أحداث "نيرتتي"
الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة في الصيف الماضي بجبل مرة وسيطرتها على معاقل حركة تحرير السودان “عبد الواحد” ومن ثم المشروع السياسي والتنموي الإعماري للمناطق التي تم تحريرها الذي يشرف عليه النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” الذي تجول الأسبوع الماضي في مقر رئاسة قوات “عبد الواحد” سابقاً في مرتفعات جبل مرة منطقة (سرونق) إضافة إلى تصدع حركة التحرير بمغادرة العسكريين والقادة الميدانيين عائدين لزالنجي.. كل هذه التطورات لن تتركها حركة “عبد الواحد” تمضي لتكتب نهاية لها بيد ألد خصومة “حسبو محمد عبد الرحمن” والشرتاي “جعفر عبد الحكم” الذي جرد التمرد من أكثر أسلحته فاعلية بالتوغل في معسكرات النازحين والتوصل لتفاهمات مع قادة النازحين.. وحينما حققت القوات المسلحة في الصيف الماضي انتصاراتها تربصت عناصر تابعة لعبد الواحد” بمواطنين من الرعاة عرب (الرزيقات) وقتلت أحدهم ولاذ المهاجمون بإحدى القرى التي يقطنها الفور للوقيعة بين العرب والفور مرة أخرى، وتستثمر الحركات المتمردة في التناقضات العرقية والمشاحنات القبلية، لكن وعي القوات المسلحة أجهض مخطط العام الماضي.. وبالأمس حينما كانت الخرطوم تسهر حتى الصبح احتفالاً برأس السنة وليس باستقلال البلاد من المستعمر الإنجليزي، وقد أصبح الاستقلال حدثاً بارداً يمر دون إحساس شعبي بقيمة الاستقلال.. في هذا اليوم فتحت مدينة “نيرتتي” عينيها على دخول عناصر مسلحة من التمرد للقرية يرتدون ملابس مدنية وبيدهم كل أدوات القتل.. وقتل المتمردون جندياً كان يسير لوحده مطمئناً داخل قرية “نيرتتي” تربصوا به.. ومثلوا بجثته.. وحينما هبت القوات المسلحة لمكان جثة الجندي القتيل.. أطلق المتمردون من داخل الأحياء السكنية النار على القوات المسلحة لجرها للرد الذي بطبيعة المنطقة السكنية يؤدي لمقتل المدنيين.. فالرصاص لا يميز بين المتمردين والمواطنين المدنيين.. ولكن الحكمة التي تحلت بها القوات المسلحة والهمة والحضور الذي شكلته حكومة زالنجي في مسرح الأحداث احتوى المشكلة رغم الخسائر الفادحة في صفوف المواطنين.
إن منهج التمرد منذ اندلاعه ظل يتخذ المواطنين دروعاً بشرية.. واليوم يعود التمرد لذات سلوكه في الوقيعة بين سكان الإقليم المنكوب لتجد أطروحته الدعم والسند وينضم إليه بعض الشباب لتعويض الخسائر الفادحة التي منيت بها حركة “عبد الواحد” في العام الحالي.. وفي حديث لوالي وسط دارفور “الشرتاي جعفر عبد الحكم إسحق” من “نيرتتي” نفسها قبل ثلاثة أشهر من الآن، حينما قاد اتحاد الصحافيين مبادرة ناجحة أشاد بها رئيس الجمهورية بانتقال رؤساء تحرير الصحف وكبار الكُتاب إلى جبل مرة، في ذلك اللقاء قال الشرتاي “جعفر” إن التمرد لا يزال ينشط في وسط مجتمعات النازحين وفي القرى والمدن ويسعى بجدية لإعادة الأوضاع إلى سابقها. ويخطط التمرد في كل يوم للوقيعة بين القبائل.. ويبدي “الشرتاي” حسرته على أن عشيرته الفور بصفة خاصة يتربص بهم التمرد ويتغلغل وسط القرى و(يندس) بين المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة.. ومن وسط المدنيين يصوب أسلحته نحو القوات الحكومية لإرغامها على الرد عليه ويسقط جراء تبادل إطلاق النار الأبرياء ويدعي التمرد ومناصروه أن الحكومة تستهدف المدنيين وتنفذ المجازر البشرية.. وقد أسرع مناصرو التمرد إلى إدانة القوات المسلحة في أحداث “نيرتتي” وتبرئة القاتل الحقيقي، وهي حركة تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد محمد نور” التي تجبن في المواجهات المباشرة وتلجأ لأساليب خسيسة لضرب الاستقرار الاجتماعي والسياسي في جبل مرة.