رأي

مسألة مستعجلة

صراعات الجزيرة!!
نجل الدين ادم
للمرة الثانية، يضطرني الخلاف بين أجهزة ولاية الجزيرة لأن أكتب عن الراهن في الولاية الآن، والتخبط والتضارب في السلطات وفوضى القرارات تخرج إلى السطح بين الجهازين التشريعي والسياسي هذه المرة، وباتت تسيطر على الأوضاع.
قبل أيام نشرنا خبراً عن انعقاد طارئ للمجلس التشريعي بسبب تداعيات الخريف من سيول وأمطار تهدد بعض المناطق، لكن المفاجأة كانت أن وجه حزب المؤتمر الوطني بولاية الجزيرة أول أمس خطاباً ممهوراً بتوقيع نائب الرئيس “تاي الله أحمد فضل” إلى رئيس المجلس التشريعي “جلال من الله جبريل” يطلب منه عدم عقد جلسات طارئة والاكتفاء بتوجيه نواب المجلس بالوجود في دوائرهم للمتابعة، وبرر “تاي الله” في خطابه الأمر بأن هناك توجهات عليا صدرت بذلك.
 انتهى الخطاب وبقي السؤال.. هل سيستجيب المجلس التشريعي أم لا؟ وحسب متابعة مراسلتنا النشطة بود مدني “زهر حسين” فإن المجلس التشريعي سيمضى في إجراءاته، وقد حدد (الأربعاء) المقبل لعقد جلسته الطارئة، ما يعني أنه تجاوز ما ورد في الخطاب الصادر من الحزب. وللمعلومية فإن رئيس تشريعي الجزيرة ليس بقيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي أو أي حزب آخر وإنما هو عضو في المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني وهو الجهاز الحزبي الأعلى للنظر في كل القضايا.. سؤال ملح يفرض نفسه هنا: هل يحق لنائب رئيس المؤتمر الوطني صاحب أغلبية عضوية المجلس التشريعي أن يوجه المجلس؟!
وحسب الدستور، فإن أمر السلطات الواردة فيه واضحة تعطي كل جهاز حقه ومستحقه، حيث لم يشر إلى أية سلطة للجهاز السياسي الحاكم إلا عبر المؤسسات الدستورية، لكن معلوم بالعرف أن حزب الأغلبية دائماً ما يقود دفة الحكم عبر الأجهزة الدستورية، حيث إنه يرسم كل ما يريد ومن ثم يقوم بدفعها إلى أي من الأجهزة عبر القنوات الدستورية، حتى توجيه نوابه في المجلس التشريعي بتمرير أي تشريع أو قرار يتم عبر إلزام عضوية الحزب بالتوجيه الصادر من خلال الهيئة البرلمانية دون أن يحدث توجيه مباشر لرئيس المجلس الذي في الغالب يكون من ذات الحزب.
قرار دعوة المجلس للانعقاد لا تكون بمعزل عن الجهاز السياسي في مرحلة التشاور، بمعنى أن الحزب هو من يقر في أمر أي انعقاد طارئ من عدمه، وخطاب نائب رئيس المجلس التشريعي يوضح أن الحزب بمعزل عن ما تم من دعوة لانعقاد المجلس، الأمر الذي يهزم العرف السياسي في حق حزب الأغلبية في إدارة الدفة، وهذا بالضرورة يُظهر أن تشريعي الجزيرة قد أخفق في خطوته.. لكن الإخفاق الأكبر كان من الحزب ونائبه يُرسل خطاباً للمجلس بوقف دعوة الانعقاد الطارئ، حيث إن الحزب لا يملك سلطة دستورية لتمرير توجيهه هذا، وبهذا يكون الحزب قد وقع في خطأ فادح عاقبته المزيد من الخلافات.
حالة ولاية الجزيرة باتت مستفحلة والخلافات تتشابك بين الجهاز التنفيذي والتشريعي، ليدخل حزب المؤتمر الوطني على الخط ويزداد الأمر تعقيداً.. الوضع بات لا يحتمل، فليس هناك من حل إلا أن يتدخل الحزب في المركز لضبط حالة التفلت التي تتبناها العضوية، لأن الانعكاس سيطال أهل الولاية ويصبحون ضحايا لتراكم صراعات لا يد لهم فيها.. والله المستعان.
 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية