حوارات

(المجهر) تستنطق مبارك الفاضل المهدي حول مجريات تفاوض أديس أبابا بين الحكومة والحركات المسلحة

الحركة الشعبية تتعنت بسبب قراءتها الخاطئة لمواقف المجتمع الدولي الذي بدَّل تعاطفه معها
الحركة تريد نائب رئيس ووضع مميز، لكن لن تجده فلا سبيل لنيفاشا جديدة
مفاوضات أديس نجحت وأنجزت أهم النقاط
الحوافز الغربية ستتحقق لأن (البشير) أبعد العناصر الإسلامية وترك حلف إيران
حوار – عقيل أحمد ناعم
واحد من الساسة الذين يبنون مواقفهم السياسية وتحليلاتهم للواقع السياسي على معلومات أقرب للدقة وعلى معرفة بالجهات والشخوص الفاعلين في المشهد السياسي، هو (مبارك الفاضل المهدي) أحد أبرز قادة حزب الأمة.
(المجهر) جلست إليه وتحاورت معه حول مجريات التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة وما توصلت إليه من تعثر وانهيار، فكان له رأي مختلف حول تقييم ما انتهت إليه هذه المفاوضات. ومضى لتشريح مواقف كل طرف ولقراءة ما يمكن أن تحصل عليه كل جهة وفقاً لقراءة الوضع المحلي والدولي.
حوار : عقيل أحمد ناعم
{ ما تقييمك لأسباب انهيار المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة في المنطقتين ودارفور ؟
*معلوماتي أن المفاوضات نجحت واستطاعت أن تنجز أهم جانب هو الاتفاق على وقف النار بكل جوانبه، وهذا كان عقبة كبيرة جداً، لأنه كان هناك اختلاف كبير في وجهات النظر ما بين مفهوم وقف العدائيات ومفهوم وقف إطلاق النار، ولكن تم تجاوزه والوساطة لعبت دوراً كبيراً في هذا الجانب وهذه العقبة تم تجاوزها.
{ إذاً أين المشكلة ؟
 * العقبة التي أجلت التوقيع فيما يلي مسارات الإغاثة هي أن الحركة الشعبية كانت مصرة على المسارات الخارجية، ثم تحدثت عن  مسارات داخلية وخارجية، بعدها تنازلت بأن يكون هنالك مسار خارجي واحد عن طريق “أصوصة” في أثيوبيا وأن تكون فيه نسبة (15%) على الأقل، وفي النهاية الحكومة أصرت على حقها بأن كل المسارات تكون داخلية وليس لديها مانع أن تكون هنالك لجان مشتركة تشرف على هذه المسألة مع الأمم المتحدة، ولكنها لا تقبل مسارات خارجية. ورفعت الجلسة ولم يحدد موعد حتى يصلوا إلى اتفاق حول هذه النقطة، ويصلوا لاتفاق حول الجدول الزمني المطلوب لتنفيذ الخريطة، لأنه واحد من الأشياء الأولى التي طرحتها الحكومة هي جدول زمني محدد لتنفيذ الخريطة، وهذا الأمر كانت الوساطة (داقسة) فيه، حتى قدمته الحكومة، وبعد ذلك انتبهت الوساطة إلى وجود ضرورة حقيقية لترجمة الخريطة لجدول زمني واضح، طبعاً هذا أيضاً يتوافق مع الحركة الشعبية، لأنهم كانوا يسألون هل نترك هذا الحوار يمضي إلى ما نهاية أم يكون لديه توقيت؟ وإذا لم ينجز ننصرف إلى خياراتنا الأخرى. أنا اعتقد أنه قد رفعت الجلسات ليتم التشاور في كيف يتغلبوا على نقطة مسارات العمل الإنساني، من ثم يدعوا الأطراف للتوقيع على وقف العدائيات والإغاثة، ويكونوا في نفس الوقت قد تفاهموا حول الخطوات الأخرى المتعلقة بالاجتماعات الثنائية لمناقشة مستقبل المنطقتين .والمسار السياسي القومي يتعلق باجتماع ينبغي أن يعقد لمناقشة الأجندة  ومناقشة الترتيبات والشروط المفروض الاتفاق عليها .
{أنت قلت إن الحكومة تمسكت بحقها ..هل فعلاً من حقها التمسك بأن لا يكون هنالك مسار خارجي..و ماذا تتوقع أن يحدث كحل وسط بين رؤيتي الطرفين؟
 *هي طبعاً تمسكت بحقها كسيادة، يعني دولة ذات سيادة لا تسمح للإغاثة أن تأتي من دولة أخرى إلا عبر الموانئ السودانية.
{وما رأيك أنت حول هذه النقطة ؟
* أنا شخصياً افتكر أنه يمكن تجاوز هذه العقبة، خاصة أنه الآن أن أردنا توصيل الإغاثة لمناطق “الكرمك” و”قيسان” ستكون هناك صعوبة في الخريف، لأنه لا توجد طرق، وبالتالي من ناحية لوجستية يُمكن أن تسمح الحكومة بإغاثة هذه المناطق الطرفية الحدودية في فترة الخريف خلال الثلاثة أشهر القادمة  عبر “أصوصة” كإجراء مؤقت. وهذا في النهاية –أيضاً- يرضي الطرف الثاني ويحل العقدة.
{وأين دور المجتمع الدولي الذي ظل يضغط لإيصال الطرفين لاتفاق؟
 * المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الجديد وصل الخرطوم ومنتظر أن يكون عقد  لقاءات مع الرئيس والمسؤولين لدفع العملية. أنا افتكر أن هناك اهتمام أمريكي ودولي كبير، والإدارة الأمريكية تسابق  الزمن، لأنها تريد أن تنجز أهداف أساسية توقف الحرب وتحقق السلام وتصل إلى تسوية سياسية في السودان حتى يستقر السودان ويستطيع أن يلعب دوره في الأمن الإقليمي والدولي من خلال التعاون في قضايا الإرهاب والتطرف وداعش، ومن خلال التعاون في دفع الاستقرار في جنوب السودان. بالتالي هناك قوة دفع أمريكية كبيرة معها قوة دفع أوروبية  في هذا الاتجاه . صحيح يمكن تحدث عقبات لكن في تقديري أنه يمكن تجاوزها، خاصة وأن هناك حافز للطرفين، بالنسبة للحكومة أنها إذا أنجزت إنهاء الحرب والتسوية السياسية سترفع عنها العقوبات، وتصبح شريكاً مع القوى الدولية والمجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار في المنطقة. وسيتم فتح آفاق التعاون الاقتصادي بفك الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان .
{ هل يمكن أن تتحقق هذه الحوافز حقيقة.. لأن هنالك وعود بعد نيفاشا لم تُنفذ؟
*لا لا، الوضع الآن مختلف لأن نيفاشا كان ظرفها مختلف. فهي قبل أن يجف مدادها وقعت مشكلة دارفور، وبالتالي كانت هناك أزمة أخرى. ثانياً نيفاشا عندما حصلت كانت تركيبة الحكم وسياسات الحكومة مختلفة عن الآن، وكانت متحالفة مع الحركات الإسلامية ومع معسكر إيران وحماس وغيرها،بجانب أن موت جون قرنق وسقوط اتفاقية نيفاشا  لم يشجع على المضي في اتفاقات أو في التغيير الداخلي. لكن الآن هذه الحوافز سيتم تنفيذها،  فنحن نواجه متغيرات، المتغير الأول أن السياسة الخارجية والداخلية للنظام تغيَّرت، لأن البشير الآن أبعد العناصر الإسلامية عن قرار السلطة، وأصبح الآن العسكريين هم المسيطرين على القرار والسلطة، وهم أبعد ما يكونوا عن الأيديولوجيات والتعصب في هذا الاتجاه. ثانياً أنهم غيَّروا من سياستهم الداخلية واتجهوا للتحالف مع السعودية والخليج، وهذا معناه أنهم تركوا حماس وإيران ودخلوا في التحالف الغربي تلقائياً . ثالثاً الآن بسبب التحول الذي حدث في السياسة الداخلية والخارجية أصبح للقوى الكبرى مصالح أمنية في هذه المنطقة، والسودان يعتبر دولة مفتاحية في تأمين هذه المسألة.وهذا يقتضي أن السودان في حد ذاته لا ينفرط لأنه إذا انفرط سيكون وبال على المنطقة كلها وسيزيد الأعباء على القوى الدولية .
{ الغرب يرى أن الحكومة الحالية مفتاح لاستقرار الدولة السودانية..هذا تغيير كبير؟
  السودان لديه مشاكل داخلية، يجب أن تعالج هذه المشاكل حتى تستقر الدولة وتتماسك لتستطيع في الأول أن تمنع ازدياد الأزمات في المنطقة من خلال انهيار الدولة ذاتها، وفي نفس الوقت تقوى حتى تعمل على محاصرة المشاكل والإرهاب في المناطق الأخرى.
{ يعني هذا هو الثمن الذي تدفعه الحكومة..دور أمني في المنطقة ؟
هي إذا أوقفت الحرب وعملت تسوية سياسية أدت لاستقرار في السودان سيفك عنها الحظر السياسي والاقتصادي وتدخل نادي التحالف العربي والغربي وسيكون لها شأن ودور في هذا .
{ أنا أقصد ما هو المقابل المطلوب أن تدفعه الحكومة غير الملف الأمني حتى يرفع عنها الحظر؟
مطلوب منها وقف الحرب والتسوية السياسية.
{ ما هي مصالح الغرب التي يمكن تتحقق من خلال رفع الحظر السياسي والاقتصادي عن السودان؟.. ما هو المطلوب من الحكومة السودانية كثمن لهذا الرفع؟
مطلوب حتى يتعاون مع الغرب أن يقف هو نفسه على قدميه، ومطلوب أنه لا ينهار حتى لا تزيد المشاكل في المنطقة .لذلك الغرب يريد تعزيز الاستقرار في السودان بأن يوقف الحرب ويدفع بتسوية سياسية، وهذا يقوي النظام في السودان حتى يقوى على الحفاظ على أمنه واستقراره ولا يكون هو عبئاً على المجتمع الدولي. ثانياً حتى يستطيع التعامل مع المجتمع الدولي مع أمريكا وأوروبا في قضايا الإرهاب والهجرة ومحاصرة الانهيار في جنوب السودان. هذه ثلاث قضايا أساسية فمطلوب حتى يتأهل لهذه المسألة أن يوقف الحرب ويحقق تسوية سياسية في السودان حتى يتأهل ليلعب الدور الإقليمي والدولي.
{ بالمقابل الحركات المعارضة المتوالية معها يشعروا أن التسوية الآن في مصلحة النظام أكثر من مصلحتهم هذا يمكن أن يكون سبباً في تأخير الوصول لأي اتفاق؟
أنا أرى أنها في مصلحة الطرفين، لماذا؟ لأن المعارضة الآن، وبالنظر للمعارضة المسلحة المتمثلة في حركات دارفور فإننا نجد أن الحرب الآن في دارفور تقريباً انتهت، والحركات في المفاوضات لا توجد لهم قوات في أرض دارفور، فقواتهم انسحبت إلى جنوب السودان وإلى ليبيا وتشتت.نعم لديهم قضية والآن مطلوب منهم طالما ليس لديهم وسيلة للقتال يجب أن يلجأوا للخيار السياسي وأن يصلوا إلى تسوية واتفاق سلام يعالجوا به مشاكل قواتهم ويدخلوا في إطار الحل القومي ويلعبوا دوراً سياسياً.
{وماذا عن الحركة الشعبية؟
 بالنسبة للحركة الشعبية شمال فالآن الحرب انتفت قيمتها، لأنها أصبحت حرب استنزاف ولم تعد تؤثر على مركز القرار. ثانياً الأمر متعلق بحلفاء الحركة الشعبية، فالجنوب الآن يعاني من حرب أهلية والحركة الشعبية الأم بالنسبة لهم دخلت في صراع، والجنوب لن يستطيع أن يستمر في دعمهم في ظل الظروف هذه، بل إن الجنوب محتاج إلى تسوية مع الشمال حتى يستطيع المحافظة على استقراره ويحاصر عملية الحرب الموجودة .وغير هذا فإن التعاطف الدولي تبدَّل، فالآن المجتمع الدولي الذي كان فيه تعاطف كبير وتأييد للحركات في المحافل الدولية إعلامياً وسياسياً هذا التحالف الدولي الآن غيَّر موقفه نتيجة لحسابات جديدة حدثت في داخل السودان وفي المنطقة، جعلته يغيَّر حساباته ويعمل على اتخاذ السودان حليفاً له في سياساته ومواقفه بناء على المتغيرات الداخلية في السودان وفي سياسته الخارجية، والتداعيات الموجودة في المنطقة. بالتالي الحركات ستفقد الدعم المباشر من حلفائها، لأنهم –الآن- دخلوا في صراع وحرب، وسيفقدون الدعم المعنوي والسياسي من القوى الدولية التي رأت الآن أن مصالحها الأمنية لا تتفق مع استمرار الصراع في السودان . ثالثاً: إن هذه الحركات وهذه الأحزاب المعارضة الآن محتاجة لفترة حتى تعيد تنظيم نفسها وحتى يكون لها تأثير على الشارع السوداني، الكلام بالشعارات والانتفاضة لا يأتي بنتيجة إلا إذا كنت مؤثر والمعارضة غير مؤثرة الآن في الشارع، لذا فكل المعارضة محتاجة لاستراحة محارب، محتاجة لأن تستفيد من التسوية السياسية في إعادة بناء نفسها حتى تستطيع مواجهة التحديات المستقبلية . إذا أتى الحوار بتغيَّر 40% أو 50 % هذا يعطيها منصة انطلاق للمزيد من الحراك والعمل لتكملة التغيير المنشود لكن الانتظار في محطة واحدة غير مجدٍ مع المخاطر الموجودة المتمثلة في أن الحركة الشعبية التي  تقود المعركة مهددة بانقطاع مددها، بجانب وجود رفض دولي وإقليمي لاستمرار الحرب. إذاً لازم تعالج مشكلتها بسرعة وترجع لوضع يجعلها تحافظ على مكاسبها قدر المستطاع وتحقق مكاسب عبر السياسة طالما تعذَّر تحقيقها عبر الحرب، قبل أن تصبح في وضع لا تستطيع أن تستخدم فيه التأثير العسكري لديها.
{ مادام الوضع ليس في مصلحة الحركة الشعبية فلماذا تبدي تعنتاً تجاه من التفاوض ؟
التعنت جاء في البداية بسبب القراءة الخطأ للموقف الدولي، لأن أمريكا غيَّرت موقفها فجأة، وأوربا كانت واضحة.أما أمريكا فغيَّرت موقفها فجأة، وهي صحيح كانت داعمة للحوار وللسلام، لكن لم تكن أكثر من عملية تشجيع وتهيئة ظروف للتلاقي والنصح، لكن فجأة قبل شهرين قررت أن تنفذ برنامجاً لإنهاء الحرب وتحقيق توازن في السودان، وهذا جاء مفاجئاً للحركة الشعبية، ولم تكن قد قرأته ولذلك في مارس تعنتت في التوقيع وجرت الآخرين لعدم التوقيع، وعندما فعلت ذلك حصلت عليها ضغوطات وظهر لها التغيير في الموقف الأمريكي، وهذا عبَّر عنه “ياسر” في بيانه قال فيه: إن عدم توقيعنا عرضنا لمواجهة المجتمع الدولي، وهذا يضرنا، ولذلك لابد أن نرجع نوقع حتى نستعيد صداقتنا مع المجتمع الدولي.. فهذه الحركات لا تستطيع أن تعيش بدون تفاهم دولي هي كانت تستفيد من التناقض بين المجتمع الدولي وحكومة السودان، ومادام هذا التناقض ذاهب للانتهاء  فليس لديها الآن فرصة للاستفادة، لكن هذا المجتمع الدولي مستعد أن يوصلها حتى مدخل الاستقرار، لكن يريد منها مرونة في أنها هي نفسها تلعب سياسة. هو يدفع بقوة لحصول وقف الحرب والاستقرار والاتفاق السياسي، ولكن أنت –أيضاً- عليك مسؤولية إنجاح (شغلتك) هو يهيئ لك الأسباب ويضغط الطرف الثاني، ويمكن أن يشكِّل لك ضمانات لكن في النهاية أنت لابد أن تخطو خطوتك.
{ يعني الآن ليس من سبيل رغم ما يظهر من تعنت الحركات المسلحة غير أن تعود لطاولة المفاوضات؟
كما قلت لك: الخيارات صفرية للطرفين والخيار بالنسبة للحكومة إذا لم تقف الحرب ولم تستفد من العرض الأمريكي والمجتمع الدولي ستظل في مربع  تفاقم الأزمة الاقتصادية وضعف القدرة على مواجهتها، وهذا يمكن أن يزكي عملية تحرك الشارع ضدها . ثانياً: بالنسبة للحركات والقوى المعارضة، إن التحول الذي يحدث في المجتمع الدولي إذا لم يتعاملوا معه إيجابياً بأن يستفيدوا من قوة الدفع للمجتمع الدولي لتحقيق تسوية سياسية تدفع بقضيتهم إلى الأمام، فإن الذي سيحدث أنه سيتجاوزهم الأمر وبالتالي سيفقدون هذه الفرصة وهم خياراتهم الأخرى ضعيفة، خيار الانتفاضة ضعيف الآن ورأينا أن الخيار العسكري –أيضاً- أصبح غير مجدٍ، فإذا الخيار الأمثل بالنسبة لهم هو الحل السياسي التفاوض، لأنه من خلال الحل السياسي التفاوضي يمكن أن يفسح لهم مجال لبناء أنفسهم وأن يستطيعوا مواصلة حملة التغيير ودعمه بصورة أقوى من ذي قبل، لأنهم وجدوا أرضية أفضل، وإعادة تنظيم أنفسهم تتيح لهم أن ينطلقوا في هذا الاتجاه بصورة أفضل.
{ الآن حسب ما لديك من معلومات خاصة من هو الطرف الذي يحمله المجتمع الدولي مسؤولية ما وصلت إليه المفاوضات من تعثر؟
والله طبعاً بيان الآلية الأفريقية اعتبر الطرفين لم يستمعوا لرجائهم، وأن الاثنين خذلا الشعب السوداني وخيَّبا آماله. بيان الآلية حمَّل الطرفين المسؤولية .لكن  بعض الدول تعتقد أن موضوع مسارات العمل الإنساني موضوع سيادة وليس من المفروض أن تتمسك الحركة بموقفها وأنها مسألة ليس لها معنى . ودول أخرى ترى أن الموضوع بسيط وأنه لن يؤثر على الحكومة، ويمكن أن يكون المسار الخارجي شهران أو ثلاثة وينتهي، وهذه ليست قضية تغيِّر في الوضع السياسي والأمني ولا تغيِّر في مكانة الحكومة، فهذه عملية تسهيلات مطلوبة وليس لديها قيمة كبيرة وليس على الحكومة التمسك بهذه المسألة.
{ أمريكا  تحديداً ما هو موقفها؟
أمريكا افتكر لم تأخذ في هذا الموضوع موقف متشدد، لأنه سيان بالنسبة لها (قبلتوا جيد وإذا لم تقبلوا ليس أمراً أساسياً )، أمريكا كان تركيزها على وقف العدائيات وتعتبر أنه أن حصلت اتفاقيات حوله فسيتم التوقيع على الموضوع الإنساني في أي لحظة بعد العودة للتفاوض.
{ لماذا لم يعلن الطرفان عن وصولهما لاتفاق حول وقف النار؟
الآلية أعلنت هذا في بيانها (الأربعاء).
{ لكن الطرفين مضيا في اتجاه إعلان انهيار المفاوضات ؟
نعم مضيا في الاتجاه الفارغ من الكوب. أنا افتكر لأنه إذا قالوا اتفقنا على وقف العدائيات واختلفنا في هذه النقطة سيتركان الرأي العام يلومهما الاثنين، لأنه أنتما في النهاية  اتفقتما على (الحاجة الكبيرة) لماذا لا تتفقا على الحاجة الصغيرة ؟ أنا افتكر أنهم (دسوا المعلومة). أحد  أخواننا أرسل لي بيان “ياسر عرمان” وأنا قلت له: (ما تقول للأخ ياسر بدل الهجوم وإدانة الطرف الثاني ما كان يشرح لينا بصورة أفضل الحصل شنو، ويقول نحن اتفقنا على كدا وكده وفضل لينا كده)، والغريبة الطرفين (لبدوا) وأنا في تقديري أن وضعهما مخجل أمام الرأي العام،  لأنه  لا يمكن (تكون بنيت البيت واختلفت على الشباك).
{ إذاً الأمر مقدور عليه إذا كانت المسألة فقط في المسارات؟
في رأيي أن المسألة ستعالج، فالوسطاء كلهم وصلوا الخرطوم .
{ هل هنالك أي فرصة لشيء شبيه باتفاقية نيفاشا يمكن أن يحصل في المفاوضات الحالية؟
لا، ما في مقارنة لا سبيل لنيفاشا جديدة. في رأيي أن الحركة الشعبية تريد شيئاً شبيهاً بنيفاشا، لأنها ترى أنها قوة عسكرية ضاربة، وأن لها الحق في الوصول لاتفاق مميز (يكون عندها نائب رئيس ونصيب الأسد في الحكومة)، لكن الطرف الحكومي رافض أي تمييز للحركة.
{إذاً ما الذي يمكن أن تحصل عليه الحركة؟
في تقديري أنه سيتم اتفاق حول المنطقتين ودور الحركة في المشاركة في حكم المنطقتين وبعد ذلك دمج جيشها، وبعدها عملية مشاركتها في المسألة السياسية القومية.
{ الآن ما هو مصير خارطة الطريق في حال استمر هذا الوضع المعقَّد في المفاوضات باعتبار أن هنالك أطراف أخرى مدنية ..و”الصادق المهدي” أبدى تخوفه على الخارطة ؟
طبعاً،أما أن يكتمل الحوار بسلام بحضور الممانعين، وأما أن  يختصر على ما توصل إليه ويمضي إلى الخطة (ب)، وهي أن يجتمع مؤتمر الحوار ويجيز التوصيات ويصل إلى الوثيقة ويعمل ترتيباته ويشكِّل حكومة بناء على ذلك. وهذه الحكومة ينقل إليها ملف السلام فيما بعد، هذا وارد .. الوارد الآخر أن يحصل اتفاق وتأتي الأطراف وتتوصل إلى اتفاق .في تقديري الحكومة واضعة في اعتبارها أنها إذا لم تتوصل إلى اتفاق  ستمضي في الوصول إلى خلاصة لتوصيات الحوار وتنفيذ هذه التوصيات. وهذا يمكن أن يفتح الباب أمام القوى السياسية المعارضة، لأنها يمكن أن ترى أن وضعها مع الحركة الشعبية ليس موات بالنسبة لها، وبالتالي فإن السيد “الصادق” لديه كرت قوي يلعب به، أما الحركة الشعبية توافق وتوقع على وقف العدائيات وتمضي إلى الحوار المستقبلي، وأما انهارت التسوية والحركة الشعبية تراجعت للحرب، وهذا بالتالي فصال بينهما وبين “الصادق المهدي” وهو لن يتحمل البقاء معها في ظل المواجهات، فهو علاقته معها قائمة على منطقة وسطى، بأن ترجع الحركة عن الحرب ويتوجهوا جميعاً للتسوية السياسية والسلام .وإذا الحركة الشعبية  مضت نحو الحرب فهو لا يستطيع أن يلتقي بها، وهذا يعني أن “الصادق” يأتي ليبحث عن دور هنا في آلية الحوار أو يجمِّد موقفه في الخارج وينتظر التطورات الجديدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية