متى تصمتون!!
كل وزراء المالية السابقين يتحدثون عن الاقتصاد بنبرة واحدة وتعبيرات مختلفة.. السادة الوزراء السابقون من “عبد الرحيم حمدي” أكثر وزراء المالية إثارة للجدل وحتى “علي محمود عبد الرسول” وزير المالية السابق مروراً بدكتور “صابر محمد الحسن” محافظ البنك المركزي الذي مكث في الموقع الرفيع لأكثر من (10) سنوات، وحينما تم إعفاؤه من منصبه جاء بسابقة لم تحدث من قبله حينما عين رئيساً لمجلس إدارة مصرف نصفه سوداني ونصفه أجنبي.. هؤلاء السادة الوزراء السابقون القاسم المشترك بينهم هو التشاؤم وتبخيس الأوضاع الاقتصادية وإثارة مخاوف المواطنين.. يتحدثون كخبراء في الشأن الاقتصادي، ولكنهم يتجردون من كل ساتر ، وهم يشيعون الإحباط واليأس أكثر من الخبراء الاقتصاديين المعارضين.. تقرأ لهم حديثاً عن أسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني، يتوقع أحدهم استمرار ارتفاع سعر الدولار ويصف آخر الهبوط الحالي في الأسعار بغير الموضوعي.. ويذهب ثالث إلى أن العقوبات التي رفعت لن تستفيد منها البلاد.. ولم يتبقَّ لهؤلاء الوزراء السابقين غير نبوءة المنجمين التي تسير بها ركبان المعارضين والشامتين عن سقوط النظام في قادم الأيام وكل نبي يحدث نفسه بالطريقة التي يتمناها.. وحتى كبير المنجمين “بله الغائب” يبدو أكثر تفاؤلاً من الوزراء السابقين الحانقين على الذين جاءوا من بعدهم إلى كراسي السلطة.
من يقرأ د.”التجاني الطيب” وزير الدولة بالمالية في حكومة الديمقراطية الثالثة ينتابه التفاؤل بالغد رغم النقد الذي يقدمه “الطيب” لسياسات وزارة المالية، ولكنه قطعاً لا يشعر بالمرارة التي تتسلل من حروف تصريحات د.”أحمد مجذوب” أو “صابر محمد الحسن” أو “علي محمود” وهم يلهبون ظهر وزير المالية “بدر الدين محمود”، والمؤسف أن هؤلاء جميعاً رفعهم المؤتمر الوطني مقاماً علياً وأغدق عليهم الوظائف.. والألقاب.. وحمى ظهرهم من آخرين.. ومجرد مغادرة أحدهم موقعه في المالية أو بنك السودان ينقلب على عقبيه يلعن سياسات هو من وضعها.. ويسفه عطاء الذين جاءوا من بعده.. وحتى شركاء المسؤولية المباشرة، مثل د.”أحمد مجذوب” رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس الوطني ، يستل سيفه ويهاجم سياسات حكومته ويقلل من الإيجابيات ويضخم من السلبيات، وعلى ذات الدرب والطريق يمضي رئيس القطاع الاقتصادي في المؤتمر الوطني دونما اعتبار لما يعرف بالمسؤولية التضامنية وهي في الأول والأخير مسؤولية أخلاقية وسياسية.. ولكن بعد أن أصبحت الوظيفة هي الغاية والمبتدأ والمنتهى، فلا عجب أن سمعت أحد هؤلاء الوزراء يطالب بإسقاط النظام في الأيام القادمة.. لماذا لا يتعلم هؤلاء من مدرسة د.”نافع علي نافع” في الالتزام التنظيمي.. وأدب المؤازرة وتشجيع من يتولى المسؤولية العامة.. هل سمع أحد بدكتور “نافع” يلهب ظهر “إبراهيم محمود” ويقلل من سياساته التي يتبعها.. وهل قرأ قارئ يوماً تصريحاً لوزير الخارجية السابق “علي كرتي” ينتقد فيه أداء بروفيسور “غندور”؟ متى تتعلمون يا سادة، إن المسؤولية التضامنية تضعكم مع الطاقم الاقتصادي الذي يدير الملف حالياً في مرتبة واحدة.. ولماذا تجعلون من أنفسكم مسخرة في نظر الرأي العام الذي لا يحترم ما تقولون بل يسخر من دوافعكم الذاتية جداً في تبخيس جهد وعطاء إخوانكم المفترضين.