الميرغني والدور المفقود!!
جاء في أخبار الأمس أن زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي مولانا “محمد عثمان الميرغني” يعتزم زيارة دولة الجنوب بعد انقضاء شهر رمضان الحالي لدفع العلاقات بين الدولتين إلى الأمام.. ونقل “ميرغني مساعد” وهو من الوجوه التي برزت أخيراً في الساحة عزم السيد “الميرغني” لقاء قيادات حزبه في المملكة العربية السعودية للتشاور حول المؤتمر العام للحزب الذي أعلن من قبل انعقاده قبل نهاية العام الجاري!!
السيد “محمد عثمان الميرغني” يحظى بقبول عربي وإفريقي، وله علاقات بقيادة دول عديدة في المنطقة، ويعتبره ملوك ومشايخ الخليج وخلفاؤها امتداداً اجتماعياً لتلك المشيخات والممالك في السودان، بيد أن ظروف تعقيدات هذا البلد حالت دون وصوله للسلطة والحفاظ عليها بالتناسل، مثلما حافظوا على سلطانهم في الخليج.
وشخصية السيد “محمد عثمان الميرغني” (المتصالحة) مع الآخرين، ومرجعيته الثقافية الدينية الصوفية، جعلته أقرب للآخر من التيار الإسلامي النهضوي الذي يميل للتمايز والمفاصلة.. ووجد السيد “الميرغني” عند الجنوبيين تقديراً لم يبلغ مرحلة القداسة، ولكنه كان يمثل عند “جون قرنق” وقيادات الحركة الشعبية وجهاً مقبولاً ينبغي التحالف معه مؤقتاً حتى الوصول للمبتغى والأهداف.. لكن المؤتمر الوطني أضعف دور “الميرغني” وأبعده عن مفاوضات نيفاشا لحسابات داخلية محضة رغم تأثر “الميرغني” على عواصم عربية كانت قريبة من نيفاشا مثل القاهرة والرياض!!
بعد انفصال الجنوب وذهابه لسبيله وغروب شمس النظام (المباركي) في القاهرة.. وقع حزب المؤتمر الوطني في غرام الحزب الاتحادي الديمقراطي وتباعدت الخطى بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني الذي ارتاح ضميره بدخول الحزب الاتحادي الديمقراطي مجلس الوزراء وتماهي (الوطني في الاتحادي).. لكن هل جني (الوطني) وحكومته ثمرات التحالف مع حزب الميرغني؟؟ لماذا لم يستخدم السيد “محمد عثمان الميرغني” عصاه ونفوذه وعلاقاته الإقليمية والدولية في تحسين علاقات الخرطوم بجيرانها؟؟ هل للسيد “محمد عثمان الميرغني” أيضاً حساباته السياسية الخاصة التي جعلته (لا يضع) كل بيضة في (سلة) المؤتمر الوطني و(يدخر) بعض حصيلة جهوده في سنوات المعارضة لغد قريب، حيث لا يزال الحزب الاتحادي الديمقراطي (يراوده) الأمل في الفوز بالانتخابات القادمة، رغم أن “الميرغني”، وكذلك حزب الأمة ممثلاً في قيادته (المهدوية)، يعتبرون وجودهم في الساحة على قيد الحياة السياسية رهيناً بوجود البشير في السلطة وزحزحة الإنقاذ وسقوطها تعنى سقوط عروش السادة المراغنة والسادة المهدويين!!
لم تحصد الحكومة – حتى اليوم – ثمرة علاقات السيد “الميرغني” الخارجية خليجياً وإفريقيا.. فهل زيادة “الميرغني” القادمة لجوبا هي بداية لنشاط خارجي للسيد يسهم في تقارب المسافات بين عدد من العواصم؟! أم هي زيارة علاقات عامة فقط؟! وهل الحزب الاتحادي الديمقراطي في طريقه لتعويض خروج الدكتور “منصور يوسف العجب” من وزارة الخارجية كوزير دولة بشخصية محل ثقة “الميرغني” و”البشير” مثل “تاج السر محمد صالح”؟ أم ثغرة العلاقات الخارجية سيتولى “الميرغني” والدور المرتقب للسيد والحزب يتولاها الزعيم بنفسه؟!..