مسألة مستعجلة
خواء تعليمي !!
نجل الدين ادم
في كل مرة تطل علينا وزارة التربية والتعليم بتقليعة جديدة عندما تصطدم بواقع تراجع العملية التعليمة، وضعف وخواء عقول الطلاب، فتارة تأتي بتغيير السلم التعليمي وأخرى بتغيير المنهج، والتدهور والتراجع يمضي في حاله والمحصلة أن طلاب الجامعات يتخرجون والكثيرون منهم لا يعرفون حتى الإملاء، أما ثقافتهم فهي ضحلة.
في أحيان كثيرة نحمل الجامعات مسؤولية هذا الخواء في عقول الخريجين وأنهم غير ملمين بما درسوه ونوجه الانتقادات لها، دون أن نمعن النظر في المسؤولية الأساسية في هذا التردي، تخيلوا طالباً يدرس الإعلام ويريد أن يتوظف في الإذاعة أو التلفزيون أو يعمل بصحيفة ما، لا يعرف النائب الأول ولا والي ولايته، ماذا ننتظر من هؤلاء، اللغة العربية باتت في خطر بسبب التردي الواضح في تحصيلها من قبل الطلاب، المسؤولية تقع بالتأكيد على التعليم الأساسي، فعملية الانهيار تبدأ من هنا، (600) كتاب مدرسي يحملها التلميذ لكن المحصلة لا يفقه منها شيئاً، حشد في المنهج وتراجع في الأداء والتحصيل، نحن مطالبون في المقام الأول بأن نقيم قياساً دقيقاً لمستوى التعليم للطلاب في المدارس والجامعات لنحدد هل بالفعل أن حقول تجارب التعليم نجحت أم لا ؟
ربكة التعليم وتراجعه تعود لمرحلة الأساس وهي البناء الذي ينطلق منه التلميذ وهو متفتح الذهن يقرأ المطالعة ويدخل المكتبة ويلم بالتاريخ والثقافة العامة، على وزارة التربية والتعليم بدلاً من محاولات الترقيع لمعالجة هذا الاختلال، أن تقوم بعمل دراسة عميقة تحدد الخلل وحجم التراجع ومدى نجاح أي طفرة تغيير في المنهج أو السلم التعليمي على الطلاب، هذه وحدها التي تحدد لنا خارطة الطريق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قد لا تصدقون أن تلاميذ أو طلاباً تخرجوا في الثانوي العالي ولكن تجد بعضهم لا يكتب اسمه بالطريقة الصحيحة!
واحدة من أساس هذا التراجع كانت إعلان وفاة معاهد تعليم المعلمين، فهذه المعاهد كانت تقوم بأدوار تعليمية واضحة، وهي تخرج معلماً مدركاً لعمله، متفهماً لدوره وحاصلاً على قدر كبير من التدريب والتأهيل، سؤال ماذا ننتظر من معلم يفقد هذه الميزات؟.. الإجابة ينعكس مباشرة فيما يقدمه لطلابه، لذلك إذا أردنا تقويم وإصلاح ما اعوج في العملية التعليمة، فإننا نحتاج لجهد كبير وعدم استعجال الحلول على نسق إطفاء الحرائق، لأن هذا الإطفاء إذا لم يكن بالطريقة المثلى، فإنه بلا شك سيعيد عملية الاشتعال مرة أخرى!
أتمنى أن تعيد وزارة التربية والتعليم العام النظر في آليات المعالجات وأن تعمل في تناغم مع الجهات ذات الصلة، لأن عملية التعليم تكاملية، تبدأ بالمعلم والتلميذ أو الطالب والجامعة، نحن نريد أن تكون المدرسة هي الأساس لتخريج طالب جامعي متعلم ومدرك وواعٍ وصاحب تجربة، آمل أن نبدأ بإعادة معهد تدريب المعلمين على شاكلته القديمة.. والله المستعان.