(تابيتا بطرس) و(دانيال كودي) يضعان قضايا السلام تحت المجهر
يحاول الفريق (دانيال كودي) قدر جهده الوصول إلى سلام دائم في السودان وجبال النوبة على وجه الخصوص، حزب الحركة الشعبية – جناح السلام عوَّل على ذلك مع رهط من القيادات لتحقيق هذا الهدف، سجل الرجل ومعه الدكتورة (تابيتا بطرس) وعدد من قيادات حزب الحركة الشعبية – جناح السلام زيارة إلى مباني الصحيفة، وكان لزاماً علينا أن نطرح عليهما العديد من الأسئلة، وتزامن ذلك مع محادثات أديس أبابا بين دولتي الشمال والجنوب، هذا بالإضافة للتطورات الميدانية المتلاحقة وارتفاع أصوات قعقعة السلاح الذي يخشى (كودي) من فلتانه ما يحيل البلاد إلى جحيم ملتهب.. فإلى تفاصيل اللقاء الذي كان نتاج إفادات مشتركة بين (كودي) و(تابيتا).
{ ما هو مصير حزبكم في حال حدوث اتفاق بين الحركة الشعبية – قطاع الشمال والحكومة؟
– الإخوان الموجودون بأديس أبابا (مالك عقار) و(ياسر عرمان) حتى هذه اللحظة هما يسميان الحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال، وهذا الحزب مشطوب في جمهورية السودان وليس له وجود، واستناداً إلى البند (16) من مقررات مجلس الأمن الدولي يقرأ أنه لا بد من حل لمشكلة الحرب الدائرة في (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) وليس مشكلة الحزب.
{ مقاطعة – ولكن فسَّر بأنه لا بد من الاتفاق معهم؟
– الاتفاق على إيقاف الحرب وليس تسجيل الحزب، هنالك فرق بين إيقاف الحرب وتسجيل الحزب، وإذا أرادوا العودة باسم حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان، ففي هذه الحالة لا بد من إعادة تسجيله كحزب مرة أخرى، أما إذا رغبوا في الانضمام لتيار السلام فأهلاً وسهلاً، ولكن في هذه الحالة يأتون كأفراد وليسوا كتنظيم.
الجانب الثالث هي المسألة الإقليمية، صحيح أن دول الإيقاد قدمت مبادرتها التي انبثقت عنها اتفاقية السلام، وبخلاف الإيقاد هنالك (23) دولة جاءت وأمنت على الاتفاقية، وهؤلاء أيضاً يمكن أن يلعبوا دوراً في إيقاف الحرب، وهنالك منظمات دولية منها مثلاً (منظمة كارتر) و(منظمة ثابو امبيكي) لجنة السلم، هؤلاء يمكن أن يسهموا في عملية السلام، نحن أقدر الناس على المساهمة في حل المشكلة.
{ هل لديكم أية اتصالات مع حكومة الجنوب أو مبادرة لتقريب الشقة بين حكومتي الشمال والجنوب؟
– نحن جزء من حكومة السودان، وبالتالي حكومة السودان لديها ممثلون يتفاوضون مع حكومة الجنوب، أما نحن كحزب فالحزب قائم أصلاً على مبادرة نعم للسلام ولا للحرب، التي أطلقها الفريق (دانيال كودي)، ونحن بالتالي ساعون لجلب السلام بين الشمال والجنوب وفي مناطق (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق).
{ ما هي طبيعة علاقتكم كحركة شعبية بحكومة الجنوب؟
– لا توجد علاقة مباشرة، علاقتنا بالسودان، لدينا علاقات مع أحزاب ومنظمات مجتمع مدني، لكن لا توجد علاقات مع حكومة الجنوب، وأية علاقة هنا ستكون عبر وزارة الخارجية السودانية، وهذا ينسحب على أية جهة خارجية باستثناء العلاقات مع منظمات المجتمع المدني أو علاقات اجتماعية، ونحن نستثمر علاقاتنا الواسعة من أجل السلام.
{ ماذا فعلتم كحركة من أجل تحقيق السلام؟
حزبنا بادر بالسلام، والفريق (دانيال كودي) جاء من الجنوب يحمل مبادرة قوية من أجل السلام، حزبنا يهتم بالإدارات الأهلية بصورة كبيرة، ويشعر بأنهم يمكن أن يساعدوا كثيراً في نشر ثقافة السلام، الحزب يهتم كثيراً ويعتقد بأن إدارة التنوع يمكن أن تكون طريقاً إلى السلام، فالسودان قطر واسع وكبير وبه ثقافات كثيرة وتراث، وكل شيء يمكن أن يؤدي إلى السلام، ثم احترام هذه الثقافات بصورة كبيرة، ومن ضمن برامجنا المطروحة برنامج المرأة والطفل، والاهتمام بالمجتمع والشأن الاقتصادي والاهتمام بالقرى والرعاية الصحية الأولية كمدخل لحل مشاكل الصحة والبيئة وغيرهما، التعليم نعتبره محل اهتمامنا الأول وأن يكون متاحاً.
{ أين قضية (جبال النوبة) من كل ذلك؟
– هناك تعقيدات طرأت بقيام الجبهة الثورية السودانية والتي ظهر فيها كل أنواع الطيف والحركة الشعبية جزء منها، وتضم حركة عبد الواحد، وحركة مناوي، وحركة العدل والمساواة، وأعتقد أن قضية جبال النوبة ذابت وأصبح الهدف الأساسي كما قال الفريق كودي، هو إسقاط النظام، هنالك تعقيدات كثيرة لذلك نحن كحزب نؤيد المباحثات بين دولتي الشمال والجنوب الجارية الآن في أديس أبابا، ونؤيد لقاء الرئيسين البشير وسلفا، وهذا ما يجلب السلام في النهاية، فإن القرارات السياسية دفع ثمنها المواطن.
{ ذكر الفريق (دانيال كودي) مرة أن الحرب الحالية في (جنوب كردفان) تختلف عن سابقتها.. كيف ذلك؟
– يجيب الفريق دانيال كودي:
الحرب التي اندلعت في (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) لديها معانٍ تختلف تماماً عن المعنى الحقيقي للأسباب التي قامت من أجلها الحرب الأولى، فالحرب القائمة الآن ليست لها علاقة بالمرة بالحرب الأولى على الإطلاق، الحرب التي اندلعت أخيراً في (جنوب كردفان) ليست لها أية علاقة بقضية (جبال النوبة) ولا قضية (جنوب كردفان) أو (دارفور) أو قضية الشمال، هدف الحرب القائمة الآن هو إسقاط النظام في الخرطوم، والاتفاقية لم تكتمل لأنهم لم يأتوا بأي أهداف تمس مصلحة إنسان (جنوب كردفان) وبنفس القدر إنسان (النيل الأزرق) وغيره، ولو أرادوا إسقاط النظام فليأتوا إلى الخرطوم من أجل ما يدعون، أضف إلى ذلك أن المشاركين في الحرب الآن يمثل أبناء (جنوب كردفان) فيهم الأغلبية، لكن قياداتهم التي تريد إسقاط النظام في الخرطوم ليس فيها اسم واحد من جبال النوبة وهذه مشكلة، أن تحارب في منطقة وقيادتها من مناطق أخرى إذا قلت (مالك عقار) أو (ياسر عرمان) أو (عبد العزيز الحلو) فليس فيهم واحد من جنوب كردفان، وهذه في حد ذاتها طامة كبرى.
{ هنالك تخوفات حكومية من مسألة مشاركة أطراف دولية لحل الأزمة؟
– أنا لا أحبذ التدخل الأجنبي في حل القضية، ولكن إذا فشلنا في الوصول إلى ذلك لا يمكن للحل أن يستمر إلى ما نهاية، وقرار مجلس الأمن يهدد الطرفين في دولتي الشمال والجنوب والمهلة تنتهي في الثاني من أغسطس المقبل، وإذا لم نسرع ونبدي حسن النية في حل القضية، فالتدخل الأجنبي حادث لا محالة، ندخل في الفصل السابع المادة (41) و(تلخبط) لينا الموضوع، لكن أنا أحبذ أن يكون حل المسألة سودانياً.
{ أين وصلت اتصالاتكم بالقادة الميدانيين؟
– نعم لدينا اتصالات مع قادة ميدانيين، ولكن لأسباب أمنية من الصعوبة أن نفصح عن تفاصيلها، وفي الإطار العام وصل بعض هؤلاء القادة إلى بعض المناطق والاتصالات جارية مع القادة الكبار.
{ ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبوه بعد نزوح المواطن العادي حتى يعود إلى منطقته وينشد التعليم والصحة وغيرهما ولتعود إليه الثقة مجدداً؟
– حاولنا إقناع بعض المواطنين بالعودة إلى مناطقهم، ولكن المواطن لا يمكن أن يعود إلا بعد التأكد من وجود مقومات الحياة التي تساعده من مسكن ومأكل وملبس وغيرها من الاحتياجات اليومية الخاصة بالتعليم والصحة وغيرهما لكننا أقنعنا الكثيرين.
{ إلى أي مدى يمكن أن يتم تطوير لقاء الرئيس البشير وسلفاكير المرتقب في أديس أبابا لحل المشاكل العالقة بين دولتي الشمال والجنوب؟
– اللقاء السابق تم بعد أن قرر الرئيس سلفاكير الذهاب إلى جناح الرئيس عمر البشير، وهذا كان مؤشراً جيداً يعكس حسن النية والأريحية التي شهدها اللقاء ويعكس الطبيعة السودانية، في النهاية اللقاء تم بعد طلب من القائمين على أمر ملف الشمال والجنوب كان بمبادرة من طرف ثالث، وبحسب معلوماتنا من أديس أبابا أن الرئيسين في اللقاء السابق اتفقا على حل القضايا العالقة والرئيسان مجابهان بجدول محدد لحل القضايا.
{ كيف تقرأ نتائج لقاء البشير وسلفا الذي سيتم في الجولة المقبلة؟
– الرئيسان في ورطة، ولا بد أن يحلو هذه القضية قبل أن يطبق عليهم قرار مجلس الأمن، وبرأيي أن الذين هربوا من كادوقلي وهي منطقة حرب واندلعت منها أقنعناهم بالرجوع إلى المناطق الآمنة، وهذه خدمات وفرتها المنظمات والقوافل الذاهبة إلى ( جنوب كردفان) و( النيل الأزرق)، ولكن المشكلة أن الدولة كانت رافضة لدخول أية منظمة سواء محلية أو إقليمية أو دولية للمناطق التي بها عمليات عسكرية، لكن اتفاقية تمت لتوصيل الإغاثة لهذه المناطق، وفخور بأن الحرب قامت بدور في هذا المنحى، حيث حاولنا الاستفادة من وقف إطلاق النار في (جبال النوبة) العام 2002م أنا ذهبت إلى الحكومة السويسرية وعملنا اتفاقية، ذهبت بصفتي رئيس الحزب، وأننا يمكن الأخذ بنموذج وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، ونعمل ضغط دولي على الطرفين المتحاربين لتوصيل مواد الإغاثة للمناطق المتحررة، الرئيسان غلبا مصلحة بلديهما إلى تم التوصل إلى اتفاق، وهنالك مؤشرات جيدة حول عمل اللجان ومناقشة كل القضايا في وقت واحد.
{ هل يجبر الوضع الاقتصادي الصعب دولتي الشمال والجنوب على التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف؟
– أولاً أنا استغرب أن دولة بكامل قواها العقلية وحريتها وبإرادتها تقرر الانتحار اقتصادياً سواء كان الشمال أو الجنوب، الدولتان لديهما مصلحة اقتصادية مشتركة لا يمكن حرمان الشعبين من مواردهم الاقتصادية هم في أمس الحاجة إليها سواء اتفاق حول نسبة البترول ولو ناس الجنوب ما أتحامقوا وقفلوا الأنابيب ما فاقم من الأزمة الاقتصادية في البلدين.
{ إلى أي مدى ذهبت مبادرتكم في اتجاه تحقيق السلام؟
– المبادرة نفسها أتت أكلها، حيث جمعت الكثير من الناس حولها ووقتها تحققت الكثير من الأشياء، أولاً كيفية إيقاف العضوية السابقة للحركة الشعبية لتحرير السودان بأن لا يرجعون إلى الحرب مرة أخرى، هنالك تشريد حدث للإخوة في (جنوب النيل الأزرق) و(جنوب كردفان) هربوا حينها بجلدهم وقت قيام الحروب، وتركوا وظائفهم وأشياءهم، إلا أن الحزب استطاع إرجاع هؤلاء الناس إلى مناطقهم ووظائفهم دون أن تتم معاقبتهم لأنهم لم يحملوا السلاح ضد الدولة
{ ثم ماذا؟
– كذلك التشرد، حيث بدأت الأسر تعود إلى الولاية، وإخواننا المنتسبون لحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان باتوا الآن يشعرون بالطمأنينة، وكانوا قبل تسجيل حزبنا مشردين ويعيشون في خوف دائم من أن يوصموا في أي وقت بأنهم من (الطابور الخامس). نحن رؤيتنا في حزب ( الحركة الشعبية تيار السلام) هي رؤية قومية صادقة ليس فيها أي نوع من الجهوية سوى إفرادنا لمسألة السلام، أقول لا بد أن نعطي مشكلة (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) الأهمية اللازمة، وللحقيقة فإن معظم عضوية الحزب هي من ولاية (جنوب كردفان) و(النيل الأزرق) و(دارفور)، وفي (الخرطوم) أغلبية ،إلا أننا لم نفكر إطلاقا بإنشاء حزب جهوي.