* وزير الإعلام: لا إشكالات تواجه تكوين حكومة الوفاق الوطني
الرئيس يبدأ نهاية الشهر الجاري سلسلة مشاورات مع القوى السياسية بشأن الحكومة الجديدة
* “جعفر الصادق” أو “محمد الميرغني” يحل أحدهما مكان “الحسن” في القصر
* المؤتمر الشعبي سيحظى بحصة مقدَّرة من التشكيل الحكومي الجديد
الخرطوم ــ محمد جمال قندول
ليس هنالك من شاغل هذه الأيام للساحة السياسية وللمراقبين، خاصة، بجانب القيادات الحزبية، بمن فيها الحزب الحاكم المؤتمر الوطني سوى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، إحدى مخرجات الحوار الوطني، وكيف يكون، ومِن مَن تتكون، وعما إذا كانت هنالك تعقيدات ستواجه تشكيلها، وما موقع الأحزاب التي كانت مشاركة فعلياً في الحكومة بشرعية الانتخابات التي أجريت العام الماضي، في التشكيل القادم والأحزاب التي ستشارك – ربما لأول مرة – كونها استجابت لنداء رئيس الجمهورية بلقاء الوثبة، والتي نتج منه الحوار أحد أهم المشاريع الوطنية بتاريخ السودان الحديث، والذي انتهى مؤخراً بمؤتمر جامع ومحضور من الداخل والخارج وبمشاركة (4) رؤساء دول وممثلين لكبرى الدول والمنظمات. كيف سيكون شكل التغيير الذي سيطرأ على الساحة السياسية، بعد وضع المخرجات موضع التنفيذ، بدءاً من قيام الحكومة الجديدة ؟.
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها، بينما يقترب موعد إعلان الحكومة المقرر له منتصف يناير، وبالتالي فقد تبقت فترة قصيرة، تطرح بدورها التساؤل عما إذا كانت كافية لرئيس الجمهورية والأحزاب المشاركة للتوافق على حكومة وفاق وطني مجمع عليها.
وضعية جديدة
لعل أبرز تعقيدات تشكيل الحكومة المقبل، في نظر بعض المراقبين، يتعلق بوضع الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي يعد أحد أكبر الأحزاب المشاركة بالحكومة منذ العام 2010م، والتي بموجبها أخذ نصيباً مقدراً من التمثيل التنفيذي والتشريعي، عبر حصوله على منصب مساعد رئيس الجمهورية، بجانب عدد من الوزراء بقيادة وزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” وآخرون، ثم حصوله على منصب مساعد أول رئيس الجمهورية بعد الانتخابات التي أجريت العام الماضي ومعها حصة مقدَّرة من الوزراء، ويراقب المحللون موقف الحزب، وعما إذا كان سيقبل بوضع جديد قد يكون مختلفاً تماماً عن الوضع السابق، كون أن الحكومة المقبلة سيكون فيها تمثيل واسع من الأحزاب الأخرى. فكيف، إذن، ستكون ردة الاتحادي الديموقراطي، حال تم تقليص حصته؟ مع العلم بأن الحزب، قد دفع ثمن مشاركته في الحكومة انشقاقات كثيرة عصفت باستقراره ووحدته، بانفصال قيادات تاريخية ترفض المشاركة، مثل “علي السيد” و”طه علي البشير” وآخرون، والذين غادروا الحزب بعد مصادمة مع رئيس الحزب بالإنابة ومساعد أول رئيس الجمهورية، “الحسن الميرغني”، في وقت بدأت تتداول تسريبات حول ضعف علاقة الاتحادي والوطني منذ العام المنصرم، عند مغادرة “الحسن الميرغني” مغاضباً واستقراره بالخارج لأكثر من (4) أشهر، بداعي أنه مهمش بالقصر، ولا يتم تكليفه بملفات كبيرة، قبل أن يعود للخرطوم بعد لقاء رئيس الجمهورية به على هامش زيارة الأخير لمصر، ليعود بعدها “الحسن” للخرطوم، يضاف لذلك التصريحات التي وصفتها الصحف بالساخنة، المنسوبة لنائبة رئيس المجلس الوطني والمحسوبة على الاتحاديين “عائشة محمد صالح”، وقيادات أخرى بالحزب ومجاهرتها بأن الوطني لم يستشر الحزب فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية الأخيرة، وتوَّج ذلك تصريحات لأعضاء برلمانيين اتحاديين بأنهم لا يريدون المشاركة في الحكومة المقبلة. كل هذه المعطيات تشير بوضوح إلى الضبابية التي تسود علاقة الطرفين.
غير أن مصادر مطلعة أبلغت (المجهر) أن “الميرغني” وجَّه بتشكيل لجنة لبحث المشاركة بالحكومة المرتقبة، والاستفادة من أخطاء التجربة السابقة، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الحزب قد حسم مصيره، وأنه سيشارك، ولكن كيف، تلك هي المسألة التي تنتظر الحل. وتشير المصادر إلى أن “الحسن” لن يتم الدفع به، هذه المرة، وأنه قد يحل محله “محمد” أو “جعفر الصادق” مع ترجيح الأول في بعض الروايات.
