طب وأطباء الدولار
أمل أبو القاسم
ملاحظات صادمة تلك التي أوردها أحد أساتذة الطب تحت عنوان ” تجربة بائسة في مأمون حميدة” وقد طفق خلالها يعكس فوضى عارمة لا تلوى على احترام أو قيم أو هيبة تتبدى والمكان الذي يمثل كلية وأي كلية ” إنها ” الطب” تلك الدراسة التي ستلحق بخريجيها لاحقاً أطباء تجثم مسؤولية حياة الناس على رقابهم. أورد الدكتور الذي حل بديلاً لزميله بتلك الجامعة الحكومية العريقة وقائع قاسية ومؤذية كونها من طلاب المفترض أنهم عقلاء ومبرزين تنصب اهتماماتهم في دراستهم التي تستدعي تركيزاً وتكريس كل جهد مدخر قبالتها، لكن خابت توقعاتنا، قطعاً ليس لكل طلاب الطب أيضاً ليس كل طلاب الطب في هذه الجامعة الدولارية ولكن بحسب ما تم وصفه فأشك أن هؤلاء جاءوا إلى هذه الكلية مدفوعين برغبة حقيقية في دراسة الطب ومن ثم حمل لقب طبيب، فبعيداً عن اللبس ” الكاجول” للجنسين فإن الأغلبية العظمى انصرفت في ونسات ونقاشات جانبية بأعلى صوت كأن ليس بالقاعة أستاذ بكامل هيبته ووقاره وسنه التي تجعله في دور أبنائه وعبثاً ضاعت محاولاته في إسكاتهم ليس ذلك فحسب، بل أن بعضهم وفي شكل مجموعات صغيرة تحلقوا منكبين على الأجهزة، بينما غاب بعضهم عن الأحداث خلف سماعات الأذن، ودا كلو كوم ومقارعة أحدهم له عندما طرده وإصراره على عدم ارتكابه غلطاً مع أنو الغلط ما بتغالطوا فيه (اثنين)، ثم رفضه مبارحته القاعة كوم تاني.. معقول يا دكتور! يسمع كلامك كيف ويطلع، الزول دا دافع عشرات الآلاف من الدولارات من حقه يشتري بيها أي شيء حتى عدم مساءلته مش أنت واقف قدامه بدولاراته، فما عليك إلا أن تتلو الدرس وتبقى مارق. ماذا نتوقع من هكذا فئة كرَّست لها أسرتها منذ الصغر مفهوم الطب وتعاملت معهم وهيأتهم على هذا الأساس، ولما لم تتح له الفرصة بالجامعات الحكومية اشترت ليه الطب فنما معه إحساس التعالي وربما هذا واقع الحال لبعض من الأطباء بصورة عامة.
يا عزيزي أستاذ الطب ماذا تتوقع من هؤلاء الذين ولدوا وعلى فمهم ملعقة ذهب ولم يعتادوا على ( لااااا) ، والصدمة ليست مما واجهته لكنا لم نتوقع أن الهرجلة تبلغ هذا الحد، وكذا التحدي. ثم ماذا يتوقع المواطنين من المرافقين والمرضى ممن هم على هذه الشاكلة من خريجي جامعات خاصة يستوعب بعضها نسب لا تتجاوز أحياناً الـ(50% ) رغم أنف قرارات وزارة التعليم العالي ولم تلتزم بنسبة الـ(80 %) التي اشترطتها، والغريبة الكلية محل النقاش من الملتزمات، لكن كم يقع ترتيبها بين الجامعات السودانية، ومع ذلك حديثي لا يعنيها تحديداً بقدر ما كونها أنموذجاً للتردي الأخلاقي لـ” بعض” الطلاب. إذن لماذا نستنكر تعامل الأطباء بأنفة وضيق صدر مع المرضى والمرافقين وبينهم من يتخذ المهنة كبرستيج أو تحدي طموح بعيداً عن الإنسانية، أيضاً هذا لا يعني أن هناك من هم على النقيض من حيث احتمال رهق المهنة الجسدي والنفسي وتمتعهم بطيب الخلق والإنسانية.
يمضي الوقت وكنا قد تعاطفنا مع الإضراب الفائت لجملة قناعات يختلف أو يتفق عليها كما حدث من انشقاق المراقبين بين مؤيد ومعارض، لكن أن تعيدوا الكرة كدا ( كترتوا المحلبية) وليس في كل مرة تسلم الجرة، فالوعود لا تتحقق بين ليلة وضحاها والمشافي خاوية على عروشها أو شبه ذلك، وحتى يعاد تأهيلها وتجهيز معدات تليق بكونها من أجل آدميين وبعدين قدر الوصل شالوه بالدين من السوق راعوا شوية.