أخبار

خربشات (الجمعة)

(1)
انقضت سنوات الانتقال للحكومة الإقليمية بولايات دارفور.. وتستعد “الفاشر” في العشرين من الشهر الجاري للاحتفال بنهاية عمر السلطة التي أسند إليها تنفيذ وثيقة الدوحة. ودعت الحكومة رئيسي دولتي قطر وتشاد ليشهدا ثمرة ما زرعته الدوحة في تراب دارفور من قرى نموذجية للعائدين والمتأثرين بالحرب، وقبل ذلك الإنفاق بسخاء لدعم السلام في دارفور والإسناد السياسي للمفاوضات، من خلال الثقل الإقليمي والدولي لقطر التي أصبحت رقماً كبيراً في المنطقة، خاصة بعد حرب الخليج بمواقفها المعتدلة بين رعاية مصالح العرب ومصالح الغرب، وتوغلت في القارة الأفريقية بامتدادات اقتصادية وسياسية،. وفي ذات الوقت يمثل الشريك التشادي عاملاً هاماً جداً في نجاح الجهود القطرية.. ووأد الفتنة في إقليم دارفور بعد أن رفض الرئيس “إدريس دبي” أن تستخدم بلاده وتستغل في إشباع نزوات ورغبات بعض من أفراد عشيرته للإضرار بعلاقات دولته بجيرانها.. وحضور الرئيسين لمدينة “الفاشر” يوم (الأربعاء) القادم لهو حدث له أثره العميق.. ولم يسبق في تاريخ السودان أن وقعت اتفاقية داخلية وانقضى أجلها.. واحتفلت الأطراف الموقعة عليها بنهايتها.. كل الاتفاقيات تنتهي بخرق ونكوص أحد الأطراف عنها.. وقعت اتفاقية “أديس أبابا” 1972م، ومزقها الرئيس الأسبق “جعفر نميري” في رابعة النهار بقوله إنها ليست قرآناً ولا إنجيلاً.. فاشتعلت الحرب مرة أخرى.. ووقعت اتفاقية الخرطوم للسلام 1997م، ولم تمضِ سنوات حتى أرغم “رياك مشار” على العودة للغابة ومعه “تعبان دينق”  وتبعه “لام أكول”.. أما اتفاقية جبال النوبة فقد انتهت (إلى لا شيء)، شرد “محمد هارون كافي”.. وسجن “يونس دومي كالو”.. ووقعت اتفاقية جيبوتي بين حزب الأمة والحكومة.. فذهب “مبارك الفاضل” للقصر و”الصادق” للمعارضة.. وقبل أن تبلغ نصف عمرها.. تخلصت الحكومة من “مبارك الفاضل” الذي انفض عنه “مسار” و”نهار” وتلاشت اتفاقية جيبوتي إلى العدم.. أما اتفاقية أبوجا (نعاها) صانعها والطرف الرئيسي فيها “أركو مناوي” وقلل من قيمة منصب مساعد رئيس الجمهورية في ندوة بدار حزب الأمة المعارض، قبل أن يركل كل الاتفاقية بحذائه، ويعود للتمرد مرة ثانية، حينما قال شاهداً على نفسه (أنا أفضل مني مساعد الحلة) وهو يشير إلى مساعد سائق اللوري الذي من مهامه نظافة العربة ومساعدة السائق بوضع الصاجات تحت اللساتك في الأراضي كثيفة الرمال.. وصناعة الطعام.. ولا تسألني عن اتفاقية السلام الشامل 2005م، كيف صارت ولماذا مزقت الوطن الواحد لبلدين ولم يكتب الاستقرار لكليهما حتى اليوم.. ولكن اتفاقية الدوحة هي الاستثناء والشامة في الوجه الأبيض الوضئ.. انقضت سنواتها.. ولم يتبادل صناعها الاتهامات.. ربما تعلمت الحكومة والمؤتمر الوطني من أخطاء الأمس.. وربما كان لصبر “التجاني السيسي” وتحمله المشاق والمتاعب وطعن السكاكين في الأجناب قد أثمر هذه النهاية السعيدة، رغم أن حركة التحرير والعدالة قد تصدعت لحزبين، لكن تصدعها كان لنفسها وحصنت اتفاقية الدوحة نفسها من أمراض الموت المعلن.
(2)
انقضت سنوات اتفاقية الدوحة والسلطة الإقليمية التي أنفقت مليارات الدولارات على مشروعات الإعمار، ولم نسمع في وسائل الإعلام اتهامات لسلطة د.”التجاني سيسي” بالفساد ولم تكون لجان تحقيق وتقصي حقائق عن أموال اختفت أو مشروعات منحت للمحاسيب والأقرباء والمحظيين بالرعاية والواصلين بالدم والتناسل.. وقد اختار د.”التجاني سيسي” امرأة اسمها د.”آمنة هارون” ووضعها أمينة على خزائن السلطة الإقليمية وزيرة مالية في زمن أصبح الرجال يتنافسون على المواقع التي تقترب من المال، فقط جاءت امرأة دارفور “آمنة هارون” من صلب الخدمة المدنية (تكنوقراط) السودان بعد تجربة قصيرة في ولاية الخرطوم وتجربة طويلة ممتازة في سلك الضباط الإداريين.. حققت “آمنة هارون” نجاحات كبيرة في وزارة المالية لم تعين إلا أهل الخبرة.. قبل الولاء.. واعتمدت على موظفي وزارة المالية الاتحادية (بالانتداب) بدلاً من تعيين الفاقد الدستوري والوظيفي.. انهالت عليها التهانيء من وزير المالية وكبار المسؤولين بحسن الأداء والأمانة.. ونظافة اليد، ولكن في يوم وداع السلطة تستحق “آمنة هارون” التكريم من رئيس الجمهورية، لأنها مثال لموظف الخدمة العامة وللضابط الإداري الناجح وللوزير الذي يطلب المراجع العام في نهاية العام من تلقاء نفسه لمراجعة أدائه.. مثل الدكتور “آمنة هارون” عملة نادرة في أسواقنا الآن.. وقبل أن تتخطفها المنظمات الدولية.. أو تسعى إليها الدول الخارجية باعتبارها كفاءة اقتصادية نادرة،  فإن تجربة “آمنة هارون” شاخصة أمام القيادة العليا للدولة للاستفادة من قدراتها وإمكانياتها.. خاصة ودارفور نصيب المرأة فيها يقل كثيراً عن نصيب الرجل، وأغلب الوزراء الاتحاديين الذين يمثلون دارفور من الرجال فقط.. مع أن المرأة الدارفورية أكثر نشاطاً من الرجل تزرع وتحصد ولكنها لا تقتل ولا تنهب المال و”آمنة هارون” هي المثال.
(3)
في مباراة المريخ وهلال كادقلي الشهير بأسود الجبال ذبح الحكم القادم من كوستي العدالة بسكين صدئة.. وخرجت جماهير كادقلي وهي غاضبة على سلوك الحكام الذين يسرقون عرق الغلابة والمساكين ويمنحون الأثرياء.. وأهل الحظوة والسلطات حقوق غيرهم.. ظل هلال كادقلي منذ نهاية الدورة الثانية في شهر مايو الماضي ينتظر مباراة المريخ التي تم تأجيلها للمرة الأولى، بزعم أن المريخ يخوض بطولة خارجية.. ثم أجلت للمرة الثانية لأسباب غير معلومة، وأعلن قيام المباراة في منتصف رمضان.. ولكن اتحاد الكرة قرر أن يسلب هلال كادقلي ميزة الأرض والجمهور وأعلن نقل المباراة لمدينة الأبيض لتلعب ليلاً، لأن المريخ نفسه لا يحب اللعب بإستاد كادقلي ويعتبره فألاً غير حسن، وقد خسر في السنوات الماضية نقاطاً عديدة في المواجهات التي تجمعه بهلال الجبال، وحينما رفضت إدارة الهلال اللعب بالأبيض رغم أن رئيس النادي “محمد شريف” من أبناء الأبيض ومرشح لخلافة “هارون” في منصب الوالي (بمديرية اللالوب) أو (أبو قبة فحل الديوم)، رفضت الإدارة أن تسلب حق اللعب بكادقلي وتراجع “معتصم جعفر” وهو مقبل على الانتخابات لتعلن المباراة في خامس أيام عيد الأضحى المبارك.. ومن المفارقات أن رئيس بعثة المريخ الفريق السفير “عبد الله حسن عيسى” يتولى أيضاً منصب مساعد رئيس الاتحاد العام لكرة القدم.. فاختار (اتحاد المريخ) أو الاتحاد العام الموالي لـ”جمال الوالي” حكماً بمقاسات المريخ من كوستي.. حينما أحرز المريخ هدفه الأول جرى مهرولاً لدائرة السنتر.. ولكن بعد إحراز هلال كادقلي لهدف التعادل أسرع نحو لاعبي الهلال وحثهم على التوجه لدائرة (السنتر).. ولم يجد لاعب المريخ “محمد الرشيد” سبيلاً لصد كرة صوبها الحريف الرهيف الرشيق “ود إبراهيم” كبير سليل الأسرة التي قدمت للكرة السودانية “معتز كبير” و”معز كبير” والموهبة التي ضاعت في المريخ.. (أمسك) “محمد الرشيد” الكرة بيده.. ووقف كل من بالإستاد منتظرين قرار الحكم باحتساب ضربة جزاء لصالح هلال كادقلي، ولكن الحكم قرر أن “محمد الرشيد” لعب الكرة بقدمه.. وحينما انفرد اللاعب النيجيري بالمرمى لم يجد “صلاح نمر” وسيلة غير عرقلته من الخلف وعقوبتها الطرد بالأحمر من الملعب وضربة جزاء، ولكن الحكم تعمد أن يسلب الهلال عرق جبينه وينزع نقطة منه ويمنحها للمريخ.. لتبكي كادقلي حتى المريخاب كان لهم رأي فيما حدث ويحدث.. ولكن إذا كان د.”معتصم جعفر” مرشحاً لدخول مجلس المريخ.. فكيف لا تسلب حقوق أندية مثل هلال كادقلي ظل يعاني من ظلم الحكام كأنه فريق أجنبي قادم من كوكب آخر.. ولن ينسى جمهور أسود الجبال الممتد من نيالا حتى بور تسودان، كيف فعل الحكام بالهلال في نيالا وود مدني والخرطوم.. ولكن عدالة السماء.. وحدها سترد كيد الظالمين وإن طال الزمن.. ونخشى على أولاد الجبال اليوم من جبروت الكاردينال ولن نخشى الهلال أم درمان في واقعة المقبرة اليوم.. التي قد تشهد أول سقوط للهلال وسط جماهيره أمام ناد  قادم من الأطراف القصية (ربنا يدينا الفي مرادنا) وكل (جمعة) والجميع بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية