شهادتي لله

رئيس الوزراء .. مؤتمر وطني ؟!

لا  أظن أن لجنة قضايا الحكم بمؤتمر الحوار الوطني قد اقترحت استحداث منصب (رئيس وزراء) ، و في ذهن أي من أعضائها منسوبي القوى السياسية الأخرى والأكاديميين أن هذا المنصب يمكن أن يكون من نصيب حزب المؤتمر الوطني، عند اكتمال حلقات التسوية السياسية و الدستورية بتنفيذ توصيات المؤتمر العام للحوار الوطني .
صحيح أن من غايات استحداث منصب رئيس الوزراء ، إزالة الحرج السياسي و الإجرائي في أمر المحاسبة بين البرلمان والجهاز التنفيذي ، إذ أن الوضع الحالي (الرئاسي) يشوبه الكثير من الحساسية و الحذر في ما يلي علاقة الهيئة التشريعية بالحكومة التي يرأسها رئيس الجمهورية.
و تبقى مواجهات ما قبل الرابع من رمضان (12/12/1999) ، بين المجلس الوطني و القصر الجمهوري ، و تداعياتها التي انتهت بإعلان حالة الطوارئ و حل البرلمان و تسريح الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الحاكم ، ثم المفاصلة السياسية إلى حزبين أحدهما ( وطني ) و الثاني ( شعبي ) ، تبقى علامة تأريخية مهمة و (عقدة) مرضية باقية تشخص طبيعة العلاقات داخل النظام السياسي في السودان . 
و لذا فإن فصل رئاسة الجمهورية عن رئاسة الوزراء يوفر للبرلمان مساحة أكبر من الحرية و الحركة لأداء واجباته الدستورية كما ينبغي ، رقابةً و محاسبةً، استجواباً أو سحباً للثقة من أعضاء الحكومة ، ما يؤسس لنظام دستوري أكثر شفافية و ديمقراطية و عدالة .
غير أن الزاوية (السياسية) من وراء فكرة اقتراح منصب رئيس الوزراء ، تنفرج منطقياً و بلا شك باتجاه القوى السياسية الأخرى غير المؤتمر الوطني ، معارضة أو موالية .
فإذا حاز المؤتمر الوطني على منصب رئيس الجمهورية بالانتخاب في العام 2015م ، ثم بإجماع المؤتمر العام للحوار الوطني في أكتوبر الجاري ، و بالتالي التأكيد عل حق الرئيس في اختيار نائبيه ، فإن أهم مواقع التنازلات التي طالب بها الرئيس ” البشير ” عضوية الوطني قبل يومين ، ستكون منصب رئيس الوزراء ، و إلا فلا معنى لتنازلات عن وزارات تقسم على طريقة ( أكوام اللحم و المرارة) ؛ وزارة للكهرباء و وزارة منقسمة للموارد المائية ، وزارة للعمل و وزارة لتنمية الموارد البشرية ، و وزارة للزراعة و أخرى للغابات !!
في رأيي أن صمام أمان النظام الرئاسي هو الرئيس و نائبه الأول ، و منصب النائب الأول يشغله حالياً الفريق أول ركن ” بكري حسن صالح ” و هو يجمع ، كما يجمع الرئيس ، بين تمثيل المؤسستين العسكرية و السياسية ، كما أن خروج الفريق ” بكري ” من (القصر) لمجلس الوزراء تحت وطأة المطالب و الخدمات ، يبعده من مواقع التأمين العليا للدولة ، من ناحية إستراتيجية .     
لا بد من وجود ضامن دستوري أعلى من رئيس الحكومة في حال نشوء أي اهتزازات سياسية كبرى أو تهديدات أمنية تستهدف وحدة و كيان الدولة ، و الضمان يتمثل في وجود رئيس الجمهورية و نائبه الأول .
أما رئاسة الوزراء ، فالمطلوب أن تشغلها شخصية مختلفة ذات لون سياسي مغاير ، و قدرات تنفيذية عالية ، و رؤية اقتصادية ثاقبة ، و علاقات دولية مميزة ، لعكس مستوى التغيير و الحراك الذي أحدثه الحوار الوطني ، فعلاً .. لا قولاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية