الديوان

البجراوية..أرض التاريخ والفنون تعيش الآن خارج التاريخ

تفتقد للخدمات والمرشد ورسوم الدخول (50) جنيهاً
البجراوية : محمد إبراهيم الحاج
بعد رحلة طويلة امتدت إلى حوالي الثلاث ساعات والنصف قطعنا خلالها (213) كيلومتراً، من مقر قيامنا من مركز (راشد دياب) بالخرطوم وصلنا منطقة البجراوية الأثرية التي تعد من أهم المناطق الأثرية في السودان.
رغم أنها كانت الزيارة الثانية لي خلال أقل من عامين..إلا أن معظم تفاصيل الزيارة السابقة أعدت تكرارها بالكربون، فلم ينصلح حال القرية الأثرية التي تخلو من أية خدمات، ولا تجد فيها سوى بعض الباعة الذين يفترشون الرمال الحارقة ويعرضون  بضائعهم من الحلي القديمة والتذكارات من الصناعات المحلية اليدوية، من الخناجر والسيوف ونماذج صغيرة من الأهرامات المصنوعة من الطوب والآلات الموسيقية التقليدية، لبيعها للوفود السياحية والزوار لبيع منتجاتهم، وبعض الأبالة الذين ينقلون الزوار إلى الأهرامات ولا شيء سوى ذلك.
رسوم الدخول إلى القرية التراثية يبلغ (50) جنيهاً، للأجنبي و(5) جنيهات للسوداني، وعند خروجك من القرية تتلقفك الأسئلة الملحة حول جدوى تحصيل تلك الرسوم، لأن القرية تفتقد لكل مقومات الأماكن السياحية، تنعدم فيها المرافق الصحية، ويجب على كل زائر أن يدخل إليها محملاً بقوارير المياه حتى لا ينهش العطش جوفه..و حتى المرشد السياحي الذي يعد أبسط مقومات المناطق الأثرية لن تجد له أثراً..وما على الزائرين سوى الاستعانة بمعلوماتهم الضئيلة حول المنطقة في حال كنت برفقة أجانب مثلما كان حال وفدنا السياحي الذي كان يضم الفنان الأسباني العالمي “خواكين سيلسيا” الذي قدم إلى البلاد بدعوة من مركز (راشد دياب) للفنون.

تقول المراجع العلمية التاريخية والاركولوجية، إن مدينة مروي تُعدّ من أهم المدن التاريخية في أفريقيا، فقد شُيِّدت على موقع سكني مقر الملوك المرويين منذ القرن السادس قبل الميلاد، وحسب ما يورد المؤرخون فقد انتقلت إليها العاصمة من نبتة عام591ق.م ، وقد عاصرت دولة مروي البجراوية الفرس والبطالمة في مصر. ويوجد فيها نوعان من المعابد.. المعبد الآموني، والمعبد المروي.
وتبلغ مساحة المدينة مابين (30) و(50) هكتاراً، و يبلغ مجمل عدد الأهرامات (57) هرمًا، من جملة أهرامات أخرى، وقد تم اكتشاف خرائط الشكل الهندسي للهرم داخل الهرم الذي يُعرف بـ”هرم ذو الطرف المسطح ” حيث وجدت داخل الغرفة رقم (8)، وتشتمل مروي على المدينة الملكية ومجموعة من الأهرامات التي تحتوي على المدافن تُعرف بالأهرامات الجنوبية والأهرامات الشمالية والأهرامات الغربية.
الأهرامات الجنوبية: تقع على بعد أربعة كيلو مترات إلى الشرق وعلى حافة سلسلة من تلال الحجر الرملي وهي الأقدم زمن سلالة الملوك المرويين في الفترة مابين 720 ق م – 300 ق م، وهي تعد الأهرامات الأولى التي بُنيت في مروي متبعة بذلك تقاليد الدفن الملكي من نوري وجبل البركل وتشمل على مقابر الملوك وملكات مملكة مروي.
الأهرامات الشمالية: وتقع إلى الشمال عبر الوادي، وقد بدأت هذه المجموعة كجبانة ملكية حوالي 270 ق م، وتحتوي على مجموعة مدامن وأهرامات ملوك امتدت حتى 330 ق م.
الأهرامات الغربية : وتقع في المنطقة المنبسطة من مدينة مروي بين الجبانة، الأهرامات الجنوبية والأهرامات الشمالية، وهي أهرامات صغيرة الحجم لرجال البلاط الملكي والوزراء، كما توجد بقايا معبد الشمس. وقد بدأ الدفن فيها بالتزامن مع الدفن في الأهرامات الجنوبية، واستمر حتى نهاية مملكة العصر المروي.
 عند خروجنا من القرية التراثية لم نجد سوى سيارة الوفد السياحي وبعض الباعة الذين كانوا يفترشون الأرض ويعرضون في إلحاح بضاعتهم المصنوعة من مواد محلية من النحاس والحجر والطين…سيدة في منتصف العمر من السكان المحليين فاجأتنا داخل السيارة بطلب غريب بأن طلبت مننا أن نمنحها صحيفة لتعرف أخبار البلد، وعندما منحناها إحدى الصحف اليومية التي كانت بحوزتنا هرولت مبتعدة وعلى محياها ملامح السرور وهي تتمتم :(والله أخر جريدة جاتنا هنا كانت قبل شهر كامل)، وقتها لم أملك سوى أن أتمتم في سري أن (البجراوية..أرض التاريخ…التي تعيش الآن خارج التاريخ).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية