الخبير الاقتصادي أمين الأمانة الاقتصادية بالوطني سابقاً د."أحمد حسن طه"
لهذه الأسباب لا أتوقع هبوط الدولار على المدى القصير
حوار: نجدة بشارة
لم تفلح كل الإجراءات الحكومية ومعالجات بنك السودان المركزي في كبح جماح الدولار الذي ارتفع الأسبوع المنصرم إلى (14) جنيهاً قبل أن يهبط مجدداً إلى سقف (13.5) جنيه ثم ليعاود (أمس) الارتفاع إلى (13.6) جنيه، الشيء الذي أثار التساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء الارتفاع المستمر للدولار أمام الجنيه، وفنّد القيادي بالمؤتمر الوطني ـ الخبير الاقتصادي “د.حسن أحمد طه” لـ(المجهر) أسباب الارتفاع وتوقع عدم هبوط الدولار على المدى القصير، فيما أشار إلى جملة من المعالجات لكبح الدولار على المدى المتوسط والقصير، فإلى مضابط الحوار:
*بداية الدولار بين الهبوط والارتفاع وصل سقفه لـ(14) جنيهاً، في اعتقادك التشريح الحقيقي لأسباب الارتفاع؟
-أعتقد أن انخفاض حصيلة الصادرات مقارنة بالعام السابق ومنذ الربع الأول في الصادرات الزراعية والذهب والبترول، فانخفاض أسعار البترول عالمياً أدى إلى انخفاض حصيلة صادراتنا في البترول، بالنسبة لصادرات الذهب أصبح يصدر خارج القنوات الرسمية، وذلك نتيجة للسياسات الخاطئة للبنك المركزي في شراء الذهب، كما أن انخفاض العائدات من الصادرات أحدث ضغوطاً على الدولار خاصة مع زيادة الواردات.
*أرجعت الأسباب لقلة الصادرات، إذن كيف يمكن ضبط سعر الصرف؟
-أولاً لا أتوقع زيادة الصادرات في الوقت الراهن، لكن يمكن أن تحدث معالجات فيما يتعلق بصادرات الذهب من خلال اتخاذ بنك السودان السياسات وإجراءات شراء الذهب بسعر السوق لجذب كل المنتج حتى تصب العائدات في إيرادات الدولة، ثانياً وضع سياسات تحفيزية لاجتذاب إيرادات المغتربين خاصة وأنهم في تزايد وإسهامهم بتحويلات العملة الأجنبية تجاوز (3) مليارات، لذلك لا بد من معالجة تدفق الواردات الخارجية من المغتربين، لأنها تشكل موفراً للعملة الحرة للبلاد.
*وعلى المدى الطويل؟
-بزيادة الصادرات من الإنتاج حسب البرنامج الثلاثي الخماسي، لا بد من تقليل الاتفاق الحكومي ومراجعته،
هل تعتقد أن المعالجات التي ذكرتها يمكن أن تحدث استقراراً في سعر الصرف؟
– أعتقد أنه لا بد أن يبادر بنك السودان المركزي بضخ سيولة للمصارف لمعالجة الارتفاع في قيمة الدولار، ولكن هذه الخطوة ستكون مجرد مسكنات مؤقتة والحل في إجراء مراجعات هيكلية وحلول على المدى القصير كما ذكرت، ثم تطبيق سياسات على المدى الطويل، أيضاً لا بد أن يضع البنك المركزي سياسة بتخفيض السلع الكمالية وغير المهمة.
*إذن هل تتوقع هبوط الدولار قريباً؟
-لا أتوقع هبوط الدولار ولكن يمكن أن يحدث ذلك على المدى المتوسط والطويل بالمعالجات التي ذكرتها سابقاً.
*التجار ذكروا أن الهبوط الذي حدث الأسبوع المنصرم أسبابه حدوث إغراق مفاجئ للسوق السوداء بالدولار، في اعتقادك ما مصادرها؟
-حجم الفجوة في الدولار يقارب الـ(14) ملياراً في الوقت الحالي، ولكن أعتقد أن الدولار أصبح بيد التجار ويقومون بتحويل مبالغ كبيرة خارج السودان، بالإضافة إلى تعاملهم مع تحويلات المغتربين الكبيرة وكمية الأموال الرافدة إليهم من الخارج، لذلك لا بد لبنك السودان أن يحفز المغتربين حتى لا يتم تداول أموالهم بالسوق السوداء.
*في اعتقادك ما هي أسباب انهيار الاقتصاد السوداني؟
-تتمثل في الفجوة الخارجية التي تشكل هاجساً كبيراً وتتطلب إصلاح علاقتنا الخارجية، أما الفجوة الداخلية تمت معالجتها بزيادة الإيرادات.
*وماذا بشأن الإيرادات خارج الموازنة كقرار وزارة المالية بزيادة قيمة التأمين الإجباري؟
-لا دخل للحكومة في تحديد أسعار التأمين الإجباري للسيارات ولا أرى لماذا تدخلت وزارة المالية في وضع قيمة التأمين الإجباري، أعتقد أن الطريقة التي صدر بها القرار غريبة، لأنها جاءت منتصف العام وليس هنالك ما يبرر تقييم وزارة المالية لقيمة التأمين الإجباري، وكان يجب أن تترك هذه التقديرات لشركات التأمين على خلفية زيادة قيمة الدية لتحددها وفقاً لنظم الشركات حسب المخاطر.
وزارة المالية دورها رقابي فقط، هذه الإيرادات لا علاقة لها بوزارة المالية ولن تدخل في إيرادات الدولة، وأعتقد أن هذه الزيادات ستحقق ظواهر سالبة، لأن ثقافة السودانيين كانت ترفض أخذ الدية، حالياً الطلب سيزيد على الدية.
*أصبحت الضغوطات المعيشية تحكم قبضتها على المواطنين، في رأيك يمكن السيطرة على السوق وانخفاض أسعار السلع؟
-أعتقد أن ما تقوم به الحكومة مجرد إجراءات إسعافية فقط، لكن المعالجة الجذرية لا بد من خفض الإنفاق الحكومي وخاصة أن حجم الإنفاق قد تنتج عنه زيادة الضرائب لمقابلة المنصرفات، لذلك ليست هنالك معالجة سوى تقليل الإنفاق وزيادة الإنتاجية، ويمكن زيادة الاستثمارات، بالإضافة إلى معالجة مشاكلنا الخارجية وإصلاح علاقتنا الخارجية وعودة مصادر التمويل ذات التكلفة المنخفضة.