مسألة مستعجلة
اضطراب “جوبا” وشقاء “الخرطوم” !
نجل الدين ادم
هكذا أرادت مدينة “جوبا” حاضرة دولة جنوب السودان أن تحدثنا قبل يوم واحد من الذكرى الخامسة للانفصال، عن حالة احتقان ظلت تعيشها منذ توقيع الرئيس “سلفاكير” و”مشار” لاتفاق مصالحة بينهما، وهي تشهد حالة اضطراب أمني عنيف بين أنصار الرجلين بعد اشتباكات مسلحة حولت المدينة إلى ساحة معركة وراح ضحيتها مئات العشرات.
وعلى الفور بدأت الانعكاسات المباشرة في إخلاء المواطنين في “جوبا” لمنازلهم ومغادرتها والتي ربما تنتهي إلى الحدود السودانية، حيث ينضمون إلى المعسكرات التي تأوي الآلاف من اللاجئين يدفع السودان فاتورة المأكل والمشرب والمأوى.
ذكرت من قبل أن “جوبا” لا تنفك بأية حال من الأحوال عن الخرطوم، من واقع الارتباط الأزلي وحتمية العلاقات التي تربط البلدين، وواقع أن الخرطوم هي الشريان بالنسبة للجنوب بخاصة ولايات السودان المجاورة التي لم يشأ الجنوبيون مغادرتها، لذلك كان ينبغي أن يكون السودان جزءاً من وساطة الاتفاق الذي جرى بين الرجلين “سلفاكير” و”مشار”، سيما وأن الحكومة السودانية تعرف جيداً التقاطعات المختلفة وبالتأكيد هذا يؤهلها أن تنفذ إلى مقترحات اتفاق جيدة، اتفاق سلفا – مشار خلق حالة احتقان نظراً إلى أنه اعتمد حلولاً جزئية حيث شمل الاتفاق دكتور “مشار” الذي حمل السلاح على “سلفاكير” والمجموعة المنشقة من الحركة الشعبية التي تضم “دينق ألور” وآخرين، ما يحدث الآن هو نتاج لخرق أو تجاوز للاتفاق الذي تم حيث أن مقترح زيادة الولايات إلى (28) عمل على إلهاب نيران القبلية مجدداً. كيف لا والاتفاق يقضي بتقسيم إحدى الولايات القديمة إلى ثلاث ولايات جديدة قد تمنح واحدة لأحد القبائل، وفي حقيقة الأمر أن المساحة أو الأرض معروف أنها لقبيلة أخرى. الرئيس “سلفاكير” يتمسك برأيه وفي مقابل ذلك يحمل المواطنين هناك الدكتور “رياك مشار” المسؤولية في أنه صمت عن هذا المقترح ولم يناهضه.
حسب ما تواتر من أنباء فإن الأوضاع قد هدأت أمس بشكل كبير ولكن ما هي ضمانات أن لا تعود الاشتباكات مره أخرى، هذا السؤال ينبغي أن يجيب عليه الرئيس “سلفاكير” ونائبه دكتور “رياك مشار”، ينبغي على الطرفين أن يجدا معالجة لهذه الأزمة التي جاء بها الاتفاق المبرم بينهم، لأنه بدلاً من أن يأتي بسلام واستقرار جاء بحرب جديدة حصدت الأرواح، والسودان سوف يستقبل تداعياتها كالعادة، لذلك لا بد للخرطوم أن تكون حاضرة في تجاوز هذه المشكلة، أن تتبنى مبادرة لمعالجة الأوضاع المضطربة حتى لا نضار أكثر مما نحن عليه من حال. مطلوب أن تتحرك الحكومة السودانية في احتواء هذه الأزمة والله المستعان.