حوارات

رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الدكتور "محمد مصطفى الضو" لـ(المجهر) (1-2)

السودان صمد أمام الحصار مدة (27) عاماً ويستطيع أن يقاوم أكثر
نحن ملتزمون بسياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين
لا أعتقد هنالك مصلحة لأي رئيس أمريكي في خلق إشكاليات مع السودان
أخيراً اكتشفت بعض دول العالم أن كل حساباتها ضد السودان كانت خاطئة
حوار- وليد النور
رسم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان صورة زاهية لمستقبل البلاد في المحيط الإقليمي والدولي وأبان أن كثيراً من دول العالم كانت لها حسابات خاطئة تجاه السودان الذي بات له شأن في السياسة العالمية، لا سيما أنه يمثل الدولة المحورية في المنطقة، مؤكداً وقوف الشعب والحكومة السودانية مع قضايا المملكة العربية السعودية التي وصفها بأنها مرتبطة بوجدان الشعب السوداني ويذرف دموعه بمجرد زيارتها فقط.. وفي سياق مختلف قال رئيس اللجنة إن أي رئيس للولايات المتحدة الأمريكية إذا تعامل برشد مع السودان سيحقق مصالح بلاده مع السودان لأنه دولة محورية في المنطقة.. فإلى الحوار..

{ كيف يستطيع السودان اتخاذ سياسة خارجية متوازنة وسط محيطه المضطرب؟
_ السودان الآن في هذا المحيط المضطرب أثبت للعالم أن هنالك حسابات ضده كلها كانت خاطئة، الآن السودان أصبح دولة محورية وآمنة في هذه المنطقة، وكثير من الدول ترغب في هذا الأمن والاستقرار الموجود في السودان ليتمدد ويشمل كل الإقليم، وبالتالي سيتمدد للعالم الذي يتأثر بأي خلل في هذه المنطقة، والسودان الآن يتطلع للعب دور أكبر في جواره وكل ما به من استقرار وأمن وتجربة وخبرة يتمدد لكل الإقليم، ويتطلع لتعاون مع كثير من الدول من أجل تحقيق مصالح مشتركة، ومعادلة السودان مختلفة جداً وأثبتت الأيام رغم الحصار الاقتصادي ومحاولة كثير من الدول تأجيج الصراعات داخله لكنه قاوم لمدة (27) عاماً وله القدرة كذلك أن يسير مهما فعلوا من الأفاعيل، فالمعادلة ليست في الخارج، المعادلة داخلية، ويستطيع السودان أن يصمد ويمد يده للجيران وللعالم.
{ لكن الطريق لن يكون سهلاً؟
_ صحيح هنالك صعوبات، لكن هذه هي طبيعة السياسة الخارجية لن تجد طريقها مفروشاً بالورود، لكن بعزم الرجال ورجاحة الفكر يتلمس السودان طريقه ويجد مكانه بين هذه الدول، وبتوفر عنصر الإدراك لمقوماته ولطبيعة المتغيرات الموجودة يستطيع السودان كذلك أن يبرز كمحور أساسي ومهم جداً، إلا عند الذين تعمى بصيرتهم عن ذلك.
{ كيف تقرأون طبيعة العلاقات المتوترة بين إثيوبيا ومصر وتأثيرها على السودان؟
_ أخي الكريم نحن في السودان كدولة انتهجنا سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ونحن ملتزمون بهذه السياسة فإذا كان لنا أصدقاء ولهم عداء مع بعضهم فهذا أمر جيد، وإذا كان لدينا أصدقاء بينهم خلافات سنسعى لتقريب وجهات النظر ونزع فتيل التوترات بين الجيران والأصدقاء ودول الإقليم والسودان ظل يلعب هذا الدور كلما احتدمت الأمور، يتوسط هنا وهناك، ويدخل بقدم الخير واليد البيضاء الممدودة لكل جار وكل صديق حتى تصبح الصورة أكثر ودية واستقراراً من الصورة النزاعية والتوترية، ونحن لن نألو جهداً في إصلاح ذات البيت وحلحلة كثير من النزاعات بين الأصدقاء والجيران.
{ الحرب في العراق وسوريا أثرت على المنطقة العربية فكيف تنظرون إلى موقف السودان من تلك التحالفات؟
_ موقف السودان أعتقد واضح جداً، وهذه المنطقة نعتقد أنها مستهدفة بالزعزعة وعدم الاستقرار والتقسيم والتفتيت، وهذا أمر ليس هنالك عاقل يتقبله، وهنالك استهداف حتى للمملكة العربية السعودية، وهذا أمر نحن غير متسامحين معه، السعودية بالنسبة لنا أرض مقدسة، لنا واجبات في التضامن معها من أجل الأمن والاستقرار في السعودية والمنطقة، لذلك عندما قال  رئيس الجمهورية إن أمن السعودية خط أحمر كان يعني ما يقول، وهذا ليس رأي الرئيس فحسب بل رأي هذا الشعب بكل مؤسساته ومثقفيه وتوجهاته إذا استُهدف الحرمان فلا يحلو لنا البقاء أحياء على وجه هذه البسيطة دون أن ندافع ونبذل كل غالٍ ونفيس.. وأهل السودان أشواقهم للحرمين (يدقون لها الطار) وتسيل لها أدمعهم بمجرد الزيارة، فقط فعندما يكون الأمر متعلقاً بواجب أكبر فلن يتأخر السودان ولا أهل السودان ولا ساسته ولا قياداته، هذا أمر مهم جداً، وهذا استهداف واضح جداً، لذلك المنطقة العربية تعاني الآن من إشكاليات ونحن نسعى مع الآخرين أن هذه الأوضاع لابد أن تصل إلى بر الأمان، ولابد أن يحدث استقرار، لذلك كل ما يجلب التوتر ويؤجج النزاعات نحن نرفضه رفضاً باتاً ولن نألو جهداً في معالجة المشاكل.
{  كيف تنظرون إلى مستقبل السياسة الخارجية في ظل الوثيقة الوطنية ومخرجات الحوار الوطني؟
_ أنا شخصياً كنت عضواً في لجنة الشؤون الخارجية في الحوار الوطني وتابعت كل الآراء وحضرت جزءاً من النقاشات التي تمت في هذا الصدد، لكن ما لفت انتباهي هو الإجماع الكبير وتطابق الرؤى مع اختلاف التعبير في هذا المحور بالذات، وهذا أمر طبيعي يحمد للحوار الوطني.
{ وماذا عن السياسة الخارجية بعد الوثيقة الوطنية؟
_ السياسة الخارجية هي قضية أمن قومي، لذلك من الطبيعي إذا تجردت النفوس وأخلصت النوايا سيتوافق الناس على قضية الأمن القومي للبلاد وتحقيق المصالح العليا، والتوافق حول المصالح الوطنية، وكل ما جاء في هذه الوثيقة في شأن السياسية الخارجية أصبح ملزماً واجب التنفيذ.
{ كيف تتعامل اللجنة تجاه إضافة آخرين للوثيقة لم يشاركوا في الحوار؟
_ اتفق الناس وأعلن السيد الرئيس في خطابه أن هذه الوثيقة هي ملك لأهل السودان وكل من أراد أن يلتحق بها سيلحق وستظل الأيادي ممدودة لكل من يرغب في السلام والتحاور من أجل هذا الوطن ومن أجل بنائه واستقراره، ومشاركة كل أفراده بالسبل الحضارية والسلمية والطرق مفتوحة، ولن تغلق أبواب الحوار.. هذا ما أكد عليه السيد الرئيس، ولا أجد إشكالية في هذا الأمر.
{ وماذا عن الممانعين الذين لم يوقعوا حتى الآن؟
_ هنالك أمر مهم جداً وهو لا يمكن أن تتعطل عجلة الحياة في انتظار أي فرد أياً من كان، ومتى ما يأتي فالحياة مستمرة، ولابد أن تستمر على الأقل، إذا لم توجد نسبة (100%) فأنا أعتقد أن نسبة (90%) جديرة بأن يسير الناس بها إلى الأمام، لذلك الأمور تسير، وأمر طبيعي جداً أن يحدث الذي حدث ويتم هذا التوافق ونتمسك به جميعنا كأهل سودان واحد، ومن أراد أن يلتحق بهذا الأمر فالباب مفتوح، ومن أراد الحوار فأبواب الحوار مشرعة في أية لحظة، لم يغلقها الجانب الحكومي ولا أهل السودان.
{ تعددت زياراتكم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. ما هي النتائج التي توصلتم إليها؟
_ السودان له قضايا عادلة كبيرة جداً ومن الطبيعي أن يسعى في كل الاتجاهات لتحقيق مصالحه العليا وتحقيق أمنه القومي، إذا كان هنالك أي تحرك في مثل هذا الاتجاه أنا أعتقد أنه تحرك واجب، وهذا ما يجري الآن في السياسة الخارجية السودانية، السودان يتحرك بفاعلية سواء أكان عبر دبلوماسية رسمية أو شعبية أو دبلوماسية برلمانية، يتحرك بفاعلية في اتجاه تحقيق المصالح العليا لهذا الوطن وحل كثير من الإشكاليات التي يعاني منها في مجال العلاقات الدولية، لكن أقول لك نحن متفائلون بأن هذه الحركة تثمر خطوات إيجابية وأنتم تتابعون الآن السودان يمر بمرحلة انفتاح على كل العالم بما فيه أوروبا وأمريكا، ويمر بمرحلة يمكن أن نسميها انفراجاً تحتاج لجهود متواصلة حتى تكتمل، لكن هنالك أعداء لا يرغبون في ذلك مثال أصحاب القضية المفضوحة فيما يسمى بادعاءات المحكمة الجنائية الدولية.
الاتجاهات متعددة وفيها مساحات للعمل ونحن لن نألو جهداً في إطار معالجة قضايانا بما يحقق المصالح العليا لهذا الشعب، ونحن نتفاعل إيجابياً مع محيطنا الإقليمي والدولي، والسودان بموقعه الجغرافي أصبح دولة مهمة إلا للذين لا يدركون هذه الأبعاد، لكن السودان يدرك أهميته في هذه المرحلة الحرجة التي ترتج فيها أركان دولية وإقليمية، وجاهز للعب دوره في كل القضايا المطروحة، وهو مؤهل لذلك ويملك القدرات.
{هل تتوقع حدوث تغيير في السياسة الأمريكية مع السودان قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي “أوباما”؟
_ إذا كانت السياسة الخارجية تدار برشد لا أعتقد هنالك مصلحة لأي رئيس من الرؤساء في خلق إشكاليات مع السودان، بل الظروف في المنطقة الآن تحتم على كل ذي عقل أن يحترم هذا البلد ويسعى لاستقراره والتعاون معه من أجل تحقيق مصالح مشتركة، والأمريكان لهم مصلحة كبيرة في ذلك، ونحن كذلك لنا مصالح في هذا التفاعل الإيجابي فما نأمله ونتوقعه أن يكون هنالك تعامل برشد في السياسة الخارجية، وهذا يحتم على أية جهة أياً كانت أن تتعامل معنا وفق هذا الرشد.
{ هنالك شكاوى من مواطنين سودانيين بالخارج.. منهم المعدنون الذين احتجزت ممتلكاتهم بمصر.. أين وصلت قضيتهم؟
_ أعتقد أن وزارة الخارجية تتابع هذا الأمر بدقة وفقاً للآليات المعتمدة والمعتادة في معالجة مثل هذه القضايا عندما يحدث مثل هذا الأمر، وقطعت الخارجية شوطاً كبيراً في هذا الصدد، وهنالك وعود بإنجاز هذه المهمة ويتم استرداد ممتلكات المعدنيين وهي محصورة، وقدمت فيها أوراق ودار حولها حوار مع الجانب المصري، وأزيلت كثير من التعقيدات، وهي في طريقها للحل.
{ العالقون في ليبيا يطالبون بتدخل من جهات عليا في الخرطوم لفك سياراتهم المحجوزة في الحدود المصرية الليبية؟
_ الأوضاع في الدول التي من حولنا مثل ليبيا فيها عدد كبير من السودانيين، لكن الأوضاع الداخلية بالتأكيد لها إفرازاتها وكل ما يتم هو إفرازات للوضع الداخلي في ليبيا لأن هنالك أعداداً كبيرة من السودانيين وجدوا فرص عمل بأسرهم وأطفالهم وممتلكاتهم وكلما تحدث إشكاليات يسعى بعضهم للوصول إلى وطنه السودان، وهنالك كثير من الإشكاليات تحدث، لكن ما أؤكده أن حكومة السودان ووزارة الخارجية تبذل جهودها في هذا الصدد، والحكومة لم تتنصل من مسؤوليتها، لكن هنالك سبل ووسائل وتحرك ونحن نقدر إشفاق هؤلاء وذويهم، ونؤكد أن وزارة الخارجية تتابع هذا الأمر ولن تفرط  في حق من حقوق أي سوداني وتبذل قصارى جهدها لفعل ما يمكن فعله حتى يتسنى لهؤلاء الوصول إلى ذويهم بسلام وحل مشاكلهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية