رأي

مجرد سؤال

وظيفة (راعي أغنام).. لم يتقدم أحد
رقية أبو شوك
 
استوقفني  قبل أيام  خبر نشر بأخيرة (المجهر) جاء بعنوان (وظيفة راعِ بـ1400 دولار وامتيازات أخرى! ولم يتقدم إليها أحد!)، وفي الخبر: أعلنت عائلة تركية في محافظة موش شرق تركيا تمتلك أكثر من (300) رأس من الأغنام عن حاجتها لراعٍ يساعدها في العناية بأغنامها نظراً لانشغال أفرادها بأعمالهم الأخرى، وقد عرضت راتباً قدره (4000) ليرة (1400 دولار) و(50) كيلوغراماً من اللبن والحليب ورصيد للهاتف وملابس مجانية وغيرها من المزايا. وحسب الخبر فإن كل هذه المزايا لم تسعف العائلة المذكورة في العثور على الشخص المناسب، حيث تضطر ربة المنزل إلى رعي أغنامها، كما رجحت العائلة أن الأسباب في عدم إيجاد العامل المطلوب تتلخص في بعد المدينة وافتقارها لبنية تحتية جيدة.
حقيقة.. إنه راتب مغرٍ بغض النظر عن نوعية الوظيفة ولو أعلنت هذه العائلة لهذه الوظيفة بعدد من الدول الفقيرة لوجدت المليارات من الذين يرغبون فيها، وأشير هنا إلى أن هذا الخبر استوقف العديد من الذين يرغبون في العمل من السودان، حيث استقبلت الصحيفة عدداً من المكالمات تسأل عن هذه الوظيفة. فوظيفة رعي الأغنام من أشرف المهن.. فالأنبياء جلهم رعوا الأغنام وبعد ذلك قادوا الأمم واصطفاهم الله سبحانه وتعالى.
والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يا ترى وجدت هذه العائلة من يرعى لها أغنامها الآن؟ وإذا لم تجد أقول لها عبر هذه المساحة عليها طرح هذه الوظيفة عبر سفارتها، وحينها ستجد الكثيرين الذين يبحثون عن وظيفة لسد الرمق ناهيك عن أن هذه الوظيفة مغرية جداً خاصة وأنه بالإضافة إلى الراتب هنالك مخصصات أخرى كرصيد للهاتف و(50) كيلوغراماً من اللبن والحليب وملابس مجانية (يعني يأكل ويشرب ويلبس ويواصل أهله وعشيرته).. وهنالك الكثيرون في السودان يبحثون عن وظيفة بعد أن حفيت أقدامهم بحثاً عن عمل وهم يحملون الدرجات العليا من الجامعات لكنهم لم يوفقوا في إيجاد وظيفة حتى باتوا يعملون في وظائف هامشية لتوفير جزء يسير من متطلباتهم الشخصية لكي لا يكونوا عالة على أسرهم التي رعتهم منذ أن كانوا صغاراً إلى أن تخرجوا.. الكثيرون باتوا محرجين من أسرهم وهم يرون آباءهم يخرجون باكراً للعمل من أجلهم، بل إن البعض منهم شله التفكير والبحث عن وظيفة وفقد عقله.
وظيفة راعٍ للأغنام هذه (ودعوني أسميها وظيفة) ليست من المهن غير المرغوبة، بالعكس هي مهنة أنبياء كونك تتعامل مع حيوانات أليفة تغذيك إذا جعت وتروي ظمأك إذا عطشت، وبالتالي تتنزل عليك رحمة من الله سبحانه وتعالى حين تحسن التعامل معها.. فهي ورغم أنها لا تتحدث تعرف تماماً من يحسن إليها ويعطف عليها ويتفقدها ويرعاها، ومن هنا فإن هذه الوظيفة ليست بالهينة، بل يجب أن يتم الاختيار لها بمعايير اختيار جيدة من قبل نخبة لينتقوا من يستطيع التعامل مع الأغنام.
ولأننا فقراء والفقر تجاوز نسبة الـ(46%) فإن راتباً مثل هذا سيخرج الكثير من الأسر من دائرة الفقر.. فالراتب ما يعادل (1400) دولار وبحساب الدولار في السودان الذي تجاوز الـ(14) جنيهاً سيصبح الراتب بالسوداني: (14 × 1400) = (19.600) يعني (19) مليون بالقديم و(600) ألف جنيه.
إذن لا يهم إذا كانت المنطقة التي سيعمل فيها تفتقر للبنيات التحتية.. والبنيات التحتية على حسب فهمي هي (الطرق والماء والكهرباء والصحة والتعليم) ولا أظن أن هذه الخدمات معدومة في بلد مثل تركيا.
الطريف في الأمر، أن رب الأسرة التركية وابنته كما يبدوان في الصورة التي رافقت الخبر كانا يحملان لافتة بالوظيفة ومخصصاتها في مكان تزينه الخضرة والمياه ويتصف بالجمال، ورغم ذلك لم يتقدم أحد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية