استلهام تجارب "النفير" لوضع سياسات اقتصادية جديدة
مؤتمر الفروع التاسع لبنك السودان المركزي
الأبيض- نزار سيد أحمد
في تظاهرة سياسية واقتصادية كبيرة، شهدت ولاية شمال كردفان برعاية من والي الولاية مولانا “أحمد هارون” وتشريف النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”، شهدت انعقاد مؤتمر الفروع التاسع لبنك السودان المركزي وسط حضور من جميع قادة المصارف واتحاد أصحاب العمل وزمرة من الاقتصاديين، وذلك للعمل على تطوير العمل الاقتصادي في جوانبه المصرفية في ظل تعقيدات كبيرة وتحديات يعيشها الاقتصاد السوداني والعملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية. ولعل اختيار بنك السودان المركزي لولاية شمال كردفان مكاناً لإقامة مؤتمره التاسع للفروع يحمل في جنباته الكثير من المضامين المعلومة وأخرى خفية، من بينها استلهام معاني ومضامين تجربة نفير نهضة شمال كردفان الذي ابتدعه الوالي “أحمد هارون” ليقفز بالولاية إلى مقدمة الولايات من حيث التنمية الاقتصادية والعمرانية عبر مشاركة المجتمع في قيادة تنمية وإعمار ولايته.
{التزام بالمعايير
وطالب النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية لفعاليات المؤتمر طالب القطاع المصرفي بضرورة تطوير الأداء ورفع الكفاءة والالتزام بالمعايير السليمة للعمل المصرفي المتمثلة في الوساطة المالية والتمويل، فضلاً عن الخدمات المصرفية. وقال النائب الأول إن التجارب السابقة أثبتت عدم التزام القطاع المصرفي بتلك المعايير في بعض المراحل مما تسبب بمشاكل كثيرة على غرار زيادة نسب التعثر وضعف ضمانات التمويل، وارتفاع نسبة التركيز التي انعكست في جملتها على زيادة المخاطر المالية.
{ استيعاب المهمشين
ومضى النائب الأول داعياً إلى ضرورة أن تراعي مخرجات المؤتمر ربط الجوانب الاقتصادية مع الخدمات الاجتماعية في إطار برنامج متوازن، مشدداً على أهمية أن تتوافق التوصيات مع البرامج القائمة وربطها بحاجات المجتمع الأساسية، ودعا إلى تحقيق الشمول المالي بما يمكن من استيعاب من سماهم بالمهمشين اقتصادياً في عملية التنمية. ولفت النائب الأول إلى أهمية الاستفادة من البعد المكاني للتنمية لتحقيق التوازن بتوزيع الأنشطة الاقتصادية والخدمية.
{ (بياناً بالعمل)
ووجه النائب الأول المصارف بدعم العلاقات بينها وولاية شمال كردفان وتعميم التجربة على الولايات الأخرى لجهة أن شمال كردفان باتت تمثل نموذجاً تطبيقياً و(بياناً بالعمل) يمكن الاقتداء به أثناء تنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وامتدح تجربة شمال كردفان ومساهمتها في صهر المجتمع ورتق نسيجه الاجتماعي ما مكن القائمين على أمر الولاية من إنجاز المهام والمشروعات المطروحة كافة، مؤكداً المواصلة في دعم نفير الولاية في مرحلته الثانية لتحقيق النهضة الاقتصادية الشاملة من خلال زيادة الإنتاج وتحسين معاش الناس.
{ الانتقال السلس
بدوره أعلن والي شمال كردفان مولانا “أحمد هارون” الانتقال إلى المرحلة الثانية من النفير التي تعنى بالتنمية المستدامة والاهتمام بالإنتاج والإنتاجية عبر تطوير وتنفيذ عدد من المشروعات الخدمية. وأبدى “هارون” أمله في أن تواصل رئاسة الجمهورية دعم ورعاية مشروع النهضة مثلما دعا وزارة المالية إلى مواصلة الجهود لاستكمال وتأهيل مشاريع الإنتاج في عدد من القطاعات الزراعية والحيوانية وفي مجالات الصناعات التحويلية المرتبطة بهما، وإنشاء بورصة السلع وتبني مشروع المنطقة الحرة وتطوير الأسواق الريفية وإنشاء صوامع بالولاية، ولفت إلى تضافر الجهود كافة لتحقيق الأهداف الكلية لمشروع نفير النهضة في جوانبه كافة لإحداث نقلة في حياة المواطن والمساهمة في الاقتصاد القومي من خلال فتح أبواب الاستثمار المحلي والأجنبي وتطوير الإنتاج في جوانبه الزراعية والحيوانية والصناعية.
{ رهان على المصرفيين
خلال كلمته في فعاليات المؤتمر قال وزير المالية “بدر الدين محمود” إنه يراهن على قطاع المصرفيين لقيادة التنمية بالبلاد وعدّ النجاحات التي تحققت في الاقتصاد السوداني بالرغم من التحديات الماثلة ما كان لها أن تتحقق دون التنسيق بين وزارة المالية وبنك السودان، وقال إنهم يعكفون الآن على إصدار قانون للشراكة بين القطاعين الخاص والعام لبداية مرحلة جديدة، ودعا المؤتمرين إلى ابتداع وسائل وأساليب جديدة لدعم الإنتاج، وشدد على أهمية الدفع بالتمويل الأصغر لإدماج الفقراء في النشاط الاقتصادي والإنتاجي. وطالب القطاع المصرفي ببناء شراكة حقيقية في تمويل الإنتاج في ولايات السودان وفي شمال كردفان على وجه الخصوص لجعلها قاعدة للإنتاج بما يتوافر لها من ميزات تفضيلية كثيرة جعلتها تتفوق على غيرها من ولايات البلاد، وأردف بالقول: (لن يتوقف دعمنا لشمال كردفان لجعلها ولاية أنموذجاً).
{ سياسات مستحدثة
وقال وزير المالية إن البرنامج الخماسي سينطلق في عامه الثالث وفق أهداف وبرامج لزيادة الإنتاج، وتنويع مصادر الاقتصاد بالتعويل على السياسات والنقدية والعمل وفقاً لأهداف محددة لسلع البرنامج، وشدد على أهمية التركيز في سياسات الشمول المالي وزيادة معدلات الادخار وتوجيه التمويل واستكمال سياسات التقنية في العمل المصرفي، وطالب بالتركيز على سياسات القطاع الخارجي وتحفيز الصادر وزيادة النقد الأجنبي وترشيد الطلب عليه من أجل استقرار سعر الصرف، وأشار إلى جملة تلك الإجراءات التي سيتم إصدارها في سياسات مستحدثة لتنظيم القطاع الخارجي والتجارة الخارجية.
{ إجراءات تنظيمية
محافظ بنك السودان المركزي “عبد الرحمن حسن عبد الرحمن” أعلن عن انتهاج سياسات اقتصادية جديدة بالتنسيق مع وزارة المالية في حشد مقدرات الدولة ومواردها وضبط الصرف والاستمرار وتمويل وتشغيل الصادرات، فضلاً عن ابتداع سياسات تحفز الصادرات وتحفز مدخرات العاملين بالخارج، وكشف عن البدء في إجراءات لتنظيم سوق النقد الأجنبي وضبطه والعمل على حشد موارد النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي، بجانب الاستمرار في السياسات الأخرى الخاصة بشراء الذهب، ولفت إلى أن أهم أهداف البنك المركزي تحقيق الاستقرار في الجهاز المصرفي الذي قال إنه حقق مؤشرات عالمية بتوالي انخفاض نسبة التعثر.
{ شمولية الوصول
وشدد محافظ بنك السودان على أهمية التركيز من خلال استراتيجيات العام القادم على شمولية الوصول إلى أموال التمويل الأصغر الذي قال إن العرض المتوفر في المصارف أكثر من الطلب المقدم للحصول عليه، منوهاً إلى تبسيط الإجراءات في الحصول على التمويل الأصغر، مبيناً أن نجاح تجربة التمويل الأصغر فتح الباب لوصول أموال من الخارج من بنك التنمية الإسلامي والمصرف العربي، ونبه إلى أن نسبة التعثر في المصارف من (5-6 بالمائة) بعد أن كان خلال العشر سنوات الماضية يصل إلى أكثر من (30 بالمائة)، وأشار إلى أن نسبة كفاية رأس المال استقرت لعامين أكثر من (20 بالمائة).
{ اجتماع رجال الأعمال
كان لاتحاد أصحاب العمل مشاركة كبيرة في فعاليات المؤتمر، حيث أعلن رئيس الاتحاد “سعود البرير” في كلمته عن انعقاد اجتماع مجلس رجال الأعمال السوداني السعودي يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري بالخرطوم، مشيراً إلى مشاركة وفد سعودي كبير في الاجتماع يضم رجال الأعمال والقطاع الخاص السعودي المشاركة في الاجتماع، وتوقع أن يحقق الاجتماع السوداني السعودي نتائج إيجابية تدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين. وطالب “البرير” بضرورة خلق شراكة بين القطاعين الخاص والعام في السودان، مبيناً أنه دون هذه الشراكة لن تكون نهضة اقتصادية بالبلاد، داعياً البنك المركزي ووزارة المالية إلى وضع سياسات اقتصادية برؤية جريئة، فضلاً عن إيجاد حزمة سياسات في موازنة العام القادم لدعم الموسم الزراعي لزيادة الإنتاج في الصادر.
انتهت الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الفروع التاسع، ليبدأ النائب الأول برنامجاً آخر شمل افتتاح محطة مياه سدر لسد حاجة مدينة الأبيض من مياه الشرب، وسجل زيارة إلى مستشفى الضمان وقسم الطوارئ بمستشفى الأبيض، ووقف على سير العمل في تشييد مبنى المجلس التشريعي بالولاية.