أخيره

"عادلة محمد الطيب" أكاديمية سودانية ناشطة في مواجهة العقوبات الأمريكية

العقوبات الأمريكية منعت وجود مراكز امتحان للزمالات العالمية والأمريكية في السودان
كنت أول سودانية تنال الزمالات الأمريكية في المحاسبة والسعوديون طالبوني بالبقاء
حوار – عقيل احمد ناعم
“عادلة محمد الطيب سيف الدولة” واحدة من الوجوه السودانية الشابة المميزة والتي طرقت واحداً من المجالات المهمة المتعلقة بالتدريب والتأهيل المتقدم في مجال الدراسات المالية والمحاسبية، فأسست (معهد الأولى) الذي يؤهل الدارسين للجلوس للزمالات الأمريكية في هذا المجال، واجهتها عقبات متعلقة بالعقوبات الأمريكية التي تسببت في عدم إمكانية وجود مراكز للجلوس لامتحانات هذه الزمالات.. لكنها وبإرادة قوية سافرت إلى أمريكا والتقت عدداً من المسؤولين والمهتمين الأمريكان لتوضيح مضار العقوبات على المهنيين السودانيين. في هذا الحوار توضح لـ(المجهر) هذه المجهودات والنجاحات التي حققتها خاصة وهي أول سودانية تنال الزمالات الأمريكية في المحاسبة الإدارية والإدارة المالية المعتمدة.
{ بداية عرفي القارئ بنفسك؟
– أنا “عادلة محمد الطيب سيف الدولة” مدير ومؤسس (الأولى للدراسات المالية والمحاسبية) وهو مركز تدريب يعني بالتدريب في الجوانب المالية والمحاسبية في السودان، كأول مركز متخصص في رفع الكفاءات وتأهيل الدارسين للجلوس للزمالات الأمريكية والعالمية المتخصصة في الجانب المالي والمحاسبي والمجالات ذات الصلة.
{ متى تأسس المعهد؟
– في بداية العام 2007م، وبدأنا كمقدمي خدمة معتمدين للمعاهد العالمية المتخصصة في المجال المالي والمحاسبي وهي رفدتنا ومدتنا من أمريكا بالمراجع العلمية والمقررات والمناهج. ويقوم على أمر التدريس في المعهد نخبة من الأساتذة المهنيين المتخصصين في هذا المجال، وبحمد الله وتوفيقه وفقنا رغم العقوبات الأمريكية الموجودة، واتضحت لنا العقبات أكثر وأكثر كل ما مضينا في مسيرة المعهد.
{ حدثينا عن معاناتكم بسبب العقوبات الأمريكية على السودان؟
– بعد أن بدأنا كمقدمي خدمة معتمدين، وبدأنا تأهيل الدارسين داخلياً للجلوس للامتحانات وخاطبنا المعاهد في أمريكا لتتيح لنا نافذة للامتحان داخل السودان، في البداية لم يبدوا رفضاً لمخاطباتنا، ولكن في (الإيميل) الثاني الذي أرسلوه إلينا أوضحوا لنا أن الاستجابة ستكون صعبة جداً لوجود العقوبات.
بعد عدة سنوات من العمل بدأ عدد الدارسين يتزايد في المعهد، وهؤلاء المحاسبون ذوو دخل متوسط وشباب ولن يستطيعوا السفر للخارج بآلاف الدولارات للجلوس للامتحانات المتخصصة ما لم تدعمهم مؤسساتهم، من لديهم إمكانيات وتمكنوا من السفر أحدثت هذه الامتحانات تغييراً شاملاً في حياتهم وحياة أسرهم، وفتحت لهم فرص عمل داخل وخارج السودان، ونحن نفتخر بهم كسفراء لنا خارج السودان، فهم يعملون في كبريات المؤسسات وفي أوضاع ومواقع محترمة جداً.
{ وكيف سار الوضع؟
– في العام الماضي أصبح الوضع صعباً جداً علينا، وأضحى هناك التزام مالي وأدبي كبير جداً تجاه المعهد وتجاه الدارسين لضرورة الاستمرار في تأهيلهم، للرغبة العالية جداً في هذا النوع من التأهيل الذي يفيد سوق العمل المحلي والعالمي، ولكن لحرماننا من وجود مراكز للامتحان بالسودان حرمت شريحة كبيرة جداً من هذا التأهيل، ولكن أصبح لدينا التزام أدبي تجاه الدارسين لتوفير مراكز الامتحانات داخل السودان، نسبة للمعاناة من التكلفة المالية العالية جداً جراء إجراءات وقرارات لا علاقة للدارسين بها، وهم دارسون مميزون ونحن في المعهد نوفر فرصاً مجانية لأوائل الجامعات.
{وماذا فعلتم لمعالجة هذه المشكلة؟
– هذا الأمر دفعنا لمناهضة العقوبات الأمريكية بقوة لأنه أصبح لدينا التزام أدبي تجاه الدارسين، لذلك لو أردت إيقاف هذا المعهد لن أستطيع إيقافه أبداً لالتزامنا الأدبي تجاه الدارسين الذين يتطلعون لتأهيل أنفسهم، وأتيحت لزملائهم فرص لرفع كفاءتهم، وهذا ما دفعنا لطرق كل الأبواب التي يمكن أن تساعدهم.
{ أطلعينا على جهودك لرفع العقوبات الأمريكية خاصة في ما يلي تخصص معهدكم وفي المجالات التعليمية عموماً؟
– هي جهود مكثفة وطويلة بدءاً من مراسلة المعاهد الأمريكية عبر (الإيميل) والتي كانت الردود عليها سلبية بأنهم لن يتمكنوا من الوجود في السودان نسبة للعقوبات، بعدها اتصلنا بالسفارة الأمريكية بالخرطوم وقلنا لهم إننا والدارسون لا ذنب لنا في موضوع المقاطعة، فوجدنا منهم استجابة كبيرة جداً، ويؤطر هذا الاهتمام الأمريكي ومن أعلى المعاهد المرموقة فيها زيارة دكتور “الصادق عمر خلف الله” رئيس مجلس أمناء (معهد همبتي دمتي) الأمريكي المرموق لمعهدنا، وهذا تأكيد حقيقي لاهتمام القائمين على أمر تحسين العلاقات بين أمريكا والسودان، هذه الزيارة دعم معنوي قوي جداً تؤكد أن صوتنا الآن أصبح مسموعاً وأن الأوضاع تمضي نحو الأحسن، من خلال مقدرة دكتور “خلف الله” وخبرته التي تبدت في تحسين علاقات الكونغرس مع الأمم المتحدة وبين الدول في أمر العقوبات.
{ هل تلقيتم أية زيارات أخرى من مسؤولين أو شخصيات أمريكية مؤثرة تصب في اتجاه معالجة أمر العقوبات؟
– عقدنا اجتماعات كثيرة، وزارتنا  الخارجية الأمريكية أكثر من مرة ومكتب المبعوث الأمريكي، بجانب السفارة التي زارتنا أكثر من مرة أيضاً.
{ ما وجهة نظرهم في ما تطرحونه عليهم؟
– بسبب مجهودات معهدنا صدرت رخصة إعفاء السودان عن التعليم والتدريب المهني، وعندما أرسلنا هذه الرخصة ولم تستجب لها المعاهد الأمريكية أضافت الخارجية الأمريكية توضيحاً للرخصة، بتضمين نوع الدراسات التي نقدمها في المعهد، الخارجية الأمريكية حريصة على تنفيذ هذه التراخيص الممنوحة للسودان في هذا الجانب.
{ هذه التراخيص لم تنفذ حتى الآن؟
– جانب منها تم تنفيذه، وآخر لم ينفذ، ولكن ندرس الآن إمكانية تنفيذ هذه التراخيص، جلسنا في اجتماعات مع جهات أمريكية ومع دكتور “الصادق عمر خلف الله” وخلصنا إلى أننا لا نحتاج لأكثر من تحسين صورة السودان أمام هذه المؤسسات الأمريكية، ونحتاج العمل على المستوى المحلي داخل أمريكا لأنه بطول فترة العقوبات أصبحت هذه المؤسسات متحفظة في التعامل مع السودان رغم صدور هذه التراخيص، حتى الجزء من المؤسسات التي بدأت في التعامل تعاملت تحت هذا التحفظ، ولكن وجود هذه الجهود والزيارات المتبادلة، والجهود المشتركة بين الخارجية والمؤسسات ذات الصلة في أمريكا وفي السودان سيسهم إيجاباً في معالجة هذا الأمر.
– الآن الخطوات بدأت لإيجاد مراكز للامتحانات بالسودان بموجب الترخيص الصادر وبموجب الجهود المشتركة بين الخارجية والمعاهد ذات الصلة داخل أمريكا.
{ ما هي نصائحكم للممسكين بملف العلاقات مع أمريكا في الحكومة السودانية؟
– عدم وجود مراكز للامتحانات في السودان حرم كل المهنيين من محاسبين وأطباء ومهندسين وغيرهم من هذا التأهيل رفيع المستوى، لذلك أقول لإخواننا في السودان الممسكين بزمام العلاقات مع أمريكا إنه يجب أن تتاح الفرصة لكل في تخصصه لإبداء وتوضيح الآثار السلبية للعقوبات على القطاع المعين، فستجد هذه الجهود استجابة مثل الاستجابة التي وجدناها نحن المحاسبين، باعتبار أن المقاطعة يتضرر منها المواطن السوداني وكل المهنيين، فقد تأثرت تسجيلاتنا في بيوت الخبرة العالمية والمعاهد العالمية.
{ أنتِ سيدة أسست وتديرين معهداً بهذه الإمكانات الكبيرة، حدثينا عن تجربة المرأة في خوض مثل هذه التجارب؟
– عندما ذهبت لأمريكا وأنا ممثلة لقطاع مالي ومحاسبي يعمل فيه الرجال أكثر بكثير من النساء، أخبرني دكتور “الصادق” أن هذا الأمر وجد تقديراً كبيراً جداً ووضعية مختلفة عالمياً، ولكن أنا لم أنظر إلى الأمر من باب أنني سيدة، حتى الزمالة نلتها (زمالة المحاسب الإداري المعتمد الأمريكية، والزمالة في الإدارة المالية المعتمدة الأمريكية) نلتها كأول سيدة سودانية تحضر في هذا المجال، وكنت في السعودية وحظيت باحتفال كبير هناك، وكان السعوديون يريدون بقائي لتأسيس مثل هذا المعهد للسيدات، ولكنني فضلت أن آتي إلى السودان لأني شعرت أن بلدي يفتقد هذا النوع من التأهيل، وهنا لا يوجد فرق بين السيدات والرجال ما يمكننا تقديم هذه الخدمة لهما معاً.. ولكن لم أكن أنظر للأمر باعتباري سيدة لأن لدي هدف أريد الوصول إليه.
{ كلمة أخيرة
-نتمنى أن تتحسن علاقات السودان مع أمريكا ومع كل دول العالم خاصة دول الجوار، لأني وجدت أنه لا زال المواطن السوداني يحتفظ بقيمة عالية جداً في كل المنابر الدولية وبجودة معارف محترمة جداً ولا نريد أن تضيع هذه المكاسب، ونحن في المعهد خرجنا أكثر من (100) دارس في مجالات مختلفة وهم سفراء ولآلئ في كل مواقعهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية