شورى الوطني ينهي دورة انعقاده الثالثة برسم خارطة طريق التغيير
الرئيس يجدد التزامه بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني
البشير يهيئ الوطني لتقديم تنازلات عن مواقع دستورية وتنفيذية
إقرار استحداث منصب رئيس الوزراء وحسمه لصالح ترشيح “بكري حسن صالح”
الخرطوم – محمد جمال قندول
حظي شورى المؤتمر الوطني الذي اختتم فعاليته أمس الأول (السبت) في دورة انعقاده الثالثة باهتمام كبير من قبل عضوية الحزب خاصة، وأنه انعقد في ظروف بالغة الأهمية متمثلة بمرور البلاد بمرحلة موعودة بتغييرات واسعة خلال الفترة المقبلة عبر تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ووضعها على أرض الواقع، بالإضافة إلى توجهات الحزب، فيما يخص بوضع وتخطيط المرحلة السياسية المقبلة، والتي ستتطلب تنازل الوطني عن الكثير من المناصب الدستورية والتنفيذية، لاستيعاب القوى المشاركة بالحوار الوطني، وهو ما أشار إليه رئيس الجمهورية في ثنايا خطابه، في فاتحة أعمال الشورى مساء (الجمعة) الماضية.
تحولات كبيرة
ويبدو أن الوطني مقبل على مرحلة ستشهد تحولات كبيرة، وهو ما جعل رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني حريصاً على حضور الجلسة الافتتاحية، بجانب المداولات ثم الجلسة الختامية والتي انتهت في التاسعة من مساء أمس الأول (السبت).
الرئيس – على ما يبدو – أراد أن يكون شورى الوطني في دورته الثالثة منصة رئيسة نحو انطلاق الحزب والتزامه بمخرجات الحوار والتأمين عليها، بجانب تمليك تصوره للمرحلة المقبلة للعضوية، وتهيئة الأجواء المناسبة لبدء التغيير من الوطني، وهو ما أشار إليه ضمنياً حين طالب خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية بقاعة الشهيد “الزبير” مساء (الجمعة) الماضية، قيادات الحزب بضرورة التهيؤ للتنازل عن المناصب، وأن المؤتمر الوطني سيكون صاحب القدح المعلى في التنازلات.
الرئيس أيضاً أرسل رسائل كثيرة في ثنايا ذلك الخطاب الساخن أبرزها إمهاله للجنوب حتى نهاية العام الجاري، لتنفيذ الاتفاقيات، خصوصاً فيما يتعلق بالتوقف عن دعم وإيواء الحركات المسلحة، بجانب الدعوة لعدم الخوف من اللاجئين، مشيراً إلى أن هنالك (70) ألف سوري، يرغبون في القدوم إلى البلاد وهو ما يشير ضمناً إلى هدفه في إرسال رسائل ذات أبعاد دولية.
جلسة مغلقة
وفي حوالي الساعة الثانية من ظهر أمس الأول (السبت) خاطب الرئيس في جلسة مغلقة عضوية المؤتمر الوطني، وأطلعهم على متطلبات المرحلة المقبلة، وأشار خلال حديثه إلى أن الوطني يحكم البلاد في ظروف استثنائية ومعقدة.
واحدة من القضايا التي تمت مناقشتها في الغرف المغلقة للشورى، هو استحداث منصب رئيس الوزراء، والذي بحسب مصادر تحدثت لــ(المجهر)، قد حسم لصالح النائب الأول لرئيس الجمهورية “بكري حسن صالح” من واقع تمثيله للوطني وللجيش.
وفي حديثه لــ(المجهر) كشف نائب رئيس الشورى بالمؤتمر الوطني “محمد عثمان كبر” أن الوطني قبل بأطروحات الرئيس، والمتمثلة بالتنازل عن المناصب، بل وتبناها داخل الشورى، مشيراً في ذات الوقت إلى أن الشورى نجحت بصورة متميزة من خلال الحضور والتنظيم ورسم خارطة المرحلة المقبلة.
العزم على التغيير
وبحسب خبراء فإن البشير بدأ واضحاً في عزمه على التغيير وتنزيل مخرجات الحوار على أرض الواقع، وهو ما جعل الشورى هذه المرة تحظى باهتمام عالٍ بجانب أن الرئيس حرص على تهيئة قيادات الوطني للوضع السياسي الجديد، الذي يقتضي عدة متطلبات في مقدمتها التنازل عن بعض الحقائب الوزارية والتنفيذية، وذلك إيماناً منه أنه لا مجال لزيادة مواعين المناصب التنفيذية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.
وبحسب المراقبين فإن الخطوة ستعزز من حظوظ الوطني في نيل ثقة القوى المعارضة والتي في كثير من الأحيان كانت تسخر من دعوة الوطني للحوار، واعتبرته غير جاد، ويرى الخبراء أن المرحلة المقبلة ستشهد العديد من التحولات السياسية ودخول وجوه سياسية وأحزاب جديدة لساحة الحكم.
ويرى مراقبون أن الوطني اجتاز عبر الشورى الامتحان الأول والمتمثل في دعوة “البشير” للوطني بالتنازل عن المناصب، والذي عزز الثقة في نجاح تنفيذ مخرجات الحوار، بجانب أن الرئيس حرص خلال كل لقاءاته الرسمية وآخرها اجتماعات شورى الوطني، على تأكيد التزامه والتزام المؤتمر الوطني بتنفيذ المخرجات.
في وقت يرى فيه خبراء سياسيون أن تنازل المؤتمر الوطني عن جزء كبير من حصته الحكومية لا يعني فقدانه للسيطرة، خاصة وأنه لن يتنازل عن المناصب الكبيرة والسيادية واستمراره في مناصب الرئيس ورئيس الوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والدفاع والأمن، وهو ما يمثل عظم ظهر الحكومة وفي نفس الوقت ينظرون إلى أن التنازل يأتي في إطار ضرورة زرع الثقة بين الوطني والمعارضة.
وعبَّر عدد من السياسيين عن سعادتهم بخطوة الوطني للتنازل عن المناصب واعتبروها تصب في مصلحة إنجاح الحوار. وبحسب الأمين العام لأحزاب الوحدة الوطنية “عبود جابر” فإن حديث الرئيس “البشير” عن تقديم تنازلات من حزب المؤتمر الوطني تصب في صالح تنفيذ مخرجات الحوار، ووصفها بأنها جزء من التزامات وتعهدات المؤتمر الوطني تجاه السلام.
الخبير السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” يرى أن حديث رئيس الجمهورية لشورى الوطني يؤكد على صدق “البشير” في تنفيذ مخرجات الحوار وجديته المطلقة، وأضاف خلال حديثه لــ(المجهر) أنه لابد للمؤتمر الوطني من القبول بالتنازل عن المناصب والوزارات حتى ينجح الحوار.
ويرى “الساعوري” أن ذلك سيكون مؤشراً جيداً يشجع الأحزاب المشاركة بالحوار على المضي فيه، وزرع التفاؤل بالساحة السياسية .
البيان الختامي
واختتم مجلس شورى الوطني دورة انعقاده الثالثة أمس الأول (السبت) ببيان ختامي طالب فيه بإفساح الحزب المناصب التنفيذية والدستورية لاستيعاب المشاركين في فعاليات الحوار وتقديم مبادرات لمساعدة المجتمع لمواجهة التحديات والالتفاف حول القضايا الوطنية بجانب حرص المؤتمر الوطني على العمل المشترك مع القوى السياسية الوطنية المختلفة لإنفاذ وثيقة الحوار الوطني، ومواصلة المساعي من أجل التوصل للسلام الشامل مع الحركات المسلحة المتمردة بالمنطقتين، وفقاً للمرجعيات المتفق عليها للتفاوض.
ودعا البيان الحركات لتجاوز المماطلات والتخلي عن المصالح الضيقة وإعلاء الأجندة الوطنية على أجندة الاستنصار بالأجنبي، وأدان الاعتداءات المتكررة التي ظلت تنفذها الحركات المسلحة ضد مواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وأكد ضرورة توفير مدخلات الحصاد وشراء المخزون الإستراتيجي وفتح قنوات للتسويق للاستفادة من الموسم الزراعي الممتاز.
وكان رئيس الجمهورية ورئيس حزب المؤتمر الوطني المشير “البشير” أكد على أن الأيام القادمة ستشهد اتخاذ الإجراءات المتعلقة بالتعديلات الدستورية اللازمة لاستيعاب المشاركين في الحوار الوطني في أجهزة الدولة، بجانب الشروع في المشاورات حول تكوين الآلية المتفق عليها لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار، مشيداً في ذات الوقت بجهود القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لما لها من دور في الحفاظ على الأمن والاستقرار بالبلاد في ظل ما يشهده العالم من انعدام للأمن والاستقرار، مشدداً على ضرورة العمل على إشاعة الأمن والذي شدد على أنه مسؤولية مشتركة بين المواطن والأجهزة الحكومية، مشيراً لما تم في هذا الصدد في إطار إصلاح الدولة، من إصلاح للقوانين والتشريعات التي تؤكد على سيادة حكم القانون المفضي إلى تحقيق الرضا المجتمعي.
“البشير” لأول مرة تحدث صراحة عن الاتهامات الصادرة من منظمة العفو الدولية باستخدام أسلحة كيميائية في جبل مرة بدارفور، واعتبرها مجرد “إدعاءات كاذبة”، مشيراً إلى أن محاولات أصحاب الأجندة ستستمر في محاولة عرقلة جهود السودان واستمرار الافتراءات عليه”.
وقال : إن هذه الإدعاءات الكاذبة أثبتت عدم صدقها العديد من الهيئات الدولية، وفي مقدمتها قوات (يوناميد) التي جاءت شهادتها قوية في تكذيب هذه الإدعاءات.
وانتقد دور قيادات التمرد “التي باعت نفسها لأجل الترويج لمثل هذه الأكاذيب والاتهامات بالتعاون مع الأجنبي، من أجل تدمير بلادهم وتدنيس سمعتها”، وزاد : “نقولها واضحة للحركات المسلحة إن كل هذا التآمر وكل هذه الخيانة لن تفيدكم شيئاً”.