رأي

بعد.. ومسافة

أبناء (الأهلية) يتنادون لرفعة الصرح العظيم
مصطفى أبو العزائم
 
واحدة من منارات العلم في بلادنا، ارتبطت نشأتها بالثورة على (مدرسة المبشر) في عهد الحكم الاستعماري، وتخرجت مئات الدفعات من خريجي مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية، وكانت ميداناً لإبراز القدرات والمواهب القيادية والفكرية والثقافية والرياضية والأكاديمية. تخرج فيها من تولى أعلى المناصب التنفيذية، وكثير من الأطباء والمهندسين والمعلمين وضباط القوات المسلحة، وضباط الشرطة وقيادات الخدمة المدنية، وظهرت منافساً قوياً للمداس الثلاث (طقت، وادي سينا، حنتوب). وكان لصاحبكم شرف الالتحاق بها بداية سبعينيات القرن الماضي، ضمن دفعة عريضة كبيرة، كان لكثير من أبنائها الدور الفاعل في مسيرة هذا الوطن في مختلف المجالات.
أبناء المدرسة الأهلية بأم درمان يتوارثون تاريخها، فكنا نفخر بأنها ضمت بين فصولها قامات عظيمة مثل الرائد “هاشم العطا” – رحمه الله – والفنان “زيدان إبراهيم” والكابتن “أمين زكي” وساسة منهم الأستاذ “محمد مالك عثمان” أحد ركائز تجمع الوسط، والدكتور “الصادق الفاضل أزرق” والدكتور “الصادق الهادي المهدي” والدكتور المهندس “أحمد قاسم” و”حسين خوجلي” وأساتذة كبار أصبحوا ملء السمع والبصر يعدوا ولا يحصوا.
أساتذة كبار تشرف تلاميذ المدرسة العظيمة بتلقي العلم منهم مباشرة، من أمثال الأستاذ “حسين الغول” أطال الله عمره – و”أحمد إسماعيل النضيف” و”عثمان نورين” والسفير “عثمان الدرديري” و”عبد الرحمن حسن” و”عمر حسن الطيب هاشم” و”رشاد محمد علي نديم” و”محمد عثمان الدرديري” وهو غير السفير “الدرديري” – و”محمد عبد القادر كرف” الشاعر الضخم والرياضي العظيم، و”عبد الرحمن شداد”، “ونجت برسوم”، غير أساتذة سودانيين وأجانب كثر، رسخوا العلوم والآداب والفنون في أذهان أبنائهم ليكونوا من أصحاب المعارف الذين يسهمون في مسيرة بناء الوطن، طوال عهود الحكم الوطني، وإلى يومنا هذا.
بالأمس تلقيت اتصالاً هاتفياً من الأستاذ الكبير “محمد مالك عثمان” أطلعني من خلاله على مبادرة يود إطلاقها يستهدف بها خريجي مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية، وقد أسعدني ذلك وأثلج صدري مثلما يسعد كل خريجي الأهلية ويثلج صدورهم، لأنهم يرون هذا الصرح العظيم تتآكل أطرافه لصالح جهات ومؤسسات وصروح أخرى، وتتقلص مساحته فتختفي المساحات الخضراء، وتغيب ميادين كرة القدم، وميادين التنس، وتتهدم المعامل وتضيق المساحات حتى تلك التي في العقول.
باركت الخطوة، وأثنيت على الفكرة، وقد رأى صاحب المبادرة أن أكون إلى جانبه والدكتور “الصادق الفاضل أزرق” لنكون لجنة للمبادرة تسعى لاستقطاب الخريجين، حتى يتم تكوين لجنة تمهيدية يوكل لها أمر التأسيس لكيان رابط يجمع كل الخريجين ليس لصالح الأهلية وحدها، بل من أجل العمل لصالح الوطن كله، بعيداً عن الجهويات أو الانتماءات السياسية.. وقد بدأ التحرك بالفعل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية