حوارات

الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي د. "فتحي فضل" لـ(المجهر)

لم يعط د. “الشفيع خضر” الحزب فرصة للتحاور داخل الأطر الحزبية   
وصولي لسكرتارية الإعلام عبر “تكتل” أمر مضحك
هناك تسريب من داخل اللجنة المركزية السابقة.. و(الخبر بينتشر قبل خروج المجتمعين من المبنى)
حوار- محمد إبراهيم الحاج
يمر الحزب الشيوعي السوداني هذه الأيام بمنعرجات متعددة، وصفها بعض المتابعين بأنها بمثابة ساعة الحقيقة التي ستحدد إلى حد كبير مدى قدرته على امتصاص أزماته التي كادت أن تشقه إلى نصفين بعد أزمة د. “الشفيع خضر” وآخرين الأخيرة، لكن ردهات الحزب وداخله كانت حينما قصدناه لإجراء حوار مع ناطقه الرسمي الجديد د. “فتحي فضل” كانت تشير إلى أن جميع قياداته الحالية تعيش تآلفاً ظاهراً، وبدا أن الحزب الشيوعي قد اختط طريقاً جديداً في أعقاب مؤتمره العام السادس الذي قدم من خلاله لأول مرة قيادات جديدة رغم عراقتها وقدمها في العمل التنظيمي.
من القيادات المهمة التي قدمها المؤتمر السادس كان تكليف د. “فتحي فضل” بمهام سكرتير مكتب الإعلام المركزي والناطق الرسمي للحزب خلفاً لـ”يوسف حسين”، وعندما التقينا “فضل” كانت على محياه بسمة عريضة وقابل كل أسئلتنا التي تخص الحزب أو المحور العام ببسمة وثقة ربما تقدم مؤشراً إيجابياً بتفهمه الكامل لمهام منصبه الجديد بالحزب العتيق.. فإلى محاول ما قال..
{ بداية فوجئ الجميع بوجودك ضمن المكتب السياسي للحزب الشيوعي كناطق رسمي وربما هذا جعل الكثيرين يتساءلون عمن هو “فتحي فضل”؟
_ أولاً أنا عضو بالحزب الشيوعي منذ (55) سنة، والمشكلة إني قضيت فترة طويلة خارج السودان.
{ بدايات عملك بالحزب الشيوعي؟
_ كنت طالباً بجامعة الخرطوم بتنظيم الجبهة الديمقراطية وكنت ضمن اتحاد طلاب الجامعة إبان ثورة أكتوبر 64، وبعدها مثلت اتحاد الخرطوم في سكرتارية اتحاد الطلاب العالمي، وكنت أول سوداني يشغل منصب السكرتير العام للمنظمة العالمية، وتابعت دراستي في برلين وتحصلت على دبلوم التاريخ والفلسفة والعلوم السياسية وعملت دكتوراه في العلوم السياسية، ورسالتي كانت عن تجربة الحزب الواحد في أفريقيا، وبعد ذلك عملت أيضاً في المركز الدولي للحقوق النقابية واستمررت في عملي حتى الآن.
{ هل كنت منتظماً طوال تلك الفترة في أجهزة الحزب؟
_ تمرست في عدة مجالات سواء أكانت مجالات الطلبة أو فروع الحزب بالخارج باللجان المساعدة خاصة بعد نظام الجبهة الإسلامية القومية، وكنت عضواً في لجنة العلاقات الخارجية وما زلت، وتم انتخابي باللجنة المركزية بالمؤتمر السادس.
{ أول مرة تدخل اللجنة المركزية؟
_ نعم.. وأول مرة أدخل المكتب السياسي، وأول مرة يتم تكليفي أن أكون ناطقاً رسمياً من سكرتارية اللجنة المركزية.
{ هل ما زلت مقيماً خارج البلاد؟
_ كنت أتردد على السودان لفترات طويلة وحاولت قبل سنة من الآن أن أبقى بالسودان بشكل مستمر، لكن ظهرت ظروف عائلية وعدت من جديد إلى الخارج، وجئت قبل المؤتمر بعدة شهور وسأبقى بالسودان إلى قيام المؤتمر السابع إن شاء الله.
{ يقال إن توليك السكرتارية الإعلامية والناطق الرسمي للحزب جاء “تكتلاً” من مجموعة داخل الحزب أو هو نوع من الموازنات؟
_ هناك شيء مهم جداً..ما يقال تحت التربيزة وما يقال في مواقع التواصل الاجتماعي به نوع من الثرثرة، وأعتقد أنها بعيدة جداً عن الحقيقة، وبتقديري أن ما تم في المؤتمر السادس وأنا عضو في فرع أرسلني للمؤتمر، وكل الأعضاء ممثلون للفروع، وبالتالي الحديث عن تكتل وسط أكثر من (300) عضو أمر مثير للضحك.. والتصويت في المؤتمر ليس به تكتل، وأي قرار مر بحوالي (80) و(90) بالمائة من المشاركين، وإذا كان التكتل يساوي (90%) لا يعني ذلك تكتلاً.. والأمر الآخر يمكننا القول إننا لسنا حزباً يفكر بطريقة الرجل الواحد، عندنا أفكار، كلنا نجتهد، وهذا الاجتهاد يكون به اختلاف هنا أو هناك، لكن هذا لا يعني تكتلاً لهذا الرأي أو ذاك.. والصراع الذي يتم، يتم في إطار الحزب وأعتقد أن اللائحة تسمح به، وهذا ما حدث بالمؤتمر الأخير.
{ هل تم إبعاد “الشفيع خضر” و”حاتم قطان” قبل المؤتمر لإتاحة الفرصة لقيادات جديدة مثلك و”فائزة نقد”؟
_ لا أعتقد بوجود أي علاقة بين الاثنين، لسبب بسيط هو أنه لم يكن معروف من الذي سيأتي عندما تمت الانتخابات.. اللجنة المركزية اختارت (18) من أعضائها ورشحتهم للمؤتمر على أساس أن هؤلاء مرشحون من قبل اللجنة المركزية وهؤلاء الـ(18) لم يكن ضمنهم اسما “الشفيع” و”حاتم قطان”، وبالتالي من أتى إلى اللجنة المركزية لم يأتوا على أكتاف آخرين خرجوا.. اللجنة المركزية رشحت (51) فيهم (41) عضو لجنة مركزية و(10) احتياطي.. مثلاً أنا و”فائزة نقد” كنا مرشحين خارج الـ(51) يعني ترشيحنا جاء من فروع أو هيئات حزبية أخرى، ولم نرشح من قبل اللجنة المركزية، وبالتالي أي اتهام زي ده لا أساس له من الصحة.
{ الحزب مؤخراً فصل عدداً من القيادات المؤثرة وصفت بأنها من أكبر المجازر.. هل كان ذلك لأن الحزب ضاق ذرعاً بآراء أعضائه؟
_ “أول حاجة  عشان نكون واضحين في الحاجة دي”.. الحزب لا يضيق بأعضائه، وطبيعة الحزب تسمح بوجود آراء مختلفة وبوجود أقلية وأغلبية، ويمكن للأقلية الاحتفاظ برأيها طيلة وجودها داخل الحزب، ويجب على الأغلبية احترام رأي الأقلية، لكن كحزب مركزي يمشي رأي الأغلبية، وحقوق الأقلية دائماً محترمة ولها وجود. وما يثار عن وجود مجازر، وهو تعبير (فات الحد)، لا أعتقد أن هناك مجزرة لأن اثنين من أعضاء اللجنة المركزية خرجا، وخرج قبل ذلك “الخاتم عدلان” ولم يقل أحد إن هناك مجزرة، وخرج قبل ذلك (13) من أعضاء اللجنة المركزية ولم يقل أحد إن هذه مجزرة، كما أنه تم قبل ذلك فصل سكرتير الحزب، والآن يقال هذا لأن هناك جواً مشبعاً من قبل بعض الصحف الصفراء وبعض الجهات تريد أن تنال من الحزب، ونتكلم بالحقيقة، مع احترامي لهؤلاء الزملاء.. الصراع الفكري متاح داخل الحزب لكن هؤلاء الزملاء لم يمارسوا الصراع الفكري داخل الأطر الحزبية، وأعتقد أن هذه مسألة مهمة جداً، يعني مثلاً الزميل د. “الشفيع” يكتب بالصحف وأنا أختلف معه في كثير منها مع احترامي لما كتبه.. أنا لا أستطيع كعضو حزب أن أحاور “الشفيع” في صحيفة، ولكن ممكن أحاوره داخل الأطر الحزبية وهو لم يمنحني الفرصة أو لم يعط الحزب فرصة للتحاور داخل الأطر الحزبية، بالتالي هذا ليس خطأ الحزب، والمواعين الحزبية تتيح لكل الأعضاء قول رأيهم في كل شيء ضد قرار الأغلبية وفي كل الاجتماعات.
{ هل تعني أن الحزب لا يسمح له بالحديث للصحف أو الكتابة بها؟
 _ يمكن أن يتكلم في الإطار العام وليس إثارة قضايا داخلية. اتفق معك أنه كحزب وسط الشعب السوداني من المهم أن يعلم الشعب مواقف الحزب المختلفة وهذا أمر مهم.. لكن الأهم من كدا الحفاظ على الأسس التنظيمية للحزب واحترامه مثل دستور ولائحة الحزب.. وإذا (فرتقت) هذه الأشياء سنصبح (نادي للنقاش) أو أي شيء وليس حزباً مركزياً يقود ويربي.
{ ألا ترى أن فصل هذه القيادات سيؤثر على قوة الحزب؟
_ قد يؤثر، لكن السؤال هو العكس.. وهو استمرار الوضع السابق هو ما أثر على الحزب الشيوعي، والخلافات خارج الأطر التنظيمية أثرت على الحزب الشيوعي سلباً، وبالتالي قيادة الحزب وصلت إلى إدراك أنه ليس هناك طريق آخر، وزيادة فعالية الحزب لا تتم إلا بتطهيره من الشوائب، وزي ما ظهر في قرار اللجنة المركزية أن ما تم اتخاذه كان آخر خياراتها.
{ “قطان” قال في واحد من حواراته الصحفية إن من أسباب فصله تكراره الدائم لقيادة الحزب بكشف التسريبات التي تتم والاختراق داخله؟
_ تفتكر بالعقل كده هل ده ممكن يكون سبب للفصل؟ سيبك من حزب شيوعي.. من أي تنظيم أو من حكومة أو من نادي كورة، أن يطالب شخص ما بشيء يقوموا يفصلوه؟!
{ هل هناك اختراق للحزب؟
_ اختراق دي كلمة كبيرة شوية.
{ يوجد تسريب؟
_ نعم.. واضحة.. يتم اجتماع لجنة مركزية وقبل أن تخرج من هذا المبنى تلقى الخبر وصل أماكن كثيرة.. أنا كنت خارج البلاد ويتصل بي بعض الناس ويكلموني بما حدث داخل الحزب.. التسريب واضح إنو طالع من الداخل.. فيه بعض الناس عندهم صلة بناس إنجلترا  أو غيرهم.
{ وماذا فعلتم إزاء ذلك؟
_ أعتقد أنه من الأشياء المطروحة أمام اللجنة المركزية هو الوصول إلى تحقيق ومعرفة من الذي يسرب.
{ سألت السكرتير السياسي “الخطيب” بعد المؤتمر السادس عن التسريب وأبلغني أنه تم احتواؤه ومحاصرته؟
_ ده رأي السكرتير السياسي طبعاً.
{ يعني هل استطعتم تحديد من الذي يسرب؟
_ واضح أن في تسريب.
{ ده في اللجنة المركزية القديمة؟
_ نعم.
{ وهل يوجد تسريب أيضاً باللجنة الجديدة؟
_ حتى الآن لم يظهر تسريب.. وتم اجتماعان للجنة المركزية لم يحدث بهما تسريب.. “لكن لا أستطيع أقول ليك ح يحدث أم لا”.
{ الحزب انتقد التوقيع على خارطة الطريق؟
_ نحن ضد خارطة الطريق، ونعتقد أنها وثيقة تصف المشكلة لكنها لا تضع لها حلاً.. وهي تكرر أخطاء الماضي مثل “نيفاشا” و”أبوجا” و”الدوحة” و”القاهرة”.. تخرج اتفاقيات مع النظام لكن لا تنفذ.. وحتى القوى التي تدعي أنها دولية أو غيرها ومتروك لها مراعاة تنفيذ الاتفاق مع النظام هي نفسها لديها مصالح تهمها أكثر من مصالح الشعب السوداني، وبالتالي متى ما الاتفاقية المعينة حمت مصالح هذه القوى أو تلك لا يهمها بعد ذلك ما الذي يحدث للسودان.. نضرب مثلاً بـ”نيفاشا” كان بها كلام عن السودان الجديد وإعادة الحرية والديمقراطية والنتيجة النهائية لها هي انفصال الجنوب.
{ لكنها أوقفت الحرب ويمكن لخارطة الطريق أن توقف الحرب في النيل الأزرق وجنوب كردفان؟
_ نتمنى ذلك.. لكن السؤال هو: من الذي بدأ الحرب في تلك المناطق؟ هو النظام.. وإذا كانت الحكومة جادة في إيقاف الحرب فالأمر بيدها.
{ لكن هناك قيادات ذات وزن سياسي وعسكري كبير وقعوا على خارطة الطريق.. ألا تخشى أن يتم تجاوز الحزب الشيوعي؟
_ مثلما أنه لدينا موقف تجاه خارطة الطريق نحترم مواقف الأحزاب والحركات العسكرية التي وقعت، ونحن بتقديرنا كحزب شيوعي لدينا
موقف من إسقاط النظام أو تفكيكه، ونؤمن أنه في إطار التعاون والتنسيق مع القوى المختلفة فمن حقها ومن حق كل قوى أن يكون لديها موقفها المستقل الذي تدافع عنه، وهذا لا يعني العداوة، وإنما احترام الرأي والرأي الآخر والاحتكام للجماهير.
{ لماذا يتخذ الحزب الشيوعي مواقف متعصبة حيال كثير من القضايا.. وأصبحتم منفردين؟
_ ده سؤال آخر.. ما زالت معنا قوى من الإجماع الوطني كمنظمات أو أحزاب.. لكن برأيي الخاص المحك العملي هو موقف الجماهير والقاعدة الشعبية، وبالتالي قرار اللجنة هو التوجه إلى الجماهير والاحتكام لها.. وأقصد بالجماهير جماهير الشعب السوداني وليس الحزب الشيوعي وفصائله وانتماءاته السياسية المختلفة.. لكن أؤكد أنه ضد التوقيع، وهذا بأي حال من الأحوال لا يعني أي نوع من العداوة تجاه القوى الموقعة.
{ هل ستكونون ضده حتى إذا تم إيقاف الحرب ومضى بخطوات عملية في دعم المتأثرين وانسياب الإغاثة؟
_ إذا حصلت أي إيجابيات ح نقول ده إيجابي ومفيد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية