رأي

عابر سبيل

     الصومالية “رون محمد”،
صومالية في السودان!
 
زاملتها في منظمة (الوحدة الأفريقية) بأديس أبابا، وكانت المشرفة على الطباعة الإنجليزية، واستفادت من دراستها في السودان في مدرسة أم درمان الثانوية للبنات، وكلية السكرتارية في المعهد الفني، في ذلك الزمان، بإجادة اللغة العربية والإنجليزية معاً. وأتذكر تماماً ذات عام في التسعينيات نسي فيها الأمين العام للمنظمة إعداد خطابه أمام قمة الرؤساء الأفارقة، فطلب مني في فترة قصيرة إعداد ذلك الخطاب.. وعكفت على المهمة من داخل مكتب تلك الصومالية، إذ كنت كلما فرغت من صفحة (درافت) دفعت بها إليها لتطبعها بسرعة البرق، فقد كانت سرعتها آنذاك (131) كلمة في الدقيقة الواحدة على الآلة الكاتبة، وبعد عشر دقائق نهضت من طابعتها ورفعت يديها لأعلى وهي تقسم: “والله يا إبراهيم معاك شيطان!”.
     المهم في الأمر أن “رون” تلك عادت للسودان بعد أكثر من خمسين عاماً، وأقامت في دارنا بأم درمان قبل أسبوعين، ومن واقع حديثها أدركت مدى ارتباط بعض الأجانب بالأمكنة والمعالم، فهي تسأل عن قهوة “الزيبق” وسوق الموية في أم درمان وأبو حمامة في الديوم الشرقية وفندق (الأكربول).
     وحاولت الصومالية “رون” معرفة بعض زميلات دراستها وعثرت على واحدة “محاسن نجيلة”، ودعتها في منزلها وطفقن_ يتذكرن زميلاتهن في ثانوية أم درمان للبنات و”محاسن” تسأل عن صومالية أخرى أين تكون؟!.
     ومن الذي قالت به “رون” بعد غيبة طويلة عن الخرطوم أن الحكومة تستحق التهنئة على الشوارع في العاصمة، فقلت لها: ليتك حضرت زمان “رامبو” نائب والي الخرطوم الذي أسموه “صواني” لولعه الشديد بصواني حركة المرور.. وكادت “رون” أن تقول لي: ” خرطومكم هذه ليست التي عرفت وعشت فيها زمان..” ولو فعلت لما لمتها، فالعاصمة تحوَّلت “لكرش فيل” بامتدادات رهيبة وأسماء عجيبة.. من سمع منكم بحي (أنجولا) في الخرطوم؟.
     قلت لـ”رون”: كان عندنا حزام أخضر لحماية الخرطوم من الأتربة والزحف الصحراوي، قتلوا أشجاره وحرقوها عمداً ومع سبق الإصرار والفاعل حكومة سابقة.. والآن تلهث حكومة اليوم لتشجير العاصمة بمليوني شجرة مثمرة ولإقامة حزام أخضر يقي العاصمة من الأهوية والأتربة وهذه المرة في أم درمان.
والله زمان يا خرطوم!.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية