حوارات

الشيخ "حسن "الترابي" في (شاهد على العصر) بقناة الجزيرة (الحلقة الثالثة – الجزء الثانى )

ليس لدي مصدر مالي شخصي وزوجتي من أسرة غنية
رصد – طلال اسماعيل
#” أحمد منصور”: كنت عميداً لكلية الحقوق في جامعة الخرطوم حينما اتخذت قراراً جريئاً بالاستقالة من العمل الأكاديمي والتفرغ للعمل السياسي.. كيف جرأت على اتخاذها القرار؟
–    “الشيخ الترابي”: أنا حدثتك أن الثورة نفسها أصبحت دفعاً وتياراً يحملني هكذا، وبالطبع كنت الأستاذ الوحيد الموجود في جامعة الخرطوم بالشهادة العليا في مثل هذا الوقت، والبريطانيون كانوا انحسروا شيئاً ما يحمل…
#” أحمد منصور”: نعم.
–    “الشيخ الترابي”: فأصبحت عميداً للكلية.
#” أحمد منصور”: كنت عميداً للكلية وعمرك 32 سنة؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم لكن الشارع عندي كان أكثر خطراً من الكلية.
#” أحمد منصور”: يعني الدور الذي لعبته في العام 1964م…
–    “الشيخ الترابي”: والسياسة كانت عندي أوسع من القانونية..
#” أحمد منصور”: يعني الدور الذي لعبته في العام 1964م لعب دوراً في أنك تغير تماماً من توجهاتك؟
–    “الشيخ الترابي”: تماماً تماماً.. من القانونية المهنية تدريساً إلى (رفع يديه إلى السماء ولم يكمل عبارته).
#” أحمد منصور”: وزواجك من السيدة “وصال المهدي” والزعامة السياسية المتوارثة في بيت الإمام “المهدي” لعب دوراً في تفكيرك هذا وتوجهك رغم أنك اتخذت اتجاهاً سياسياً آخر؟
–    “الشيخ الترابي”: كلا لا أحسب ذلك هي كانت إسلامية.
#” أحمد منصور”: هي كانت إسلامية؟
–    “الشيخ الترابي”: وبدأ الناس يتزاوجون أحياناً، السودانيون كانوا يتزاوجون غالباً.
#” أحمد منصور”: بالقربى والقبيلة؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم.. ولكن التعليم فتح الطلاب بعضهم مع بعض، فالإسلاميون بدأ الزواج من إسلامي وإسلامية من قبيلة أخرى وأول ما كان العبور عسيراً، ولكن بالنسبة لي لم يكن عسيراً لأنني أعرف أخاها من “لندن” عملنا مع الطلاب معاً.
#” أحمد منصور”: طيب كيف دبرت مصروفاتك الزعيم السياسي ده عايز مصاريف وعايز وإنت كانت شهادتك ودراستك ربما موردك المالي؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم جبهة الميثاق الإسلامي كانت مداً جديداً أول العهد كانت الأحزاب السياسية تغار منها أولاً هي مؤسسة على أصول دينية.
#” أحمد منصور”: نعم
–    “الشيخ الترابي”: الساسة لا يكترثون للدين وأن يأتي أحد..
#” أحمد منصور”: يأخذ قواعده
–    “الشيخ الترابي”: وحتى رجال الدين، هذا خطر لأنه سيأتي ساسة آخرون في بيئة أخرى، فالشيوعيون كذلك بدأوا يخافون منها خوفاً شديداً، وفعلاً لأن نهايتهم كانت على يدها.
#” أحمد منصور”: على يد جبهة الميثاق؟
–    “الشيخ الترابي”: الانتخابات الأولى التي جرت مباشرة بعد ستة أشهر حزنا فيها على مقعدين في دوائر الخريجين أنا الأول بفارق واسع وآخر القائمة غالبها كانوا يساريون يمثلون غلبة اليساريين على القطاع المهني المتخرج عندئذ وخريجو الثانويات كانوا يصوتون للدوائر القاعدية، فزنا في بعض دوائر من دوائر السودان المختلفة، غرب السودان ووسط السودان، ومن أول الطريق ظهر أننا لا ننتمي إلى إقليم، الأحزاب عندنا تركيزها دائماً..
#” أحمد منصور”: إقليمي
–    “الشيخ الترابي”: إقليمي، أولاً شمالي وفي الشمال إقليمي.
#” أحمد منصور”: أنا عايزك ترجع لنقطة المصدر المالي لك؟
–    “الشيخ الترابي”: ما كان عندنا مصدر مالي.
#” أحمد منصور”: يعني أخدت قرارك بالاستقالة والتفرغ للعمل السياسي؟
–    “الشيخ الترابي”: بعض الذين دخلوا علينا من الطرق الصوفية ومن الحركة السلفية تجاراً كانوا، التجارة كانت مورد مال، والبعض الآخر يدفع اشتراكات.
#” أحمد منصور”: يعني إنت قررت تتاجر إنت، تأمن موردك المالي؟
–    “الشيخ الترابي”: أبداً، اشتراكات كنا منذ الإخوان المسلمين ندفع الاشتراكات ثم بدأت التبرعات تأتينا من التجار.
#” أحمد منصور”: أنا أقصد مصدرك المالي الشخصي؟
–    “الشيخ الترابي”: مصدري المالي الشخصي كان الحركة نفسها كانت تدفع لي مالاً.
#” أحمد منصور”: منذ ذلك الوقت؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم، الحركة الإسلامية الداخلية.
#” أحمد منصور”: يعني النظام المالي وضعتموه بحيث يكون هنالك متفرغون وأن تحمل الحركة هؤلاء؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم، نعم.
#” أحمد منصور”: وإنت ما عندكش مشكلة تشتغل في أي وقت في القانون أو المحاماة وترتب مصدرك المالي؟
–    “الشيخ الترابي”: إذا أردت، إذا أردت، وزوجتي من أسرة غنية والحمد لله.
#” أحمد منصور”: هذا أيضاً لعب دوراً؟
–    “الشيخ الترابي”: لعب دوراً.
#” أحمد منصور”: “منصور خالد” في كتابه عن السودان يقول في تلك الفترة برز فيها نجم “حسن الترابي” على الساحة السياسية في السودان.. وكان أول ظهور لـ”الترابي” في ليلة سياسية جرت في (جامعة الخرطوم) حول مشكلة جنوب السودان، قال “الترابي” إن قضية الجنوب تتمثل في إنكار الحريات الأساسية من قبل الطغاة العسكريين في الخرطوم، “منصور خالد” يقول إن هذا مازال قائماً إلى اليوم؟
–    “الشيخ الترابي”: هو ابن دفعتي في القانون، أكبر مني عمراً، ولكن أنا دائماً كنت أقفز إلى من هم أكبر مني عمراً يعني، وحتى في “فرنسا” كان يدرس أيضاً دكتوراة الجامعة لا دكتوراة الدولة في “فرنسا”، أيضاً هنالك..
#” أحمد منصور”: دكتورة الدولة تختلف عن دكتوراة الجامعة؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم، نعم، دكتوراة الجامعة للأجانب الغرباء مثل المشيخية في الأزهر للغرباء يعني، أنا دكتوراة دولة طبعاً مشهورة العامة ينظمها مجلس الوزراء، مسألة قومية، فهو صدق ما قال.
#” أحمد منصور”: يعني مشكلة الجنوب كانت واضحة منذ ذلك الوقت؟
–    “الشيخ الترابي”: الثورة نفسها أخرجتني وأظهرتني للسودان، ولذلك بدأنا نؤسس (جبهة الميثاق الإسلامي) وبدأنا نطوف السودان..
#” أحمد منصور”: هل (جبهة الميثاق الإسلامي) كانت خروجاً على جماعة الإخوان المسلمين في السودان؟
–    “الشيخ الترابي”: كلا، هي الخروج من الصفوية والسرية إلى…
#” أحمد منصور”: الشعبوية.
–    “الشيخ الترابي”: العلنية والشعبية والخروج، وطبعا لا يمكن أن أقول لأي أحد من الصوفية أو من السلفية تعال انضم إلينا وكن في الذيل لأنه سيأتي متأخراً، تعال مؤسساً، تعال مؤسساً معنا شيئاً جديداً.
#” أحمد منصور”: هذا الذي ساعدكم على ميلاد قوي منذ البداية؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم، نعم لأنهم كلهم مؤسسون.
#” أحمد منصور”: دخلتم في مواجهة مع الشيوعيين؟
–    “الشيخ الترابي”: نعم.
#” أحمد منصور”: الشيوعيون كانوا الحزب الأقوى وأنتم دخلتم في مواجهة معهم
–    “الشيخ الترابي”: نعم، حتى عددهم كان في المجلس أكثر منا، كانوا قلة لكن كانوا أكثر منا.
#” أحمد منصور”: طبيعة المعركة التي خوضتوها مع الحزب الشيوعي.. كيف كانت؟
–    “الشيخ الترابي”: طبعاً، منذ نشأتهم كنا نلاحقهم وأحياناً يحدثون جبهة مكافحة الاستعمار ونحن نحدث جبهة هنا كذلك، في العمال يعملون نعمل في العمال، في المهنيين ندخل المهنيين، في الجامعات والاتحادات، في حلقات النقاش، وغالب الهجوم على الإسلام والدفع عنه والشبهات حوله كانت تأتينا من قبلهم، الآخرون ما كانوا يهاجموننا أصلاً ولكن كانت تأتي منهم هم.
#” أحمد منصور”: يعني عدوكم السياسي اللدود كان الشيوعيين؟
–    “الشيخ الترابي”: كان الشيوعيين، ولذلك سنحت لنا فرصة أن واحداً منسوباً إليهم قال كلمة فيها شيء من الإثارة للمسلمين في عرض بيت الرسول “صلى الله عليه وسلم”، كما حدث قديماً، وبدأت المظاهرة من بعضنا ومن بعد ذلك وجدناها..
#” أحمد منصور”: أصبحت شعبية
–    “الشيخ الترابي”: أصبحت مداً شعبياً حاصر مجلس النواب حصاراً كاملاً والجلسات تعقد جمعة أو أي يوم، فقاموا عدلوا الدستور بإلغاء حزب، لأن الدستور كان دستوراً حراً جداً، دستور ثورة.
#” أحمد منصور”: هل كان إلغاء حزب أيضاً خطوة تدخل في إطار حكم الشعب؟
–    “الشيخ الترابي”: طبعاً، الشيوعيون عندئذ أنفسهم ما كانوا ديمقراطيين حقاً كانت ديمقراطية مركزية عندهم حتى في بلدهم، طبع المثال نفسه ما كان ديمقراطياً ولا يؤمنون بالديمقراطية، كلمة يستعملونها فقط للدفاع عن حقوق الناس. وثانياً أول دفعتهم كانت ضد الدين مباشرة، الدين مخدر الشعوب وهكذا يعني جرأتهم على الدين كانت شديدة جداً والسودان بلد فيه دين صوفي.
#” أحمد منصور”: متدين؟
–    “الشيخ الترابي”: متدين، نعم، ونحن المنافسة بيننا وبينهم كانت..
#” أحمد منصور”: حامية الوطيس
–    “الشيخ الترابي”: نعم، من ذلك اليوم انقلبت عليهم، طبعاً طردوا من المجلس، طرد النواب..
#” أحمد منصور”: لكن أنا عايز أقول هنا إن من نتائج ثورة 1964م لأول مرة المرأة السودانية منحت حق الانتخاب والترشيح تم تخفيض سن التصويت إلى 18 عاماً بدلاً من 22 عاماً، حزب (الأمة) فاز في الانتخابات بـ(76) مقعداً والوطني الاتحادي (54) مقعداً والشعب الديمقراطي (8) مقاعد مؤتمر البجا حصل على 10 مقاعد الشيوعيون على 11 مقعد وجبهة الميثاق الإسلامي اللي هم أنتم على 5 مقاعد.
–    “الشيخ الترابي”: نعم، صحيح.
# “أحمد منصور”: ده كان بالنسبة ليكم يمثل إيه وأنتم الأقل الآن؟
–    “الشيخ الترابي”: ما أول خرجة يا أخي الكريم، أول خرجة على الشعب كنا هيئة ضغط للدستور الإسلامي.
#” أحمد منصور”: وأنت أصبحت عضواً في البرلمان؟
–    “الشيخ الترابي”: أصبحت عضواً في البرلمان وبعدين لا أحمل فقط عضويتي، أحمل الثورة معي وأحمل أنني قانوني، والمناسبات كلها وضع دستور وأنا متخصص دساتير مقارنة أضع الدساتير.
#” أحمد منصور”: يعني دخولك لم يكن مجرد عضو؟
–    “الشيخ الترابي”: لا ..لا ..لا.
#” أحمد منصور”: يعني دخلت بكل هذا الزخم؟
–    “الشيخ الترابي”: لا، يعني كانت الأغلبية مرهوبة من هذه الأقلية لاسيما بعدما خرج الشيوعيون، طبع الشيوعيين بعد ذلك انقلب، أصبحوا يلاحقوننا بعد أن كانوا يلاحقون الأحزاب والطبقات ويهملوننا كأننا فقاقيع، بعد ذلك أصبحوا يلاحقوننا نحن ونحن تركناهم، والإسلام لابد أن يمتد ليأخذ هذه القواعد التي قامت على الدين، الثورة المهدية قامت ثورة إسلامية، وهذه الطرق الصوفية شيوخها ما جاءوا بأنفسهم ولا بأموالهم ولا بسلطانهم جاءوا  فقط بأذكارهم وبقدوتهم الحسنى، ولذلك نحن لابد أن ندخل هذه الساحات كلها، وهذا الشعب كله يرجع إلى دينه ويدخل السياسة إن شاء الله في الدين و
#” أحمد منصور”: كانت عندك رؤية ولا كانت المعطيات بتخليك تغير؟
–    “الشيخ الترابي”: لا، لا، نحن الرؤية نسبياً نحن أكثر الحركات الإسلامية التي بدأت تخطط..
#” أحمد منصور”: كيف كان تخطيطك؟ لخمس سنين لعشر سنوات؟
–    “الشيخ الترابي”: أشد التخطيط الواسع كان في عهد “نميري”، والتخطيط بدأ من أول الستينيات، فكر التخطيط لسنة واحدة العمل كيف هذا العام؟، كي نمول نفسنا، وماذا نفعل في المجال الاقتصادي والمجال السياسي والمجال الاجتماعي والمجال الثقافي في أنحاء البلد في مختلف أنحاء البلد.
#” أحمد منصور”: يعني رؤيتك هنا كانت رؤية جماعة؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية