حامد.. صاحب أشهر قهوة لـ(المجهر): الببيع البن ما بخسر والما عندو قروش برضو يشرب
طق طرق يا بن.. القهوة كيف ومزاج.. خلى نعدل الرأس
كوستي – يوسف بشير
لم يدرٍ بخلد الخال “حامد” حينما أتى قبل أكثر من خمسة عقود، من نهر النيل إلى بحر أبيض، أن يطيب له المقام فيها، تحديداً في كوستي. فشرع في إنشاء قهوة، في سوقها الكبير. إذ كانت القهاوي منتشرة في بقاع البلاد بطولها وعرضها، حتى أضحت إحدى معالم الحياة، وبمرور الوقت تلاشت تلك القهاوي، ولكن الخال “حامد” متمسك بقهوته وفي باله القهوة كيف ومزاج، كما قال محجوب شريف في رائعته باب السنط. كيف لا، وقد أصبحت جزء من حياته، فضلاً عن أن قهوته أضحت من أشهر القهاوي .
}اليويبل الذهبي..
في الربع الأخير للعام الجاري، يكون الخال “حامد محمد دفع الله”، أكمل (50) عاماً، في بيع القهوة، إذ بدأ عمله في الثاني والعشرين من سبتمبر 1967م، في كشك صغير بالسوق الشعبي. يبتسم برضا متذكراً واقع المدينة آنذاك، ويضيف: (كانت البلد عامرة بالنقل النهري، والسكة الحديد شغالة، والشغل كويس). ويكمل: (كانت الحياة حلوة)، ورغم تغيُّرات الزمن، لم يبد الخال تبرماً، ولهذا، ورغم انتقاله في العام 1992م، إلى محله الحالي، في سوق كوستي الكبير، يبيع القهوة بـ(2) جنيه. وقهوة “حامد” التي يعطيها للزبون، في قهوة صغيرة مصنوعة من الحديد، سعتها (كباية) وقد تزيد قليلاً.
}يسوي الدنيا بحالو..
أوليس هذا السعر قليل؟ داعبناه، ولكنه أجاب ضاحكاً، في ثقة كبيرة: (الببيع البن ما بخسر أبداً). إنه واثق أشد الثقة في عزمه، حتى إنه لم يعلق لافتة على مدخل محله، ولا يوجد مشغل موسيقى يجذب الناس إليه، ويرى بذلك إنه يهيئ الجو لزبائنه. يواصل الخال “حامد” في حديثه لـ(المجهر)، ويقول إن قهوته لم تتأثر بالزبائن، على مر تاريخها، فالذي يذهب يأتي غيره آخر. وثمة زبائن دائمون، يأتون ثلاث أو أربع مرات في اليوم الواحد.
} لو ما عندك تشرب..
يساعد الخال “حامد” (10) عمال، البعض يلبي طلبات المؤسسات الحكومية، والبعض الآخر يعمل في صناعة القهوة وتقديمها للزبائن في المحل، فيما الآخرون يحمصون البن ويسحقوه في (الفندق) ويعبونه في زنة نصف رطل، الزنة التي يبيعها بـ(20) جنيهاً، بعد إضافة القليل من الهبهان عليه.
الـ(10) عمال، يعاملون مرتادي الدار، بلطف كبير، فالمحل يوفر القهوة للكل، سواء بمقابل مادي أو دونه. فالمهم عند “حامد” أن يشرب الجميع القهوة، ولا ينسي حظه من ارتشافها، يتناول يومياً ثلاث (جبنات)، بما يعادل (9) فناجين.
وقبل إن نودعه سألناه عن أشهر الأدباء والرياضيين والسياسيين الذين تجرعوا القهوة في محله، قال إنهم كثر، بيد إنه تمسك عن ذكر أسماء، لكنه عاد وذكر موقف طريف مع المعلق الرياضي “الرشيد بدوي عبيد” حينما زاره الخامسة صباحاً، قبل أن يفتح محله، وطلب قهوة.