ربع مقال
وأبكتنا زهرة دمشقية..!!
خالد حسن لقمان
.. بالأمس وبعد أن استمعنا لشيخ حادثنا عقب صلاة العشاء شارحاً الآية (114) في سورة النساء: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً). .. جلست وصديقي “شهاب” على شارع النيل.. فإذا بصبية صغيرة السن محتشمة وصافية الوجه تطل علينا وكأنها ملاك وقف أمامنا بغتة.. حسبناها ستطلب مساعدة ولكنها لم تفعل.. بل قدمت لنا قارورة صغيرة من العطر ولا أدري حينها هل انبعث ذاك العطر الفواح من القارورة أم من قلب وروح هذا الملاك الصغير.. (.. بكم القارورة؟؟).. جاء جوابها بالصدق كله مشيحة بنظرها تجاه النيل: (.. والله يا عمو نحن نشتريها بخمستاشر ونبيعها بعشرين .. نربح فيها خمس جنيه).. (قلت لها من أين أنت في سوريا؟؟).. (قالت: من ريف دمشق).. يا الله هذا الملاك الصغير انتزعه قدره من أرض أقدم مدينة في تاريخ البشرية قاطبة.. ليجوب هنا حياض النيل ومجراه جيئة وذهاباً من أجل جنيهات قليلة تبقيه وأهله بمثل ما كانوا أبداً شعباً عزيزاً مرفوع الرأس .. أخذنا من يديها الصغيرتين بضعة قارورات وأخذت قلبينا معها ومضت فمسحنا وراءها بضعة دمعات ساخنات أبت علينا رجولتنا أن نريها هذه الصبية الدمشقية الصامدة الهازمة بهامتها المرفوعة جيوش “بشار” اللعين وأساطيل “بوتين” الملعون وصمت العالم الجبان..