"إيلا" الصعود إلى أسفل
المسيرات التي أخرجها أو أخرجت بغيره يوم (الجمعة) الماضي في “ود مدني” دعماً وسنداً لوالي الجزيرة “محمد طاهر إيلا” هي بوجهها الآخر مسيرات خرجت في مواجهة المؤتمر الوطني وقادته ورموزه الذين وضعهم الدكتور “إيلا” في (كونر) الفاسدين والانتهازيين الذين امتصوا دماء الشعب و(أكلوا) قوته في غفلته، ويريدون الآن عرقلة مسيرة الإصلاح التي يقودها الوالي الهابط من ذرى السماوات لإنقاذ الجزيرة من فساد الفاسدين.. وتجاوزات الموظفين.. وقدم “إيلا” نفسه إصلاحياً خلع عباءة الحزب وارتدى عباءة الوطن.. فألتف حوله الناس وحينما خرجوا (الجمعة) الماضية كان هتافهم يشق صمت المدينة التي بث فيها الرجل الحياة بعد موات.. ولكنه الآن يحفر عميقاً لدفن الحزب الذي جاء به وصعد هو على أكتافه ليصبح نجماً في مدينة الملح “بورتسودان” ونجماً في مدينة القطن “ود مدني”.. وذهب البعض لترشيحه خليفة لـ”البشير” على الأقل لكسر هيمنة أبناء السودان النيلي على قيادة الدولة لأكثر من سبعين عاماً.
لا يختلف اثنان حول قدرات “إيلا” في تحريك جمود الشارع وشحذ همم الناس.. ودفعهم للعطاء.. ولا جدال حول نزاهة سلوكه الشخصي وعفة لسانه وتسخيره للعلاقات الوثيقة جداً التي تجمعه بالمرجعيات العليا في الدولة لمصلحة المواطنين.. يستقطب المال من القيادة لتنفيذ المشروعات وقد اختبرت القيادة “إيلا” ووجدته جديراً بالثقة ومنذ تعيينه قبل سبعة أو ثمانية أشهر التقى الرئيس أكثر من (20) مرة.. ولكن هناك ولاة وجنرالات لم يلتقوا الرئيس إلا مرة واحدة يوم أداء القسم وبعدها ذهبوا لسبيلهم وكان الإخفاق رفيقهم.. كل إشراقات “إيلا” تطمسها نزعته (الخلافية) وعناده الشديد وقسوته في التعاطي مع الفرقاء.. والذين (يقولون لا سيدي الوالي نحن لا نرى ما ترى).. لذلك نشبت الخلافات بين “إيلا” وأقرب الناس إليه في “بورتسودان” (البلدوزر) “محمد طاهر أحمد حسين” الذي دفع ثمن خلافه مع “إيلا” ليتربص به المتربصون ويفقد موقعه ويجلس على الرصيف الآن.. وهو ذات ما يحدث اليوم مع قيادات في المجلس التشريعي وقيادات في حزب المؤتمر الوطني وضعها “إيلا” اليوم في عين العاصفة وشجع الناقمين والناقدين والجالسين على الأرصفة من المعارضين على التظاهر يوم (الجمعة) الماضي ضد المؤتمر الوطني في الأساس ودعماً وتشجيعاً لـ”إيلا” الذي وضع حزبه في مأزق حقيقي.. إما القبول والخضوع والإذعان لكل ما يقوله الوالي.. أو المقاومة والرفض وتحمل تبعات موقفه ورفضه ومعارضته للوالي المدعوم مركزياً من السلطة التنفيذية والمدعوم جماهيرياً من أهل الجزيرة المفجوعين في إخفاقات الولاة المتعاقبين.. والذين خرجوا في تظاهرات (الجمعة) الماضية.. خرجوا بدوافع شتى بعضهم (انتهزها) فرصة للتنديد بالمؤتمر الوطني والشعبي لاحتواء الوالي والتقرب إليه ودفع المؤتمر الوطني بيده وهزيمته معنوياً والتشكيك في ذمة القيادات التي قالت لا لـ”إيلا” لحرقها في العلن.. وهؤلاء يملكون القدرة على دعم وإسناد الوالي “إيلا” ولكنهم لا يملكون تقديم حلول لمشكلة “إيلا” في الوقت الراهن.. ولكنهم مشجعون يهتفون في المساطب الشعبية (آي دا الشغل) ويقف الحزب في مفترق طرق.. أم السير خلف الوالي حاسر الرأس حافي القدمين.. ويضحك عليه الشامتون.. وإما أن يقف في وجه الزحف (الإيلي) الهادر ويأكل قادته كما أكل نائب رئيس الحزب السابق الذي قدم استقالته ومضى وطواه النسيان الآن!!