تقارير

عودة "الميرغني".. هل تضع حداً للخلافات مع (الوطني)؟؟

وصل فجر أمس (الخميس)
الخرطوم ــ محمد جمال قندول
بعد غيبة استمرت لخمسة أشهر حط رحال مساعد أول رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الاتحادي بالإنابة “محمد الحسن الميرغني” بمطار الخرطوم صباح أمس (الخميس).  ووسط موجة من التساؤلات المطروحة عن شكل العلاقة ما بين (الاتحادي) و(الوطني) في ظل تواتر الأنباء ما بين الحين والآخر عن وجود خلافات تهدد الشراكة القائمة بين أكبر حزبين مكونين للحكومة.
وكان نجل “الميرغني” ومساعد أول رئيس الجمهورية قد غادر البلاد منذ أكثر من خمسة أشهر، بسبب غضبه على عدم تكليفه بمهام وملفات كبيرة بالقصر الجمهوري، وهو ما ذكره شخصياً في أحد مؤتمراته الصحفية بجنينة السيد “علي” بالخرطوم بحري، غير أن قيادات حزبه نفت التفسيرات كافة التي ذهبت إلى أن مساعد أول رئيس الجمهورية قد غادر البلاد مغاضباً، حيث ظلت تلك القيادات تؤكد بأنه غادر في رحلة علاج تشمل كلاً من تايلاند وأبو ظبي والقاهرة، نافية ضمناً ما تردد عن وجود أزمة تهدد الشراكة بين حزبهم والمؤتمر الوطني الحاكم، وبالتالي فإن عودته صباح أمس، تضع حداً للغياب، وستضع- أيضاً- النقاط على الحروف فيما يخص علاقته وشراكة حزبه بالحكومة، من خلال مباشرته الوشيكة لمهامه الرسمية بالقصر، وإن كانت تلك القيادات، قد ظلت تشير إلى أن “الحسن الميرغني”، لم يتوقف عن القيام بمهامه الرسمية حتى خلال فترة غيابه من البلاد.
{ تفاصيل عودة “الحسن”
وصل “محمد الحسن الميرغني” في تمام الرابعة من فجر، أمس (الخميس)، وكان في استقباله كل وزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر “، ووزير تنمية الموارد البشرية بولاية الخرطوم “أسامة حسون” ووزير الأوقاف والإرشاد “عمار”، وعدد من وزراء الحزب الاتحادي وقياداته بالحكومة.
وفور وصوله، توجه نجل “الميرغني” إلى منزله ببحري، ومن المتوقع أن يباشر مهامه بصورة رسمية بالقصر خلال الأيام القادمة، وهو ما ذكره القيادي بالحزب ووزير تنمية الموارد البشرية والعمل بولاية الخرطوم “أسامة حسون” في حديثه لـ(المجهر)، الذي أكد فيه أن “الحسن الميرغني” لم يتوقف عن أداء مهامه، مشيراً إلى أنه كان مباشراً لأعماله من القاهرة، وعلى اتصال يومي بالحزب والقصر ولم يقطع عمله، على حد قوله. “حسون” جدد في حديثه أن السيد “محمد الحسن” كان في رحلة علاج فقط، مشيراً إلى أنه حظي باستقبال كبير من قبل قيادات الحزب، وحشد كبير من الحضور.
{ الوطني ينفي
وأقرت مصادر من داخل الحزب الاتحادي لـ(المجهر) بوجود خلافات مع حزب المؤتمر الوطني في جوانب محددة، إلا أنها أكدت أنها لا ترقى إلى أن تكون سبباً في فض الشراكة، وفق ما أشيع في الفترة الأخيرة، وأشارت ذات المصادر إلى وجود لجان من الوطني والاتحادي تجتمع بصورة دائمة لطي صفحة الخلافات، وأن عودة مساعد الرئيس “محمد الحسن” ستكون سانحة طيبة لإزالة الخلافات كافة.
في الوقت ذاته، سخر حزب المؤتمر الوطني من الأخبار الرائجة  التي تداولتها بعض الصحف عن تهديد حزب الاتحادي الأصل بفض شراكته مع الوطني، وما رافقها من تكهنات، مشيراً إلى أنه لم يتلق  شكوى رسمية أو طلباً بفض الشراكة. وقال نائب رئيس القطاع السياسي د. “عبد الملك البرير” لــ(المجهر)، أمس الأول (الأربعاء)، إنهم يسمعون كثيراً عن أنباء فض الشراكة، لكنهم لم يسمعوا من الحزب الاتحادي بصورة رسمية، ولم تتم اجتماعات بينهما في هذا الخصوص، مشيراً إلى أن الحزب الاتحادي مشغول بترتيب نفسه، مؤكداً أنه لا يسعى لفض شراكته مع المؤتمر الوطني.
وفيما رحب القيادي بالحزب الاتحادي (الأصل) “ميرغني مساعد” بعودة الرجل متمنياً أن يلعب الدور المنوط به، فقد رفض الحديث عن شكل العلاقة بين حزبهم والوطني، حاضرها وما يمكن أن تتطور إليه، وعدّ مثل هذا الحديث سابقاً لأوانه، على حد تعبيره.
لكن الخبير السياسي د. “صلاح الدومة” جزم بوجود خلافات بين (الاتحادي) و(الوطني) وقال لــ(المجهر) إن الخلافات موجودة، وهي السبب الرئيسي في مغادرة “الحسن” للخرطوم، عادّاً عودته لن تقدم شيئاً، مستدلاً بوجوده القصير بالقصر، وعدم تكليفه بمهام كبيرة، بالإضافة إلى التهميش الذي وجده من الوطني حينما ذهب مغاضباً واستقر خارج البلاد، حيث لم يبعث إليه بأي مندوب، على حد قوله .
{ وفد القاهرة
الجدير بالذكر أن وفداً ضم كلاً من وزير مجلس الوزراء “أحمد سعد عمر” و”الفاتح تاج السر” وعدد من الوزراء سبق أن التقى مساعد الرئيس ورئيس الحزب بالإنابة “محمد الحسن” قبل أسبوعين بالقاهرة، هذا اللقاء يعدّ هو الذي أسهم ومهد فعلياً لعودة “الميرغني” بصورة يمكن عدّها نهائية، إذ إن بعد زيارة “أحمد سعد عمر” و”الفاتح تاج السر”، بدأت إرهاصات تلك العودة تبرز من خلال الإعدادات التي شملت تجهيز مكتبه بالقصر الجمهوري، وتعيين “الطيب طه” مديراً لمكتبه، إلى جانب سكرتير خاص.
وحسب خبراء، فإن “أحمد سعد عمر” وزير مجلس الوزراء قد لعب دوراً محورياً في عودة “الحسن”، حيث كانت حقائب الرجل الذي توجه للقاهرة حينها مليئة بوعود من (الوطني) الذي يعدّ شراكته مع الاتحادي الأكبر ويعول عليه كثيراً، بالإضافة إلى كون الأمير “أحمد سعد عمر”، هو الوسيط الرئيسي بين الحكومة والحزب العريق، ولعب دوراً كبيراً في قيام الشراكة، ويتقلد أرفع المناصب الوزارية بعد “الحسن”.
{ حالة من التشتت
يعيش الحزب (الاتحادي) العريق، منذ بعض الوقت، العديد من الأزمات وحالة من التشتت، بسبب غياب رئيس الحزب “محمد عثمان الميرغني” نتيجة أوضاعه الصحية، واستقراره بالعاصمة البريطانية “لندن”، منذ فترة ليست بالقصيرة، بجانب انقسام الحزب إلى مجموعات بسبب الخلافات حول الموقف من المشاركة، ومن قيادة “الحسن الميرغني” للحزب كنائب لوالده.
وحل “محمد الحسن” محل شقيقه “جعفر” الذي شغل من قبل منصب مساعد الرئيس بالقصر، لكنه ظل في حالة تسفار دائم، وبقي لذلك  غائباً عن القصر ولم يقدم أية حيثيات عن أسباب غيابه، ليلحق به شقيقه “محمد الحسن” عقب مشاركة الحزب بالانتخابات التي أجريت في (أبريل) من العام الماضي. 
واشتهر “محمد الحسن” في الساحة السياسية عقب إقالته عدداً من قيادات الحزب التاريخية، بلغ عددهم (17) فيما عرف بــ(المجزرة) إبان توليه مسؤولية قطاع التنظيم، وذلك بسبب رفض القيادات المفصولة مبدأ المشاركة في الحكومة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية