الديوان

توقيعات في دفتر الذكرى (22) لرحيل كروان الأغنية السودانية المبدع "خوجلي عثمان"

بعدك الأيام حزينة … شايلة كل الدنيا آهة
“الحلنقي”: الراحل كان أرق من النسيم وأرهف من الحرير
الخرطوم – عامر باشاب
اليوم (الخميس) 10 نوفمبر، تحل علينا الذكرى (22) لرحيل كروان الأغنية السودانية ومبدعها وسيم الصورة وجميل الصوت الفنان “خوجلي عثمان”، الذي قدم أجمل الأعمال الغنائية المدهشة والمفرحة على مدار مشواره الفني منها (أسمعنا مرة)، (يا غالية صبح الهنا)، (بعدك الأيام حزينة)، (كتير بتناسى إيديّ)، (حبة حبة)، (بدر الهلال)، (فرح الطفولة)، (مستحيل في يوم أخونك)، (يا مشرقة)، (الملامة)، (ما بنختلف) وغيرها من الروائع التي أطرب وأشجى الجماهير داخل وخارج حدود الوطن، ورددتها الأجيال على مر السنين.
بالرجوع إلى ذاكرة الأحداث .. إلى مساء يوم (الخميس) 10 نوفمبر 1994 .. كتبت مشيئة الله أن يرحل هذا الفنان المرهف بـ(جريمة غدر) وقعت داخل أسوار (نادي الفنانين) بأم درمان، عندما سدد القاتل طعنة بسكين على ظهر أمير الطرب الفنان “خوجلي عثمان”، في أول حادثة من نوعها تمر على البلاد في الأواسط الفنية والإبداعية، كانت بمثابة صدمة موجعة ومفجعة لأهل الفن والحب والجمال، كما أنها هزت كل الشعب السوداني .. خلال المساحة القادمة فتحنا دفتر الذكرى رحيل الفنان الكبير “خوجلي عثمان”، والتقطنا منها هذه التوقيعات لعدد من المبدعين المقربين لشخصه ومن تجربته الإبداعية.

{ كان يحمي الأزهار ..
كان أول الموقعين في دفتر صاحب الذكرى، فخامة رئيس جمهورية الحب الشاعر الرقيق “إسحاق الحلنقي” حيث قال: (الفنان الراحل المقيم “خوجلي عثمان” من المطربين النادرين الذين تميزوا بكل الجمال، كان أنيقاً في أدائه الصوتي وأنيقاً في اختياراته الغنائية، وأنيق الدواخل مثلما كان أنيقاً في هندامه. كان أرق من النسمات وأرهف من الحرير وهو من المبدعين الذين ظلوا يتيحون المساحات للوردة لكي تتفتح وتزهو وتفرهد، وكان يحرص كل الحرص على حماية الأزهار حتى لا تجرحها الأشواك .. علاقتي به كانت من أروع وأجمل العلاقات الأخوية والإبداعية، قدم لي (أسمعنا مرة) وظل طيلة حياته يقول إنها فأل خير على مستقبله الفني. وطبعاً كانت هي سبب ظهوره في الساحة الفنية عندما قدمها على المسرح القومي (مهرجان الثقافة) وفي كل المقابلات الإعلامية التي أجريت معه، كان يقول (لو لا أسمعنا مرة لما سمعني أحد). و”خوجلي” حتى رحيله كان دائماً يذكرني بالخير ويكن لي كل الود والمحبة، ولا يفوتني أن أقول إن “خوجلي عثمان” كان فاكهة أهل الإبداع وكان صاحب طرفة، ومن طرائفه أنه كان يقلد زملاءه في الوسط الإبداعي، وكان عندما يلتقي الفنان الراحل “محمد وردي”، يقلدني في قراءتي لأبيات أغنية (الأبيض ضميرك)، وعندما يصادفني أنا كان يقلد لي صوت “وردي” في أغنية (يا طير يا طاير)، أيضاً كان يقلد أداء الفنان “حمد الريح” وغيره من نجوم الفن والإبداع. أخيراً أقول يجب أن نوثق لهذا الفنان.
{ كان كريماً حتى مع قاتله
الموسيقي المخضرم الفنان “دفع السيد صباح الخير” العضو السابق بـ(أوركسترا الإذاعة والتلفزيون) ورئيس الفرقة الموسيقية الخاصة بالفنان الراحل “خوجلي عثمان” الذي ابتدر حديثه إلينا قائلاً: (ألف رحمة ومغفرة على روح الفنان الإنسان العظيم “خوجلي عثمان”، والكلام عن “خوجلي” الفنان و”خوجلي” الإنسان يحتاج لوقت كبير ومساحات أكبر. ومن حسن حظي أنني رافقت الفنان “خوجلي عثمان” منذ بدايات نشاطه الفني الفعلي في العام 1973، ومن حينها ظللت مرافقاً له في ارتباطاته ورحلاته الفنية بالداخل والخارج ورافقته في آخر رحلاته الفنية التي توجهنا فيها إلى العاصمة الإريترية “أسمرا”، ثم عدنا بعدها إلى الخرطوم وشاركنا معه في برنامج تلفزيوني من تقديم الأستاذ “فريد عبد الوهاب” بعنوان (أول الطلبة). ختاماً أقول إن “خوجلي عثمان” تفرد كمطرب وكان يحسن اختيار الأعمال التي يؤديها وذوقه في اختيار الأشعار وإحساسه بها، جعله يخوض تجربة التلحين وسرعان ما تميز كملحن. وأما “خوجلي” الإنسان تميز بالتواضع وطول البال وحسن الخلق، وحتى الشخص الذي غدره وقاتله قابله الراحل “خوجلي” مقابلة طيبة وأكرمه عندما جاء إليه في دار الفنانين.
{ قصير العمر ..غزير الإبداع
 التوقيع الأخير كان من نصيب الإعلامي والكاتب بصحيفة (الوطن) الأستاذ “عمر عبد الحميد خوجلي” الشهير بـ(أبو مشرقة) وهو ابن أخت الفنان الراحل “خوجلي عثمان”، حيث قال: (أولاً أترحم على روح خالي الفنان الإنسان وأقول إن المبدع “خوجلي عثمان” لم يكن ملكاً لأسرته منذ أن اعتلى مسرح النجومية، وذلك لم يكن غريباً أن يتوج بهذا الحب من الشعب السوداني في حياته وبعد رحيله. ومن هنا أتقدم بالشكر لكل المؤسسات الإبداعية والثقافية التي دأبت بحرص شديد في كل عام على إحياء ذكرى الفنان “خوجلي عثمان”. كما أود أن أتوجه بالشكر إلى أهالي حلفاية الملوك آباءً وأمهات وإخوان الراحل على وفائهم لابنهم الفنان “خوجلي” واحتفاظهم بذكراه العطرة، وإنشاء مسرح يحمل اسمه وتنظيم الفعاليات الإبداعية. كما أشكر أسرته الممتدة من مدينة شمبات إلى منطقة “أبو قرون”. وأخيراً إن كان هناك صوت لوم أوجهه إلى حكومة وجماهير ولاية الجزيرة، لأنهم للأسف الشديد حتى الآن لم يبادروا في إحياء ذكرى الراحل وهو الذي كان محباً وعاشقاً للجزيرة وأهلها، وكان له الشرف في إحياء حفل الذكرى الأولى لإنشاء إذاعة الجزيرة. وهذا الحفل موثق بمكتبة تلك الإذاعة. واختم بقولي إن الحزن على “خوجلي” تفرق في جميع أنحاء السودان، ونحن فخورون به وبتجربته الإنسانية والإبداعية الفريدة قصيرة العمر وغزيرة الإنتاج والإبداع).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية