يوم في "الأبيض"
في الوقت الذي بدأ فيه المؤتمر الوطني العام منذ الآن إعداد نفسه ومراجعة سلبيات وإيجابيات تجربته الانتخابية الماضية، والاستعداد للانتخابات القادمة في عشرين عشرين أي بعد ثلاث سنوات من الآن، فإن منافسي المؤتمر الوطني المفترضين يهيمون في أودية الحكومة القومية والتحالفات الهشة مع القوى التي تحمل السلاح وتهدر تلك القوى المعارضة الوقت في الحديث عن العصيان وتمني النفس بإسقاط النظام. والقوى الحليفة للمؤتمر الوطني تعلمت شرب اللبن دون تكبد حلبه من ضرع البقرة، ينتظرون حلول الانتخابات ليتنازل لهم المؤتمر الوطني عن بعض الدوائر أي يسقط نفسه عشان خاطر عيون كحيلة، تبصر بها الحليفة لحليفها وقد أدمنت المشي مردوفة على ظهر غيرها حتى أصبحت أرجلها لا تقوى على حمل الجتة التي تضخمت وكساها اللحم والشحم، وهي تمتع نفسها بنعيم السلطة دون السعي إليها بعرق الجبين وخدمة الضراع.
المؤتمر الوطني عقد يومي (الخميس) و(الجمعة) الماضيين ملتقى لقيادات الحزب في أمانة كردفان والنيل الأبيض التي يقودها الشاب الشرقاوي “حسب الله صالح” أحد قيادات المؤتمر الوطني القادمة قريباً جداً إلى الجهاز التنفيذي، والملتقى الذي استمر لمدة يومين وحضره نائب رئيس الحزب المهندس “إبراهيم محمود حامد” ود.”عيسى بشري” و”مصطفى كبر” و”تهاني عبد الله” و”عصام عبد الله” أمين الشباب، كان بمثابة مراجعة دقيقة لأداء الحزب في الفترة الماضية، من حيث التزام القيادات بموجهات الإصلاح الحزبي. وفي الجلسة الأولى من الملتقى ابتدر “أحمد محمد هارون” أسئلة صعبة عن طبيعة المرحلة القادمة، وطلب من الملتقى الإجابة على أسئلة مثل هل نظام الكليات لاختيار المرشحين هو الأمثل، وهل لاختيار مرشح الدائرة لمقعد المجلس الوطني أفضل اختيار ثلاثة مرشحين أم زيادة العدد حتى يجد المكتب القيادي أمامه خيارات عديدة يختار من بينها مرشح الحزب الدائرة القومية، بينما ينطبق ذات المسار مع المكتب القيادي في الولاية لاختيار المرشح للدائرة الولائية. ثم أضاف “هارون” كيف يمكن معالجة الفوارق بين التسجيل والمشاركة الحقيقية في الانتخابات وقضية ترشح بعض منسوبي المؤتمر الوطني كمستقلين، مثل ما حدث في الانتخابات الأخيرة. وتحدث المهندس “إبراهيم محمود حامد” نائب رئيس الحزب في محاضرة سياسية عن الواقع الراهن ومسار التسوية السياسية مع الحركات المتمردة، وكيف يستطيع الحزب خوض الانتخابات القادمة دون تعدد المرشحين. وعلى مدى يومين عقدت قيادات المؤتمر الوطني أكثر من خمس جلسات ليلية ونهارية انتهت بتوصيات تلاها “حسب الله صالح” في الجلسة الختامية. إن دلالات عقد الملتقى لولايات كردفان والنيل الأبيض تؤكد أن المؤتمر الوطني يعد نفسه من الآن للانتخابات القادمة، ولكن منافسيه من الأحزاب كما ذكرنا في فاتحة المقال تشغل نفسها إما بمعارك لا قيمة لها في الواقع، أو أنها تمني النفس فقط بأحلام وردية بإسقاط النظام ووراثته، بينما الملعب السياسي مهيأ لخوض انتخابات نظيفة حكم مباراتها غير مرتشي والجمهور لم يهتف التحكيم فاشل، وأهم مقررات مؤتمر الحوار الوطني هي تهيئة المسرح العام لقيام انتخابات حرة ونزيهة ولا يشترط لمن يريد خوض الانتخابات أن يكون مؤيداً لمقررات مؤتمر الحوار الذي يستفيد من مقرراته، من كان مشاركاً في الانتخابات أو كان من الرافضين لها، ولكن هل الأحزاب تملك ثقة في نفسها مثل المؤتمر الوطني الذي يستعد للانتخابات من الآن.