الديوان

مها عبد الجبار: ليس لعلاج الفساد دواء غير العقوبات الرادعة

الحديث عن تفاقم ظاهرة الفساد والتجاوزات المالية والاختلاسات طغى على المجالس والشارع العام، حتى صارت تلك الإشارات الخطيرة مسألة تدعو للدهشة والإحباط والغليان.
خبيرة المراجعة بأمانة التعاون، الأستاذة “مها عبد الجبار”، تحاول في هذا اللقاء من رؤية علمية وفلسفية تسليط الضوء على موقف مهنة المراجعة، وهل ضاعت هيبتها، وكيف يمكن معالجة تفاقم حالات الفساد والتجاوزات المالية؟ فضلاً عن بعض الجوانب ذات الصلة.. فماذا قالت؟
{ ما هي الآليات والوسائل التي تساعد المراجع في أداء مهامه على الوجه المطلوب؟
– من الواجب على المراجع أن يقوم بالإعداد والتحضير اللازم لعملية تنظيم وتجهيز الحسابات والأداء المالي للجهة المعنية بصورة دقيقة وصحيحة، وأن يكون متجرداً من النوايا والمقاصد في إنجاز عمله، ينطلق من النزاهة والضمير الحي يسنده التأهيل العلمي والقدرة الفائقة على التقاط مواطن الخلل والتجاوزات دون تأثير من أي موقع أو ضغوط خارجية.
{ هل يعتبر تقرير المراجع هو الجهة المسؤولة التي تحدد مسار المؤسسة المعنية.. وهل يسمح المراجع للسلطة التنفيذية بالتدخل في عمله؟
– قطعاً تقرير المراجع هو الذي يوضح المركز المالي للجهة المقصودة من حيث القوة والضعف والتجاوزات، وهو الذي يوضح بوصلة تلك الجهة، بل المراجع يضع المعالجات والمقترحات البناءة التي تساعد على تلافي الأخطاء والمثالب في المستقبل.
أما تدخل السلطة التنفيذية في المراجعة من حيث المبدأ لا يجوز، ويعتبر خطوة مجافية للقانون إذا كانت بغرض التأثير، لكن أحياناً قد يطلب المراجع الاتصال والتنسيق المحدود مع الجهاز التنفيذي في سياق الحصول على بعض المعلومات والإفادات التي تلعب دوراً مهماً في إكمال مهمة المراجع بالشكل اللائق!!
{ هيبة المراجعة هل تلاشت على خلفية ازدياد وتيرة الفساد والتجاوزات المالية؟
– ما زالت هيبة المراجع طاغية إلى حد كبير، ما دامت المراجعة تلتزم بالأسس والمعايير القانونية والفنية كجهة محكمة وفاصلة في تقييم أداء المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية، وكذلك ما دام التمييز المهني والوازع الديني والأخلاقي موجوداً.
وأرى بأن تجاوب الجهاز التنفيذي السريع والمسؤول مع تقارير المراجعة هو الذي يمنح عملنا الألق والقوة، لأن محاربة الفساد تُعتبر حزمة متكاملة بين المراجعة والسلطة التنفيذية!
{ كيف ترون حجم التجاوزات المالية في المؤسسات والهيئات الحكومية وكذلك في التعاونيات؟
– التجاوزات المالية والاختلاسات تختلف من جهة إلى أخرى، ودائماً المال السائب والمهدر كما يقولون، هو الذي يشجع على عملية التلاعب، وأرى أن وتيرة التجاوزات صارت كبيرة بحكم تقارير المراجع العام، ولا يمكن إيقاف هذا المد الخطير إلا بالحسم والعقوبات الرادعة، وتفعيل القوانين الصارمة دون مجاملة ومحاباة.
أما التعاونيات، فهي تتعامل بنظام ضبط متعارف عليه، ولا توجد بها تجاوزات تشكل ظاهرة واضحة.
{ ما هي الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى وجود الفساد وإهدار المال العام في الهيئات والمصالح الحكومية؟
– الفساد هو سلوك إنساني تحركه المصلحة الذاتية وخصائص الجشع والأنانية وانعدام الضمير، وأي منهج يقوم على سوء استخدام الوظيفة العامة لتحقيق منفعة شخصية، هو فساد وتصرف مخالف للنزاهة، كالرشوة والمحسوبية والاختلاس، وأيضاً يساعد الفقر والعوز على انتشار الفساد والتجاوزات المالية عند أصحاب النفوس الضعيفة، علاوة على ضعف الرقابة وتدني المرتبات وانعدام الحوافز وارتفاع مستوى المعيشة وتكاليف الحياة لدى البعض، بل إن غياب حرية الإعلام الذي يكشف السلوك المالي المشين من عوامل تفاقم حالات التجاوزات وإهدار المال العام، فالمسألة تحتاج إلى وقفة صائبة وعميقة لوضع المعالجات الناجعة واللازمة من جذورها.
{ أخيراً من الذي يراجع المراجع؟
– ضميره الحي، ومخافة الله، ونزاهته المهنية، وإحساسه العالي بالمسؤولية الوطنية، وإيمانه بقدسية رسالة المراجع ودورها المتعاظم في المجتمع!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية