أخبار

"بكري" في "كادقلي"

زيارة الفريق “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية اليوم لولاية جنوب كردفان ذات وجهين، الأول احتفائي بمهرجان السلام والسياحة الذي تنظمه الولاية على خطى ودروب مشاها من قبل “أيلا” في الشرق وفي الجزيرة، وتم تجريب الفكرة في الشمالية من خلال مهرجان البركل، وشندي.. وكسدت بضاعة بعض الولايات ونجحت البحر الأحمر لعامل الجغرافية والمناخ والبحر والاقتصاد والشركات والطرق والميناء، وحينما استنسخ “أيلا” تجربة بور تسودان في ود مدني أخفقت التجربة وأحجم ناس الخرطوم عن تكبد المشاق للجزيرة بعد أن كانوا مهرولين لبور تسودان.
والي جنوب كردفان اللواء “عيسى آدم أبكر” سعى لإثبات أن الأمن مستتب من خلال إقامة المهرجان السياحي في فصل الخريف المثالي من حيث المناخ، ولكنه فصل الزراعة والرعي لأهل الجبال. وأغدق الوالي على المهرجان أموالاً طائلة.. وعادت لحمة أبناء الولاية من النازحين داخلياً في مدن البلاد المترامية مع إخوتهم القابضين بالصبر على الجراح والذين حينما اندلعت الحرب التي فرقت بين المرء وزوجه، رفعوا مع “هارون” شعار (الدانة ولا المهانة) أي الصبر على دانات الحركة الشعبية التي تقذف على رؤوس المواطنين عشية وضحى بدلاً من الهجرة والنزوح. وقد عاد المئات من أبناء جنوب كردفان للمناسبة الاجتماعية في موسم الأفراح والليالي الملاح على ظهور (10) بصات دخلت “كادقلي” في يوم أمس (الأحد) وحده. ركب هؤلاء طريق العودة لعاصمة الجبال مدفوعين بالشوق والحنين والحب لتلك الديار، وقد عرف إنسان المنطقة بالارتباط الوثيق بالأرض والحجر والشجر.. لو لم يحقق المهرجان السياحي إلا عودة هؤلاء لمراتع الصبا.. لكان ذلك في حسنات الجنرال “أبكر” الذي لم يبالِ كثيراً بالنقد الذي لقيه المهرجان في الأسافير، لكن الوجه الثاني للزيارة.. حظه من الإعلام قليل ألا وهو دخول الكهرباء جبال النوبة وتبديد ظلام جبال الكرقل.. وقعر الحجر في الدلنج بالضوء الذي يطرد الظلام ويطرد التمرد.. ويطرد الحزن والفقر.. وقد اجتمعت عند أهل كردفان كل مقومات النهوض زراعة وماء وكهرباء وطرق في الجزء الغربي من الولاية، وهو الابن الأكثر بكاءٍ وعويلاً والصوت الأعلى، بينما الجزء الشرقي من جبال النوبة ينتظر في صمت بلوغ الطريق الدائري أبو جبيهة وتلودي بعد أن عطلته الحركة الشعبية، لأن التنمية هي السلاح الذي يقهر سلاح التمرد والنور هو السلاح الذي يهزم مدافع الحركة الشعبية.. وإذا كانت “كادقلي” ترقص هذا الصباح احتفاءً بابنها “بكري حسن صالح” الذي ظل قريباً من أهل جبال النوبة، يحفظ الأسماء العجمية والعربية والأسماء المشتركة و”بكري حسن صالح” هو واحداً من القيادات التي تفتح دارها لأهل جبال النوبة في كل رمضان.. وكل شهر وكل يوم وقد استحق التقدير لذلك حينما زار الولاية العام قبل الماضي استقبلته الجماهير بالأمل والوفاء والتقدير.. وغداً في الدلنج التي تعيش أياماً حزينة بسقوط عمدة وركن من أركانها المك “أبو زهرة” الذي غيبه الموت.. قبل أن تضيء كهرباء مروي أحياء مدينة الدلنج.. وآخر عهدي به حدثني عن ثلاث أمنيات إذا تحققت ذهب من الدنيا وهو مرتاح الضمير، أولها وصول الكهرباء لجبال النوبة وثانيهما تحقيق السلام ووقف الحرب.. وهذه هي (العقدة) التي يملك الجنرال “بكري” (حلها) والأمنية الثالثة أن يعود للجبال الغربية بشارع أسلفتي من الدلنج حتى تلشي.
الوعد الذي تنتظره جنوب كردفان من الفريق “بكري” وقد ظل وفياً بعهوده أن لا يمر وينصرف هذا العام، إلا وقد تحقق السلام بالتفاوض والحوار والرضا.. لأن السلام بالبندقية بعيد وبعيد جداً. قوموا إلى مهرجانكم ولكن لا تنسوا أن الاحتفال الحقيقي والفرح غير المصنوع في وصول الكهرباء لتضيء قمم الجبال.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية