رأي

عابر سبيل

أمريكا والسودان.. الحق أقول لكم!
ابراهيم دقش
      رفع العقوبات الاقتصادية والتجارية الآحادية من قبل أمريكا، كان “مفاجأة” خاصة بداية تنفيذه الفوري، مما يؤكد أن الجانبين التزما الصمت والابتعاد عن الإعلام أو التصريحات حتى نضجت (الطبخة)، وتلك أولى بوادر النجاح في أن تكتمل “العملية” بذات الأسلوب والهدوء.
وبالتالي فإن الأمر يحتاج من جانب السودان إلى تأمل وحكمة ليواكب فترة الستة أشهر التي حددتها الإدارة الأمريكية كفترة اختبار أو مراقبة في حدود المسارات الخمسة وليس من بينها – كما أشاع بعض المغرضين – مراقبة “جزئيات” الحريات وحقوق الإنسان في الممارسة الحكومية الأمنية والسياسية.
     أمريكا دخلت مع الحكومة السودانية في (حوار) له ما قبله وما بعده، وتم خلاله “تفاهم” بين الجانبين، وكل جانب أجرى حساباته، فأيقن الاثنان أن (التسوية) هي المخرج، فتنسى أمريكا شعارات النظام في التسعينات وممارساته فيما بعدها، وينسى النظام السوداني “أمريكا قد دنا عذابها” ويتقبل الأمر الواقع في ظل مستجدات تتمثل في:
–    ظهور القاعدة وتمددها.
–    ظهور (داعش) ووجودها في ليبيا وسوريا.
–    ظهور (بوكو حرام) المتشددة في غرب أفريقيا، في نيجيريا ومالي وتشاد.
–    ظهور تنظيم الشباب الإسلامي المتطرف في الصومال.
ولم تغفل أمريكا حقائق ووقائع أخرى مفادها:
•    الحرب الأهلية في جنوب السودان، وكون أن الخرطوم هي مفتاح “الحل” مما يتطلب أمناً وسلاماً في السودان قبل أن يتدخل في الموضوع ويستدعى ذكر (حظر) الفصائل المعارضة لنظام “سلفاكير” وعدم إيوائها في الخرطوم.
•    تمديد فرص السلام. ووقف إطلاق النار مع الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهو ما أقره مجلس الوزراء بإعلان وقف إطلاق النار لستة أشهر!.
•    تشديد القبضة الأمنية ضد الإرهاب، وقد أبدى السودان تعاوناً ملحوظاً وفاعلاً فيما يليه مع أمريكا.. وذلك في حد ذاته يشكِّل “عربوناً” لرفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
•    إيصال الإغاثة إلى مناطق العمليات عبر اتفاق ثنائي مع الخرطوم.
•    وقف (الزحف) الصيني والروسي على السودان الذي أعاد أجواء الحرب الباردة للمسرح السياسي العالمي.
•    مراعاة المواقف المتدنية في ليبيا وسوريا واليمن مما يستدعى كسب أراضٍ جديدة، والسودان بموقعه الجغرافي الجاذب شكل خياراً طيباً في هذه المرحلة خاصة بعد نفض يده من التعامل مع (إيران).
•    والأهم أن السودان في سبيل تطبيعه مع أمريكا، لم يتنازل عن أساسيات مثل ما يشاع ويقال إن الاعتراف بإسرائيل كان “شرطاً” وهو مجرد “شائعة” تريد بها المعارضة التي تتعاطف مع إسرائيل ترويجها للتقليل من أهمية القرار الأمريكي.. الذي عليه الوزير “غندور” ويتم التفاوض والإشادة والثناء!.
•    وأخيراً.. أمريكا ليست “هبلة” كما أن السودان ليس “ساذجاً” ومن ثم فإن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان لم يتم اعتباطاً وبالتالي لن تفلح أي مناورات مرئية أو خفية في تحجيمه أو تأجيله، أو إعادة أدراجه على يد الرئيس الجديد “دونالد ترامب”! “الحق أقول لكم”.

 
 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية