افتتاحات في مقام (المعتمد)..!
{ لابد أن تتجاوز حكومتنا محطة أن يفتتح رئيس الجمهورية مدرسة ثانوية في (حلة) بولاية الجزيرة، أو طريقاً في شمال كردفان طوله (10) كيلومترات.. فالسيد الرئيس ووزراؤه زاروا دولة الإمارات العربية المتحدة عديد المرات خلال الفترة الأخيرة، ويعلمون أن حاكم “دبي” الشيخ “محمد بن راشد” لا يفتتح المئات من الأبراج الخرافية.. والعشرات من الطرق والجسور العائمة تحت الماء.. والطائرة في الهواء التي تنشأ كل شهر جديد في مدينة الجمال والمال وناطحات السحاب العربية!!
{ قد يدعون نجماً عالمياً في السينما أو الغناء أو كرة القدم ليفتتح منتجعاً داخله (مول) وفندق من (خمسين طابقاً)، دون حشد أو مسيرات أو مخاطبات جماهيرية!!
{ كل سوداني يزور “دبي” للمرة العاشرة يشعر بالدهشة مثلما يشعر بالإحباط، ويظل السؤال داخلنا في كل مرة: (متى تبلغ “الخرطوم” مقام “دبي” هندسة وعمراناً ونظافة؟!).
{ يبقى السؤال مرفوعاً، مع العلم أن المؤسسين لتلك النهضة في الستينيات كانوا سودانيين، ولكن تجاوزتهم ثورة البناء التي لا تعرف التوقف، ومع العلم أيضاً أن إنتاج السودان من البترول والذهب يفوق إنتاج “دبي”!!
{ علمت من أحد التجار أن معظم الذهب القادم إلى أسواق “دبي” يأتي من السودان، ولكن تهريباً عبر إثيوبيا وجيبوتي، وقد تم ضبط كميات كبيرة من ذهب السودان مؤخراً في جيبوتي!!
{ الصمغ العربي يهرب منذ سنوات طويلة عبر إثيوبيا وتشاد إلى دول العالم، ويخسر السودان ملايين الدولارات شهرياً جراء تهريب ثرواته الغابية والمعدنية.
{ الغباء الذي يسيطر على عقول من يديرون الاقتصاد في بلادنا مضافاً إلى الأطماع الشخصية وعدم المصداقية هو الذي يجعلهم يقررون احتكار بنك السودان المركزي لشراء وتصدير الذهب من السودان إلى “دبي” ليكسبوا (ألفي دولار) في كل كيلوجرام، وتخسر البلد أطناناً من الذهب تهرب عبر الحدود، كانت خزينة الدولة أولى بعائدات صادرها فقط!!
{ أذكياء (الإنجليز) وعباقرة (الهنود) هم من يديرون حركة المال والأعمال والإنشاءات الضخمة في “دبي”، بينما شركات سودانية تافهة يملكها “فلان” و”علان” من الأقربين والنافذين وأولادهم هي التي تُرسى لها العطاءات، لأنها قدمت أقل العروض (بالاتفاق) لتشييد طريق أو مشروعات خدمات بترول، وتطرد الشركات الأجنبية المؤهلة لأن (شروط المأكلة) لا تنطبق عليها!!
{ ومن “دبي”- ذاتها- علمت أن مستثمرين يمنيين وعراقيين يملكون عشرات الملايين من الدولارات قدموا إلى “الخرطوم” للاستثمار في مشروعات مختلفة بالسودان، فتمت ترسية العطاءات على شركة سودانية ضعيفة الإمكانيات، لأنها قدمت أدنى سعر في العطاء، ثم زيدت قيمة العطاء بـ(الأعمال الإضافية)- الملعبة- بعد أن تم طرد الأجانب الذين نهضوا بـ”دبي” و”أبو ظبي” و”الشارقة”!!
{ هذا هو الفساد الذي يقعد بالسودان رغم أنه ما يزال ينتج (130) ألف برميل من النفط يومياً، ويختلف هذا الرقم من وزير إلى وزير، فوزير النفط يقول (115) ألف برميل، وجهات أخرى تعرف تقول بل (125) ألفاً، وهكذا تضيع المعلومات، وتفقد أموال البترول بالمليارات كما أكد ذلك تقرير المراجع العام الأخير!!
{ لا يوجد بترول في “دبي” ولا ذهب.. توجد عقول عظيمة من كل الجنسيات تدير هذه الإمارة المذهلة، توجد إرادة وطنية.. وهمة وعزيمة من حاكمها ومساعديه ومستشاريه.
{ ما ينجزه “أيلا” أو “علي حامد” أو “عبد الرحيم محمد حسين” لا يرقى لأن يفتتحه السيد رئيس الجمهورية.
{ يكفي أن يذهب المعتمد.