أعياد الرئيس "البشير" .. !!
{تألق الرئيس “البشير” في حواره ليل أمس (الأربعاء) مع الأستاذ “حسين خوجلي”، كما لم يتألق من قبل، وأبدع “حسين” كعادته، وشرفنا ومثلنا خير تمثيل في كافة مؤسسات الصحافة والإعلام. {تراكم التجربة السياسية الطويلة وكم المعلومات الهائل الذي توفر للرئيس على مدى (27) عاماً، جعله ذكياً جداً في الإجابات، وحاذقاً في تجاوز المطبات، وحصيفاً في إطلاق الرسائل، وماهراً جداً في تشريح الواقع السياسي والاجتماعي في السودان . {هذا ليس رئيساً يعارضه “عقار” و”مناوي” و”الحلو” والمتوجس الأممي “الحاج وراق”، وبقية الهوام من جماعات الضلال السياسي . {هؤلاء لا يفهمون معادلات كيمياء الشعب السوداني، ولا يستوعبون شفرته، كما يفهمها “البشير”، ولهذا تخيب كل مخططاتهم البائسة والساذجة، وآخرها الإضراب الفاشل لزمرة من أطباء الامتياز والعموم غير المدربين عملياً ولا سلوكياً، والدليل على فشله الذريع، أنه – خلافاً لإضراب أطباء أبريل 1985م – زمن الدكاترة دكاترة، لم يحرك شعرة تعاطف واحدة في رأس أي مواطن سوداني، وإلا لسقطت الحكومة في اليوم الثالث للإضراب !! {كان الرئيس واضحاً و شفافاً وعبر عن دواخله ومكنون مواقفه السياسية بجرأة وفطنة عالية، ولعل أهم ما أطلقه من رسائل هو تأكيد تقديره والتزامه بمؤسسات حزبه (المؤتمر الوطني) في حين أن السؤال كان عن آفاق انتقال الرئيس من خانة (الحزب) إلى خانة (القومية) بعد نهايات الحوار الوطني ..كانت الإجابة عكس ما توقع الكثيرون، ربما بمن فيهم مقدم البرنامج . {لم ينسب “البشير” الفضل لنفسه، بل قال إن المؤتمر الوطني هو الذي توصل لفكرة الحوار من خلال مشروع الإصلاح السياسي، وأنه كرئيس للحزب عبر عن رغبته في التحول السياسي . {بدا لي الرئيس ولأول مرة منذ فترة طويلة، مرتاحاً وهو يتحدث عن (المؤتمر الوطني) وعن (أخوانه) الذين وقفوا معه، بعد أن ظل خلال السنوات الأخيرة كثير النقد لأداء الحزب الحاكم ! {كشف الرئيس ولأول مرة أيضاً عن وده و احترامه العميق لسكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني الراحل “محمد إبراهيم نقد”، و قال إنه كان يستمتع بالجلوس إليه والتعلم منه، وحقاً كان “نقد” معلماً وكبيراً، وقد تعود الكبار في مجتمعنا دائماً أن يحفظوا مقامات بعضهم البعض، مهما اختلفت الأيديولوجيا وتباعدت المواقف، ولا يشذ عن هذا العرف إلا السفهاء والرجرجة والدهماء مثل المنبتين من سابلة الأسافير . {قال الرئيس إن القيادية التاريخية بالحزب الشيوعي السيدة المحترمة “فاطمة أحمد إبراهيم” عندما مشى إليها مصافحاً في مدينة “القطينة” قبل سنوات، احتضنته وقالت: (نحنا أحسن شعب وأنت أحسن رئيس) .. والعبارات تشبه “فاطمة” الجسورة – متعها الله بالصحة والعافية – وهي التي وافقت في العام 2005 أن تمثل الحزب الشيوعي مع آخرين في المجلس الوطني بالتعيين بقرار من ذات الرئيس !! {عن المحكومين من قادة الحركات، قال إنه مستعد للعفو عنهم ولكن بعد التزام الحركات بالسلام حتى لا يطلق سراحهم فيعودوا للحرب كما فعل آخرون . {برأ الرئيس القبائل من وصمة (التمرد) وقال: في إحدى حكوماتنا كان عندنا (4) وزراء من قبيلة “الزغاوة”، فنحن لا نحاسب القبائل بفعل أبنائها . {قدم شهادة وفاء وطنية إلى مقام السيد “محمد عثمان الميرغني” وأثنى عليه وقال إنه لم يبدل مواقفه وما يزال يعمل لوحدة صف البلد . {أبدى حسرة تبدت واضحة في ملامح وجهه حين تحدث بعتاب عن ابتعاد السيد “الصادق المهدي” عن الحوار، وقال إن موقعه الحالي بالخارج لا يشبهه كزعيم للأنصار وكرقم سياسي كبير. {أكد الرئيس على الحرية المسؤولة، وقال إن جهاز الأمن دوره حماية المواطن وليس إرهابه وتخويفه . {بصراحة .. لم أجد نقطة واحدة قالها الرئيس في هذا الحوار بالذات ووجدتني مختلفاً معه فيها . {هذه أيام (أعياد) “البشير” السياسية . {تبقى لك الاقتصاد يا ريس .. سلمت وسلم السودان.