شهادتي لله

أكتوبر ونوفمبر.. الحرية والاقتصاد!

{ تمر اليوم الذكرى (52) لثورة أكتوبر الشعبية التي أطلحت بالحكم العسكري الأول بقيادة الفريق “إبراهيم عبود” عليه رحمة الله ورضوانه.
{ لسنا من جيل أكتوبر 1964م، ولم نخرج للدنيا حينها، لكننا وجدنا آثارها وتراثها الثوري والثقافي، كما وجدنا آثار “عبود” ورفاقه الجنرالات “أحمد عبد الوهاب”، “حسن بشير نصر”، “محمد طلعت فريد”، “محمد أحمد عروة”، “عوض عبد الرحمن صغير”، “المقبول الأمين”، “أحمد مجذوب البحاري” ورفاقهم في التشكيل الأول عند تسلّمهم السلطة في 17 نوفمبر من العام 1958م وضم (11) ضابطاً، ثم تقلص المجلس العسكري إلى (7) ضباط عظام بمن فيهم الفريق “عبود” في العام 1960م.
{ هناك خلاف كبير ومستمر حول طبيعة وتوصيف عملية الاستيلاء على السلطة في العام 1958 من قبل قيادة الجيش، هل كان انقلاباً عسكرياً، أم (تسليماً وتسلماً)؟!
{ غير أن أغلب الروايات المتواترة والموثقة تؤكد أنه كان (تسليماً) من قيادة الحكومة وحزب الأمة على وجه التحديد لقائد الجيش، لحسابات سياسية محددة في تلك الفترة.
{ كانت أكتوبر ثورة من ناحية أنها اقتلعت نظاماً عسكرياً قابضاً وأعادت السلطة للمدنيين بتجريب سلاح الاعتصامات والتظاهرات الهادرة، وكانت تجربة أولى وفريدة في المنطقتين العربية والأفريقية، وقد مارس الشعب الديمقراطية الثانية لنحو (5) سنوات عقب أكتوبر إلى أن أطاح بها انقلاب عسكري آخر في 25 مايو 1969م.
{ ولكن هل الثورات الشعبية التي أفرزت أنظمة مدنية ديمقراطية سواء في أكتوبر أو أبريل 1985م استطاعت أن تحقق إنجازات تنموية واستقراراً سياسياً للبلاد فدانت لها الديمومة كما هو الحال في دول العالم الأول؟
{ لم يتحقق لها الاستقرار ولا الديمومة، لأن الصراع الحزبي بلغ مراحل متأخرة بحيث يمكن لحزب حاكم أن يسلم السلطة للعسكر قطعاً للطريق أمام حزب آخر يستعد لإسقاط الحكومة الائتلافية بالتصويت!!
{ بالمقابل توفر لنا على أرض الواقع ما هو ملموس وقائم حتى الآن من صروح اقتصادية ومشروعات بنى تحتية معلومة شيدها حكم الجنرالات في الفترة من العام 1958 إلى 1964م، ما دفع بعض المواطنين الحزانى أن يهتفوا للفريق “عبود” في سوق الخرطوم مطلع ثمانينيات القرن المنصرم بعد نحو عقدين من تقاعده: (ضيعناك يا عبود.. وضعنا وراك)!!
{ لابد أن تستصحب الثورات آمال وتطلعات الجماهير في ما يتعلق بالمعيشة والحياة الكريمة ونمو الاقتصاد، فلن يأكل الإنسان حرية بل خبزاً، ولن يشفى من الأمراض بالحرية بل بالدواء، ولا تبنى البيوت بالحرية بل بالطوب و(المونة)!
{ الحرية والاقتصاد متلازمتان لنجاح مشروع أية دولة محترمة.
{ جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية