على مشيئة الله، لكن إحساس الألم والإحباط يأتي من أن البلاد قد فقدت رجلاً في عفة ونقاء الشهيد “مكي”، رجل بهذه الحال هل يمكن أن تمتد يده إلى مال السودانيين العام؟.
سيدي “الهندي” نقبوا في حياة من هم أمثال “مكي” وهم ليسوا بقليل رغم التغييب الذي مورس ضدهم، نقبوا لنا في حياة الشهيد “علي عبد الفتاح” و”ماجد كامل” و”مختار دفع الله” وأصحابهم، اكتبوا عنهم الكتب لأن حياتهم مليئة بالدروس في حب الوطن والعفة والنقاء رغم صغر سنهم: فهؤلاء غيبهم الموت دفاعاً عن الدين والوطن، فلا تغيبوا سيرتهم عن شباب السودان،فلابد أن نستفيد منها (لا سامح الله من خان دماءهم، وتاجر بقضيتهم من الذين يدعون (الانتباهة) وهم في غفلة من أمرهم لو كانوا يعلمون.
أخي “الهندي” تخيل كيف يكون الحال، لو أن من يدير السودان هم أصحاب “علي عبد الفتاح” والله لو كانوا هم الحاكمين، وهم الزاهدون، لأقاموا المشانق لآكلي مال الشعب، وما فرطوا في شبر من أرض الوطن، كيف لا وهم الأنقياء الأصفياء المتزودون بالعلم حيث إنهم كانوا ينتمون إلى جامعات المقدمة في السودان.
أخي الكريم، نحن شعب لا يعرف الاحتفاء بالأخيار من أبنائه، لابد للناس أن يعرفوا هؤلاء الأوفياء لدينهم ووطنهم، لابد لنا أن ننقب في حياة “الهندي عز الدين” ويتعرف الشباب على بداياته الصعبة، وكيف وصل إلى ما وصل إليه (أعني بالتأكيد ذلك القلم الجريء)، أبرزوا لنا دور الصحفيين الوطنيين الذين حاربوا بأقلامهم، يجب أن نتعلم كيف نحتفي بالطيبين الأخيار من أبناء هذا البلد حتى نزيد مساحات الأمل والتفاؤل لدى هذا الشعب.
أخي الكريم، نحن في حاجة إلى رجال يبكون دماً عندما يكون المزروع من قطن السودان 12% فقط من المساحة المقررة زراعتها، أخي “الهندي” ألا تتفق معي بأننا شعب منحوس؟ حيث إننا في كل صباح نفقد وطنيين حقيقيين نحن في حاجة لهم من لدن الشهيد “الزبير” وحتى الشهيد “مكي” وصحبه، بينما آخرون من وزراء (البزنس) تسقط بهم الطائرات فينفضون الغبار عن ملابسهم ويواصلون غيهم وتكبرهم على الشعب، وعلى (نواب الشعب) ـ إن كان لنا نواب ـ لا اعتراض لدينا على مشيئة الله، لأننا نحسبه إن شاء الله خيراً لأهل السودان .
أخي الكريم، ملأ الإحباط والألم نفوسنا وفقدنا الثقة في الحكومة والمعارضة، بل في كل من يمارس العمل العام في السودان، لكننا مازلنا نحتفظ بقليل من الأمل في الشباب الواعي من طلاب السودان، وما زلنا نأمل فيكم كصحفيين وطنيين، فبالله عليك أخي “الهندي” لا تخذلونا .
اشرف محمد حسن محمد
جامعة الخرطوم (كلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية)