(الترويكا) تحث الحكومة على إلحاق الممانعين بالحوار الوطني
إرادة السلام الدولية ،تلتف حول خارطة الطريق ، وتحاصر لوردات الحرب
الخرطوم – وليد النور
تطور مهم حدث في موقف المجتمع الدولي ، إزاء قضايا الحرب والسلام في السودان. فقد أعلن ممثلو المجتمع الدولي رفضهم للحرب كوسيلة لمعالجة قضايا السودان ، وتمسكوا بالحوار والتفاوض طريقاً وحيداً، ومن ثم أبدوا تأييدهم لخارطة الطريق التى وقعت عليها الحكومة في أديس ابابا ،مؤخراً. هذا التطور كشف ظهر الحركات المسلحة التى تحارب الحكومة ،وعزلة موقفها حتى من قبل الاوساط الدولية التي كانت تدعمها. وهو ما وفر للحكومة مناخاً مواتياً للقيام بحملة ناجحة لإستئصال ماتبقي من جيوب التمرد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق . لأول مرة تكف الجهات الدولية التى ادمنت العداء للحكومة عن ادانة العمليات العسكرية الجارية الان ، بسبب سلامة الموقف الحكومي. بل ان الولايات المتحدة ، قد أدانت حركة عبد الواحد، عندما بدأت بالهجوم ، والذي فرض على الحكومة الرد عليه ، بشكل حاسم ، ينهي وجود التمرد بجبل مرة، وبالتالي، لن يبق أمام فلول التمرد ، غير الاستجابة لنداء السلام، والانصياع لمتطلباته ،بالجلوس الى طاولة الحوار والتفاوض.
وفي هذا الاثناء ، صدرت تباعا وبشكل متواتر ،بيانات من قوى المجتمع الدولي تدعم وتساند خارطة الطريق وتدعو كافة الاطراف للتوقيع عليها، بعد توقيع الحكومة، بشكل يحاصر خيارات كافة الجماعات المعارضة ، المسلحة والسلمية ، ضمن هذا الخيار.
ويرى مراقبون أن بيانات الاتحاد الأوربي والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وأخيراً دول الترويكا،في هذا الخصوص، هي بمثابة آلية ضغط جديدة للمعارضة للتوقيع على خارطة الطريق .
آخر هذه البيانات ،هو ما صدرمن دول الترويكا (النرويج وبريطانيا والولايات المتحدة)، والتي دعت المعارضة السودانية، بكل اطرافها للتوقيع على خارطة الطريق التي دفعت بها الوساطة الأفريقية في مارس الماضي، وحثت الحكومة بإلحاق القوى الممانعة بالحوار الوطني.
لكن نائب رئيس حركة الإصلاح الآن ، المعارضة ،”حسن عثمان رزق” في حديثه لـ (المجهر)، قلل من أثر بيان دول الترويكا، معتبراً الأمر مجرد ضغط سياسي ، وقال أنه “ليس له تأثير كبير على المعارضة”، مشيراً أن الضغوط في السابق كانت توجه الي الحكومة، ولكنها لم تأتِ بنتيجة. وأن الترويكا والاتحاد الأوربي سبق لهما أن حددا مهلة للمعارضة بأسبوع، ثم خمسة أيام، للتوقيع ، وأن الضغط لم يستثنِ الحكومة، مؤكداً أن كل البيانات التي صدرت تطالب بإشراك كافة القوى السياسية. ووصف “رزق” خارطة الطريق بالجيدة ،ولكنها- على حد قوله – تحتاج إلى تعديلات لإشراك كافة فصائل المعارضة، من أجل حل قضية السودان كله، وليس قضية أحزاب أو حركات مسلحة، وفق تعبيره . وأضاف أن الحكومة لازالت تتعنت في إشراك المعارضة في الحوار وتسعى لتقسيمها داخلياً وخارجياً. واعتبر أن خارطة الطريق ليست خصماً على الملتقى التحضيري ،الذي دعت إليه الآلية الأفريقية رفيعة المستوى في السابق، وقال إنه كان وسيلة لحل القضية ، وليس غاية في حد ذاته.
وكانت الحركة الشعبية ـ شمال، وحركتا (تحرير السودان) و(العدل والمساواة) وحزب الأمة القومي، رفضت التوقيع على خارطة الطريق حول الحوار الوطني ووقف الحرب، التي دفعت بها الآلية الأفريقية الرفيعة، الشهر الماضي، بينما وقعت الحكومة و”أمبيكي” على الوثيقة. وقال بيان، صدر يوم (الجمعة) الماضي، إن دول الترويكا تدعم الجهود التي يبذلها فريق الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى بقيادة “ثابو أمبيكي”، في وضع اتفاق خارطة الطريق لإنهاء الصراع في السودان، ورحبت (الترويكا) بتوقيع الحكومة السودانية على خارطة الطريق ، وطالبتها بتوضيح التزاماتها فيما يتعلق بإدراج الممانعين في الحوار الوطني، والتمسك بنتائج أي اجتماعات تحضيرية للحوار الوطني تنظمها الآلية الأفريقية، بين آلية (7+7) والمعارضة. وتابع البيان (متى تم ذلك، فإننا نحث حركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان، والحركة الشعبية ـ شمال، وحزب الأمة القومي ، للتوقيع على خطة خارطة الطريق).
وقال إنه إذا وافقت جميع أطراف الصراع، فانه يمكن لخارطة طريق الوساطة الأفريقية، أن تسمح بإجراء حوار سياسي حقيقي على المستويين الإقليمي والوطني. وزاد (إن هناك حاجة لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراعات المسلحة التي ابتلي بها السودان لفترة طويلة). وعبرت دول الترويكا عن بالغ قلقها لتصاعد القتال بين القوات الحكومية والحركة الشعبية ـ شمال في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان، وطالبت الجانبين بضبط النفس وتجنب الكمائن والعمليات العسكرية ، التي تؤثر سلباً على السكان المدنيين. ودعت الأطراف إلى تجديد التزاماتها بإقرار وقف عدائيات أحادي الجانب ، من أجل خلق بيئة أكثر ملاءمة لتنفيذ خارطة الطريق. وقال بيان الترويكا: (لا يوجد حل عسكري للصراعات في السودان، لأنه يخدم المزيد من العنف ويؤدي إلى زيادة معاناة السودانيين. وقال (تدعو الترويكا جميع الأطراف في النزاع بالسودان لاغتنام هذه الفرصة لإنهاء الحروب وإيجاد الطريق نحو سلام دائم).
وكان القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم “استيفن كوتسيس” مدير مكتب المبعوث الأميركي الجديد بالسودان وجنوب السودان، أقر بتدخل بلاده بالضغط على الحركات المسلحة للتوقيع على خارطة الطريق ،التي وقعتها الحكومة مع الوساطة الأفريقية. وقال “كوتسيس” في تصريحات للصحفيين في أعقاب زيارة نفذها لمقر الحوار الوطني بقاعة الصداقة، إن بلاده تقف مع السلام والحوار في السودان حتى يصل إلى غاياته. وأضاف “كوتسيس” قائلاً (أميركا ستتدخل وتعمل للضغط على الحركات المسلحة للتوقيع على خارطة الطريق التي وقعتها الحكومة، للتفاوض بشأن المنطقتين ودارفور المقدمة من الوساطة).
وشدد على أن السلام في السودان هو الحل الأوحد للمشاكل السودانية، وأن الحكومة الأميركية ستقف مع الحوار والسلام حتى يصل إلى غاياته.
وفي ذات الاتجاه الذي يضغط على الحركات المسلحة من أجل التوقيع على خارطة الطريق التي دفعت بها الوساطة الأفريقية، حث الاتحاد الأوروبي (الثلاثاء) الماضي، الحكومة والحركات المسلحة على ضرورة وقف الأعمال العدائية، وقال إن العنف لا يزال مستمراً والاحتياجات الإنسانية، ما تزال كبيرة ، وأن الضائقة الاقتصادية تنمو. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان له على لسان المتحدث باسمه “فريدريكا موغريني”، إنه تم تعزيز احتمالات التوصل إلى حل للنزاعات الداخلية للسودان من خلال مبادرة لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى ،التي يترأسها الرئيس ثابو أمبيكي في “أديس أبابا”، واصفاً خارطة الطريق التي دفعت بها الوساطة الأفريقية للأطراف السودانية بالإنجاز الهام، لأنه يسعى لتحقيق السلام في السودان ووضع حجر الأساس لحوار وطني شامل.
ورأى بيان الاتحاد الأوربي أن اتفاق خارطة الطريق الذي اقترحته لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، يحدد خطوات لإنهاء النزاعات في دارفور والمنطقتين، ووصول المساعدات الإنسانية، كما يضع إطاراً للحوار السياسي الموازي الذي سيضم في النهاية جميع الأطراف في السودان. وقال الاتحاد الأوروبي إن التقدم في هذه المبادرة يتطلب الآن إشراك جميع الأطراف، ووصف توقيع الحكومة السودانية على خارطة الطريق بالخطوة الإيجابية.
وتابع (إنه يشجع الحكومة على الالتزام باتفاق خريطة الطريق، للنظر في خطوات إضافية فورية لبناء الثقة بين جميع الأطراف تضمن الحريات الأساسية المؤدية إلى الحوار). وأعرب الاتحاد الأوروبي عن تطلعه إلى ما تبقى من المشاركين في اجتماع “أديس أبابا” للمشاركة بشكل كامل في هذه العملية، وطالب بتغليب حسن النية من جانب جميع الأطراف (هو أمر ضروري للتقدم). وتابع (هذا من شأنه تعزيز ثقة أكبر بين جميع الأطراف، وإعطاء الوقت لوضع القواعد الأساسية للمفاوضات المفصلة ، وتعزيز الجهود التي تبذلها لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى، بدعم من الاتحاد الأوروبي، لإدراج جميع الأحزاب السياسية والحركات والمجتمع المدني في هذه العملية السياسية الحيوية).
ان السلام في السودان ، يجد دعما غير مسبوق من المجتمع الدولي والاطراف المؤثرة فيه ، بينما تتسع – بالمقابل – دائرة رفض الحرب والاقتتال ، وهو ما يشكل مناخا جديدا ضاغطا على الجماعات المسلحة ،للإذعان لارادة السلام، أو مواجهة العزلة الدولية.