مجرد سؤال ؟؟
جنون الأسعار أصاب (الخراف) أيضاً
رقية أبو شوك
تعجبت جداً للارتفاع (المبالغ فيه) لأسعار الخراف هذا العام والذي كان أدناه (1500) جنيه، (للخروف الواحد) كما تجاوزت الأسعار الـ (2) ألف، لخروف حجمه يمكن أن يكون عادي جداً.
أظن أن حمى الأسعار وجنونها قد انتقل للثروة الحيوانية وجعلها هي الأخرى تباهي السلع الأخرى في الارتفاع والسبب أيضاً ارتفاع سعر الصرف.
السودان به أكثر من (136) مليون رأس، من الثروة الحيوانية ورغم ذلك لا نستمتع بهذا الإنتاج الضخم والذي كان من المفترض أن ينعكس على الأسعار وانخفاضها… أنه اقتصاد العجائب.
فعندما تشاهد العشرات من (المواشي) تتجول في المراعي الطبيعية يتخيل إليك أنك في بلد ثاني غير السودان وتتخيل أن سعر الواحد منه لا يتجاوز الـ (300)، ولكنك عندما تقترب منه للشراء تفر بلا رجعة وتعود بك الذاكرة أنك في السودان سودان ارتفاع الأسعار.
الكثيرون من المواطنين لم يستطيعوا شراء الأضحية وبالتالي لم (يضحوا) بالرغم من أن قلوبهم معلقة بالأضحية والفداء و(الكبش السمين) وفي ذاكرتهم المعاني الجميلة التي جاءت من أجلها الأضحية، وكيف أن سيدنا إبراهيم قال لابنه إسماعيل: (يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) وكان رد الابن البار بابيه 🙁 يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) وقبل التنفيذ يقول تعالى في سورة الصافات 🙁 وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
يا لها من معانٍ سامية وجليلة الكل يريد أن يفدي سيدنا إسماعيل، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت الكثيرين من أبناء السودان لم يشاركوا هذا العام في الأضحية واكتفوا بشراء القليل من اللحوم الحمراء قبيل العيد حتى يقدمونها للأبناء في يوم العيد بالرغم من أنها قد تنتهي في اليوم الأول.
وأنا أتجول في الشوارع وجدت الكثير من الملاحم مازالت مفتوحة للجمهور والسبب أن البعض يذهب للشراء لأنه لا يستطيع شراء (خروف) بثمن عالٍ لا يستطيعه خاصة في ظل الراتب الذي لا يفي بالاحتياجات، بل وأن الكثيرين -أيضاً- لا راتب لهم فمن أين لهم بثمن الأضحية ؟.
فالسؤال الذي يفرض نفسه لماذا ارتفاع (الخراف)؟ ونحن بلد الثروة الحيوانية التي ترعى في مراعي طبيعية وخضرة وعلف (نبت) بفضل الخريف الجيد وليس بحاجة إلى أعلاف تم استيرادها وتسبب الدولار في ارتفاعه، فحتى الصادر من الثروة الحيوانية مازال دون المستوى … فعندما تكون هنالك صادرات كثيرة سيكون هنالك عذراً للارتفاع ونقول : إن الندرة أدت إلى ارتفاع الأسعار … ولكن للأسف مازالت الصادرات من الثروة الحيوانية دون المطلوب بالرغم من الجودة العالية التي تتميز بها ثروتنا الحيوانية.
فما الذي أصاب إنتاجنا وجعله مشلولاً.
كنا نتوقع أن يكون صادر الهدى هذا العام جله من السودان
وكنا نتوقع -أيضاً- أن نغذي العالم من ثروتنا الحيوانية (حية ومذبوحة).
(فسلة غذاء العالم) التي درسناها لم تأت عبثاً وإنما جاءت بناءً على التقديرات في مجال الإنتاج الزراعي بشقيه الزراعي والحيواني.
فعندما أطلق رئيس الجمهورية المبادرة في توفير الأمن الغذائي من السودان وجدت قبولاً كبيراً، لأن الكل يعرف مقدرات السودان في هذا المجال ويعرف أن السودان لديه موارد طبيعية هائلة وبإمكانه توفير الغذاء للعالم جله وليس العالم العربي.
كل ما نرجوه أن تتم مراجعة كاملة للسياسات الاقتصادية وأولها الزراعية لتكون انطلاقة الحراك الزراعي عبرها ونحرك الصادر … فنحن مؤهلين في هذا المجال … وأن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لإرجاع الأسعار إلى رشدها
فالارتفاع في الأسعار جعلنا نتخلف عن شرف المشاركة في الفداء.