رأي

فوق رأي

موسم الأزهار
هناء إبراهيم

في كواليس تسجيل أحد البرامج سألني أستاذي الجميل “سعدالدين إبراهيم” (رحمه الله) عن بعض الأغاني التي استخدمها عرضاً في كتاباتي قائلاً: الأغاني دي سمعتيها وين، قاعدة تجيبيها من وين، هذه أغنيات نادرة جداً والقنوات والإذاعات ما قاعدة تبثها لسبب نجهله..
أي إن كان السبب، فهو حرام فناً
 والله جد هناك أغنيات (بت ستين جمال) تهملها القنوات والإذاعات التي تمتلك حقوق بثها وتركز على أغنيات معينة لدرجة أنها كادت تفقد طعمها
منذ فترة بعيدة بقيت آلية استخدام الأغنيات القديمة أو المسموعة قائمة على نظرية المحاكاة، حيث يقوم فنان ما بإعادة تقديم الأغنية ويتبعه الآخرون ثم (يطلعوا روحها) ويفعلون ذات الشيء مع التالية..
حتى الفنانين الذين يعتمدون في مسيرتهم على الأغنيات المسموعة فإنهم لا يكلفون أنفسهم مهمة البحث والتنقيب عن الذي يناسب تجربتهم.. بل يتبعون مبدأ التكرار نفسه.
زمان مثلاً أيام نحن في المدرسة، شهدت الساحة الفنية الظهور الثاني لأغنية (عقد اللولي) وكان كل من هب ودب ومن لم يهب ويدب يغنيها في كل حفلة وفي كل برنامج.
 وظهرت كذلك (يا حبيبي نحن إتلاقينا مرة) و(يا طير يا ماشي لي أهلنا)..
بجانب الأغنيات الخاصة التي تظهر في فترة زمنية معينة وتختفي في خبر اللي بعدها.
فـ مع ناس إتلاقينا مرة كانت مسيطرة أغنية (عزاز علينا)..
بعدها صارت الأغنية الاستهلاكية تخرج من مصنع برنامج (أغاني وأغاني) وتستمر حتى الموسم الجديد من البرنامج..
كـ حقبة الظهور الثاني لرائعة “عبدالدافع عثمان” (مرت الأيام) و(يا زاهية) ثم (البياح) وهكذا وهكذا..
المبدعون أنفسهم ينسون في بعض الأحيان الجماليات التي صنعوها بعطر أرواحهم، قال لي أستاذ “سعدالدين” (ربنا يرحمه) إنه كان يحفظ قصيدة مجنونة وقديمة من كلمات “الحلنقي” وقرأها ذات لقاء للشاعر الجميل “إسحق الحلنقي”، ثم بعد أن تغزل “الحلنقي” في قصيدته التي لم يتذكرها ولم يتعرف عليها سأله: عليك الله دي قصيدة منو.
فأخبره أن هذه القصيدة لك أنت
وذكر لي أنه أخبر الراحل “وردي” عن أغنية جميلة تغنى بها مرة واحدة فقط، فـ رد عليه: دي أنا كيف ناسيها؟!
أنا ما بفهم لماذا تُهمل أغنيات بهذا القدر من الجمال، ولماذا رغم كبر البحر تسبح القنوات والإذاعات في جزء واحد وصغير منه ولماذا (حاكوا حاكوا)..
في الجزء الواسع من البحر، كنوز وإبداع وفن.
حتى على المستوى العربي هناك جماليات لـ”فيروز” و”شادية” وغيرهما طولنا منها شديد..
هسه متين لاقتك (أنا عم بحلم) لـ”ماجدة الرومي”.
ومتين سمعت (أنا بحبك يا مهذب) لـ”عائشة الفلاتية”.
على صعيد استثنائي تعجبني الفنانة “هدى عربي” التي تبحث في هذا البحر الواسع عن المنطقة التي تجيد فيها التجديف الصوتي وركوب أمواج اللحن..
قاعدة تغني أغاني طولنا منها عديل..
والله جد..
أحياناً الدخول من الباب السري للأشياء، إبهار ودهشة ونغم فنان..
أقول قولي هذا من باب الملاحظة وربما الفقدان
وعموماً يا ناسيني كلياً: أنساني ما بنساك
…… و
كنت تسيبني
لدواعٍ في بالي

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية