جهالات الكونغرس.. وانتفاضة " أوباما " الأخيرة !
قانون العدالة لرعاة الإرهاب المعروف اختصاراً بـ(جاستا) الذي أجازه الكونغرس الأمريكي ورفضه الرئيس ” أوباما ” (الجمعة) مستخدماً حق النقض الرئاسي، فأعاده إلى مجلسي النواب والشيوخ مرة أخرى، يكشف عن ضحالة معرفة أعضاء الكونغرس بالسياسة الدولية، بل بالقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة !!
وفي الوقت الذي ننتقد فيه نحن دخول (أميين) للبرلمانات في السودان والدول العربية والأفريقية، فإنه يبدو واضحاً أن عدداً كبيراً من أعضاء الكونغرس الأمريكي يعانون من (أمية ثقافية) حادة !! فكيف يحكم هؤلاء العالم بهذا المستوى المفرط في الجهالة و الغطرسة العمياء ؟!
يقرر قانون العدالة لرعاة الإرهاب (جاستا) خضوع حكومات دول العالم المشتبه فيها بدعم الإرهاب (بعلمها أو بغفلتها)، إلى المحاكم الأمريكية في اتهامات متعلقة بأحداث ( 11 سبتمبر 2001 م ) التي استهدف فيها برجي التجارة الدولية في ” نيويورك ” ومبنى البنتاغون في ” واشنطن ” .
الدولة الأولى المعنية بقانون (جاستا) هي المملكة العربية السعودية ثم دول الخليج العربي، وقد تجر الاتهامات المفتوحة على المزاعم دولاً أخرى مثل السودان، مصر، اليمن، أفغانستان، باكستان وغيرها من بلاد العالم التي عاش فيها لوقت من الأوقات أو زارها مرة أحد المتهمين في تفجيرات (11 سبتمبر)، بعلم تلك الدولة أو دون علمها، المهم أن تدفع تلك الدولة تعويضات مليارية للضحايا بعد إدانتها في محكمة أمريكية !! باختصار هو قانون ابتزاز و(بلطجة) أمريكية صاغه محامون (سماسرة) استطاعوا تمريره إلى داخل الكونغرس بانتظار عمولاتهم الضخمة وعمولات أعضاء مؤثرين في الكونغرس !!
وبالتأكيد فإن هذا القانون الغريب المعيب المخالف للقوانين الدولية الحامية لسيادة الدول، يعرض بالمثل الولايات المتحدة الأمريكية – مثلما قال الرئيس ” أوباما ” في مذكرة رفضه للقانون – إلى مخاطر جسيمة بسن دول عديدة لقوانين تحاكم الجيش الأمريكي وضباطه وجنوده، وموظفي وكالات المخابرات الأمريكية، بل الدولة الأمريكية كلها على خلفية اتهامات حقيقية وممكنة بدعم جماعات وحركات مسلحة ارتكبت جرائم حرب وإبادة بدعم مالي أو لوجستي أو تدريبي أو باستخدام سلاح أمريكي ما خلف آلاف الضحايا في بقاع مختلفة من العالم من بينها السودان وجنوب السودان.
هذا غير لوائح الاتهام الجاهزة غير المشكوك في ضعفها بقتل ملايين المواطنين العرب والمسلمين في العراق، أفغانستان و الصومال بأيدي وسلاح أفراد القوات المسلحة الأمريكية خلال عمليات الغزو المخالف للقانون الدولي للدول الثلاث.
لقد كان ” أوباما ” حصيفاً وعاقلاً .. والأهم أنه بدا متحرراً من قيود (لوبيات الظلام) الأمريكية، وهو يعلم أنه يغادر كرسي الرئاسة بعد أقل من خمسين يوماً.
وغير رفضه قانون (جاستا)، فإن ” أوباما ” يعتزم الإعلان عن قرار أمريكي لصالح قيام دولة فلسطينية جنباً إلى جنب الدولة الإسرائيلية قبيل مغادرته البيت البيضاوي، وهذا ما جعل مقابلته لرئيس وزراء إسرائيل ” بنيامين نتينياهو ” الأسبوع الماضي فاترة وباردة ، حسبما ذكرت الصحافة الإسرائيلية، إذ أن الرجلين ليسا على وفاق، وظلت علاقاتهما متكلفة وغير ودودة .
فهل يحظى السودان بحصة من البشريات خلال ( انتفاضة ) ” أوباما ” الأخيرة ، قبل أن يحل علينا ” ترامب ” المجنون ، أو ” كلينتون ” الضعيفة، هنا تكمن قدرات وإمكانيات الدبلوماسية ومؤسسات السيادة في الحكومة السودانية.