النائب البرلماني الاتحادي “أحمد الطيب” “المكابرابي”، توقع في حديث لـ(المجهر) أن ينال الحزب أرفع منصب بالحكومة المرتقبة من واقع أنه جاء بانتخابات شرعية، وأنه أكبر وأعرق الأحزاب المشاركة بالحوار. وقد طالب “المكابرابي” المؤتمر الوطني بضرورة تقديم تنازلات محسوسة حتى لا يفقد الحوار قيمته، وأشار “المكابرابي”، إلى أن الاتحادي لن يرضي بمشاركة لا تليق بحجمه ووزنه السياسي الكبير.
من جانبه كشف وزير الإعلام وعضو الآلية د. “أحمد بلال عثمان” في تصريح لــ(المجهر) بأن الحكومة المقبلة ستستوعب جميع الأحزاب المشاركة بالحوار في كل المناصب التنفيذية والتشريعية والمجالس وغيرها، وذلك بعد تشاور رئيس الجمهورية مع القوى السياسية الذي سيحدد موعده لاحقاً وتوقع “أحمد بلال” حدوث مفاجآت كبيرة بالحوار غير أنه رفض الإفصاح عنها، وقال بأنها ستعلن قبل تشكيل حكومة الوفاق الوطني، التي ستعلن في خواتيم يناير أو بداية فبراير، بحسب د.”أحمد بلال”، الذي نفى وجود أي إشكاليات تواجه تشكيل الحكومة الجديدة.
مصير الأحزاب المشاركة
في وقت أبلغت فيه مصادر عليمة (المجهر) بأن الرئيس سوف يجتمع مع القوى السياسية قبل نهاية الشهر الحالي وأنه سيكون هناك أكثر من لقاء، وذلك لضمان أن تخرج حكومة الوفاق الوطني بتراضٍ واسع. وأشارت المصادر إلى أن تشكيل الحكومة سيرجح كفة الحزب الاتحادي الأصل، والمؤتمر الشعبي كون أن الأخير كان أبرز الداعمين لمسيرة الحوار، منذ عهد الأمين العام الراحل د.”حسن الترابي”، بنسبة مقدَّرة من التشكيل الحكومي. وأشارت المصادر إلى أن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني القادم ستكون أحد أجندته، هو موضوع تكوين الحكومة المرتقبة. غير أن مواقف الشعبي بعد وفاة “الترابي”، أصبحت تثير الكثير من التساؤلات. فقد برزت تناقضات داخل الحزب حول الموقف من المشاركة، وبرز تيار شبابي معارض لاتجاه القيادات التي تدعم الحوار والمشاركة. ويعوِّل الحزب الحاكم على مشاركة الشعبي في الحكومة باعتباره من أكبر الأحزاب التي دعمت الحوار. مصدر عليم قال لـ(المجهر): إن منصب رئيس المجلس التشريعي قد تم حسمه للشعبي بجانب نواب برلمانيين، ومنصب والي ولاية كبيرة، لم يسمها.
ويتوقع المراقبون أن يأخذ تشكيل الحكومة الجديدة أكثر من زمنها المعلن، خاصة وأنها ستخضع لتشاورات واسعة للوصول إلى صيغة يرتضيها الجميع. مع التركيز على أن هنالك أحزاب مشاركة قبل الحوار بالحكومة، ولن ترضي بتقليص حصتها، ويرى المراقبون أن الرئيس “البشير” هو الضامن الوحيد للحوار بالتزامه للأحزاب المشاركة، مما يعني أن “البشير” سيلتزم بتقليص نسبة الحزب الحاكم. وقد كان صريحاً مع قيادات حزبه خلال مؤتمر الشورى الذي انعقد في أكتوبر الماضي حينما طالبهم بضرورة التنازل عن المناصب، وذلك لتتسع المشاركة جميع المشاركين بالحوار، وأشار المراقبون إلى أنه لدفع مسيرة الحوار الوطني لابد من جميع الأحزاب بالعمل بروح الحوار، فيما يتعلق بالمشاركة. وأعربوا عن اعتقادهم بأن المفاجآت التي أعلن عنها د.”أحمد بلال” قد تتمثل بمشاركة مفاجئة لــ(الصادق المهدي) للحوار، وقيادات رفيعة من الحركات المسلحة.
وقد أكد المؤتمر الوطني بدوره، وفي أكثر من سانحة، وعلى لسان أكثر من مسؤول أنهم ملتزمون بمخرجات الحوار والدفع بها إلى الأمام، الأمر الذي يؤكد حرص الوطني، هذه المرة، على أن تنجح مبادرة الحوار التي طرحها رئيس الحزب ورئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير”، وبحسب قيادي فضَّل حجب اسمه، قال لــ(المجهر): إن المشاركة ستحسم خلال اجتماعَيْ المكتب القيادي المقبلين، وأن الوطني ليس لديه أيه مشاكل في أن يتقبل أي وضع جديد حتى لو بتقليص نسبة مشاركته، وذلك لضمان نجاح الحوار وتأكيد حرصه والتزامه، مشيراً إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون عملية معقدة وإنما ستكون سلسة، وذلك بسبب الحماس الكبير لجميع الأحزاب المشاركة بالحوار، وأن تكون هنالك حكومة ترضي وتلبي طموحات الناس، أكثر من كونها نتيجة محاصصات.