شهادتي لله

اعترفوا أنكم مرهقون

{أجمل وأصدق ما قاله الماركسي المعتق الدكتور “عبد الله علي إبراهيم” في تشخيصه للحالة السياسية في السودان، من خلال حواره مع (المجهر) المنشور في الأسبوع الماضي، أن جميع القوى في بلادنا .. حكومة ومعارضة، تعاني من (إرهاق)، وأن الشجاعة تكمن في الاعتراف بهذا الإرهاق وأنه يعبر عن أزمة وطنية !
{وقد أصاب .. بروف “عبد الله”، فالحقيقة أن كافة الأحزاب الحاكمة والمعارضة بالإضافة إلى الحركات المسلحة في بلادنا قد بلغت مرحلة متأخرة من الرهق والإعياء، وعليهم جميعاً أن (يلزموا الجابرة) ويعترفوا بهذا المرض .
{لا شيء يمكن أن يتحقق على طريق العمل المسلح أكثر مما تحقق خلال العقدين الأخيرين، فقد دخلت الحركات عقر العاصمة الوطنية “أم درمان” نهاراً جهاراً .. بإسناد ليبي – تشادي عام 2008م، واقتحمت قبلها وبعدها عديد المدن والفرقان في دارفور  بكل أطرافها ونواحيها، وضربت مناطق كثيرة في شمال وجنوب وغرب كردفان، ثم بعد كل هذا وذاك .. لم يسقط حائط واحد في (مبنى) النظام !
{والنظام .. رغم استمراره الطويل على مقاعد الحكم، مستقوياً بأدوات السلطة ومواردها  في مواجهة معارضة أضعف، إلا أنه تعب من طول السفر، وأكل الدهر من عروقه وشرب، وغابت عن مشهد فعله (السياسي) الكثير من قياداته العميقة .. الخبيرة والرصينة، فتأثرت المخرجات، وإن بدا للبعض أن (كل شيء على ما يرام)، وأن القادم أحلى .. خاصة بعد رفع العقوبات الأمريكية المحدد بيوليو القادم .
{في ظل هذا (الرهق العام) الذي يتبدى ظاهراً على مستوى الفعل .. والشخوص .. في ملامح قيادات (المؤتمر الوطني)، وفي وجوه جنرالات التمرد “عقار”، “الحلو” و”عرمان”، مثلما  رسم الدهر معالمه على وجه “جبريل”، وتأثر “مناوي” و”عبد الواحد” وتآكلت سني عمريهما وهما ما يزالان في ميعة الشباب، فالنفوس المتعبة، والقلوب المثقلة، والعيون التي يجافيها النوم  تشيخ أسرع وتذبل قبل أوان الذبول !
{يجب أن تعترفوا جميعاً، كما قال الفيلسوف “عبد الله علي إبراهيم”، بأنكم بلغتم من النصب ما بلغتم، ولا جديد يختلف عن قديمكم يمكن أن يحل فجأة، ويغير كل طبيعة الأشياء .
{اتفقوا على ديمقراطية كاملة الدسم في 2020م، لا تتفقوا على وقف عدائيات مؤقت  وقسمة سلطة وثروة في (المنطقتين)، ودارفور .. فالبروتوكولات الجامعة المانعة التي وقعتم عليها في “نيفاشا” الكينية، لم تثمر غير (انفصال) ربع السودان .. ربع أرضه ..  وربع شعبه وتأريخه وموارده !!
{اتفقوا على ديمقراطية حقيقية تؤسس لدستور دائم ومحترم .. ديمقراطية تنازل فيها الحركة الشعبية المؤتمر الوطني في دوائر الخرطوم وجنوب كردفان، وتنازله العدل والمساواة في شمال دارفور، ويترشح “عبد الواحد” للرئاسة في 2020 في مواجهة “بكري حسن صالح”، و”عبد الرحمن الصادق المهدي”، و”حاتم السر” و”عمر الدقير”،  و”ياسر عرمان” ، فإن فاز “عرمان” .. فمبروك، وإن فاز “عبد الواحد” .. هنيئاً له، وإن لم يفوزا .. وجب عليهما أن يهنئا الفائز كما هنأت “هيلاري كلينتون” غريمها الأخرق “دونالد ترمب” !! 
{اعترفوا بأنكم مرهقون .. الحاكمون والمعارضون .. غض النظر عن رفع العقوبات الأمريكية أو تجديدها .. غض النظر عن طبيعة علاقاتنا مع السعودية أو مصر.. ويوغندا .. تحسنت تلك أم تدهورت .
{فلا شك أن العامل (الداخلي) أهم من (الخارجي) في دعم أمن بلادنا واستقرارها  وتنميتها .. ورفاهيتها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية