المحلق الثقافي الجزائري بالخرطوم: السودانيون أكثر هدوءاً وأقل مشاكسة من الجزائريين في رمضان!!
للجزائر في وجدان السودانيين مكانة تنهض بدواخلهم كلما ذُكرت، فهي أرض المليون شهيد، والكفاح ضد الاستيطان والتغريب، وهي الموريسكيون والعرب والأمازيغ، وهي مولود حمروش، وبن بيلا، وجميلة بوحيرد، ونسيمة بوصلاح، وهي مالك بن نبي وأحمد سحنون، والأمير عبد القادر الجزائري، وهي البحر الأبيض المتوسط والمباني البيضاء، وهي الروائيون العظام من لوكيوس أبوليوس إلى واسيني الأعرج، الطاهر وطار، أحلام مستغانمي، ياسمينة صالح، آسيا جبار، وفضيلة الفاروق، وكرة القدم والأخضر بللومي، وشبيبة القبائل والشيلف، وهي مباراة مصر والجزائر الفاصلة في الخرطوم.
والحديث عن الجزائر لا ينتهي، لكنه يبدأ، وعندما يبدأ نبحث نحن في (المجهر) عن بعض منه من لدن الملحق الثقافي الجزائري بالخرطوم السيد “علي محفوظ”، ولأن الحديث مع محفوظ ذو شجون، دعونا نقصره على رمضان، نحتفي مع أخوتنا الجزائريين ويحتفون معنا.
{ جاري الحريرة
يقول “علي محفوظ”: قبل أسبوع من مطلع رمضان تقوم النسوة الجزائريات بالإعداد التام له، من تنظيف المنازل وشراء (الأفرشة) والبهارات، وفي ليلة رمضان يذهب الجميع إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، وفي اليوم الأول تتفنن كل (ست) في مائدتها لتقدم لأسرتها كل ما لذّ وطاب من أطعمة وطيبات.
وأضاف: من أهم الأطعمة الشوربة أو (الجاري) كما يطلق عليها في بعض المناطق الجزائرية والجاري يعني السائل، وهي الطبق الرئيس في المائدة الجزائرية، ولدينا في الجزائر (48) ولاية تقسم إلى أربعة مناطق، فسكان شرق الجزائر يفضلون شوربة (الفريك)، وفي الغرب يفضلون (الحريرة) وهي شوربة تمتاز بشعبية كبيرة، أما بالنسبة للأطباق الأخرى فكل أسرة حسب إمكانياتها، فالطبق الأول هو (البوريك) والطواجن، أما الباقي فهي أشياء إضافية وبالنسبة للحلو فـ(الكسكسى) هو الأول دون منازع.
واستطرد: في الشهر الفضيل يكثر الجزائريون من عمل الخبز، حيث يتم حصر وإحصاء المواطنين الفقراء في كل ولاية وبلدية ويتم توزيع (قفف) رمضان، وهي عبارة عن (قفة) تحتوي على كل الأشياء ويتم تخصيص مبالغ مالية ضخمة، كما يقوم الهلال الأحمر الجزائري والمحسنون بالإشراف على مطاعم (عابري السبيل) في كل حي، حيث يعمل الناس فيها في سبيل الله دون أجر.
{ اللسان الحلو يرضع اللبوة
أما عن الليالي الرمضانية في الجزائر فوصفها السيد “علي” بالروعة، خاصة تلك التي تقام على شاطئ البحر، بالإضافة إلى (البقالة) وهي لعبة تلعبها النساء في أمسيات رمضان، وهي سيارة مصنوعة من الورق تحتوي على أمنيات وحكايات ويصحبها غناء يضيف على الليلة ألقاً وجمالاً.
وأشار المحلق الثقافي إلى أنه لا توجد اختلافات كبيرة بين الشعبين الجزائري والسوداني في الاحتفاء برمضان، ومضى قائلاً: لكن أكثر ما لفت نظري في الشعب السوداني أنه يتمتع بالهدوء في الشهر الفضيل بعكس الشعب الجزائري الذي تحدث المناوشات بين أفراده خاصة عندما تتبقى للإفطار ساعتان، ولكنه عاد وأكد أن الجزائريين يأتون بالكلمة الحلوة، مستدلاً بالمثل الجزائري الشهير (اللسان الحلو يرضع اللبة) بمعنى أن صاحب اللسان الحلو يمكن أن يرضع اللبوة، أنثى الأسد.
{ علاقات محدودة
لكن سعادة الملحق قال إنه لم يتناول الطعام السوداني رغم أن هذا عامه الثاني بالخرطوم، وإن علاقته بالسودانيين تكاد أن تكون محدودة، فهو يبدأ يومه بالذهاب إلى السفارة صباحاً ويبقى حتى الرابعة عصراً بعدها يذهب إلى المنزل ليعد وجبة الإفطار بنفسه، وبعد الإفطار يذهب لأداء صلاة التراويح ومن بعدها يعود للسفارة مرة أخرى ليتسامر مع أصدقائه.
ورغم علاقته المحدودة بالسودانيين إلاّ أنه وبحكم وظيفته ظل متابعاً للشأن السياسي بدقة، وقال في ذلك: إن انفصال الجنوب ما كان سيكون لولا تدخل الغرب، وأضاف: تحزنني الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلاد، وتمنى أن تأتي المفاوضات بنتيجة ولو وسطية، فخير الأمور أوسطها.