الحاسة السادسة
رشان أوشي
لاجئون بلا ضوابط!
الإنسانية ليست قيمه مطلقة، بل تحكمها ضوابط، كما أن للتضامن حدوداً، عندما ازداد عدد اللاجئين السوريين في البلاد، واكتظت بهم العاصمة، أخذتنا عاطفتنا السودانية المرهفة، واحتضنا مأساة شعب لم نجد منهم متسولاً من قبل ولا عرفناهم مشردين من ديارهم، لم نسمع عن أهل الشام سوى أنهم تجار وصناع، ورجال ذوو شهامة ومروءة، احتفظ آلاف الطلاب السودانيين ممن درسوا في جامعات دمشق، بذكريات طيبة مع الشوام، وكانوا أهل كرم وحفاوة، وحتى عندما أخذت “الهاشمية” بعض ناشطي الأسافير في تنظيم حملة ضد الوجود الأجنبي المتفاقم في السودان، وخاصة اللاجئين السوريين، بعد حملة إساءات للشعب السوداني ونسائه من قلة محسوبة على الشعب المنكوب، رأينا ألا نقسو كما قست الدنيا، ولكن عندما تصل الأمور إلى حد محاولة المساس بأمن البلاد التي استضافتهم في قلب عاصمتها، وفتحت ذراعيها لمواساتهم، يجب أن تتخذ إجراءات صارمة تجاه الأمر.
معلوم في كل الدنيا، أن اللاجئين يقيمون في معسكرات خارج المدن، كما تفعل الحكومة الآن مع لاجئي جنوب السودان الذين تضعهم في معسكرات بائسة في حدود الدولتين، وهم أهل دار، وأصحاب مكان، وتضع أيضاً اللاجئين الأريتريين في معسكر شقراب البائس في الحدود الأريترية السودانية، حيث تنعدم أبسط مقومات الحياة، وهم جيران أعزاء، لم نتضرر منهم على مر التاريخ، بينما يقيم اللاجئون السوريون ذوو البشرة البيضاء في الشقق الفخمة في أركويت، والطائف، ويتحركون بلا قيود.
يومياً تنشر صحفنا جرائم لأجانب، ويتضح بعدها أنهم لاجئون سوريون، من تزييف عملة، لتجارة سلاح، وتصنيع قنابل ناسفة، وغيرها من الجرائم التي كافية بأن تصنفنا كدولة راعية للإرهاب، والأمور تمضي في تصاعد حتى نكتشف أن داعش تعيش خلاياها برفقتنا في وسط أحيائنا الآمنة الهادئة المستقرة، ومأساة طلابنا الهاربين إلى جحيم الإرهابيين لم ينطفئ لهيبها حتى الآن.
على الدولة أن تضبط وجود هؤلاء اللاجئين، وأن تضعهم في معسكرات خارج المدن كما تعامل غيرهم من اللاجئين من دول الجوار.