عابر سبيل
الرقم الوطني في “أبيي”!!
ابراهيم دقش
في 1985 هبطت عاصمة زمبابوي، “هراري”، ودعاني الراحل “ناتان شيموريرا” وكان وزيراً لإعلام بلاده، على العشاء في فندق دعا له بعض المثقفين، ودار حوار حول قضية جنوب السودان، وهالني أن معظم الحاضرين لديهم فهم خاطئ بأن الحرب الأهلية سببها ديني باعتبار أن أهل الجنوب مسيحيون أو وثنيون فيما الشمال أهله من المسلمين، وحاولت تصحيح ذلك المفهوم فتصدى لي أحدهم بأن الدكتور “جون قرنق” دخل الغابة بعد إعلان الرئيس الراحل “جعفر نميري” للشريعة الإسلامية في (سبتمبر) 1983م، فشرحت له أن الحركة الشعبية لتحرير السودان قامت في (مارس) 1983، أي قبل إعلان الشريعة بستة أشهر.. فعلق أحدهم موجهاً حديثه لي: أراك متحمساً للدفاع عن أهل الشمال الذين يضطهدونكم.. فلما أقحمته بأني الذي اضطهد – حسب فهمه – وليس المضطهد قام على الفور ليتحسس يدي: أتعني أنك من الشمال؟.. فأجبته بل من شمال الشمال نفسه!.. وشعرت باندهاش أغلب الحاضرين الذين يبدو أن تعبير (العرب) عندهم يعني اللون الفاتح والشعر “السبيبي” وربما العين الخضراء.. وعذرتهم!
وانفصل جنوب السودان في عام 2011م ولم ينعم سكانه بالهدوء أو السلام، لأن الحرب اندلعت فيما بينهم، وبالتأكيد أن سبب الحرب (قبلي) وليس دينياً، لكن ما لفت نظري أن دينكا (نقوك) الذين ينتمون لمنطقة “أبيي” تظلموا من حكومة “جوبا” التي فرضت عليهم رسوماً نظير دفن موتاهم في أراضيها، مما يعني عدم الاعتراف بهم كجنوبيين وقرروا رفع الأمر للآلية الأفريقية رفيعة المستوى مشفوعاً بمطالبتهم بفك ارتباطهم مع “جوبا” نهائياً.
ويبدو أن “الإشارة وضحت لهم الآن، لأن الرسالة السابقة المتمثلة في خطاب رسمي يعتبر لوكا بيونق – وهو من دينكا نقوك – أجنبياً قد شابها بعض الغموض عندما أنكرها وزير خارجية دولة جنوب السودان (المعزول) “برنابا بنجامين”.
فقديماً قال أهلنا (ألما فيها شق لا تقول طق).. وقد كثرت (الطقطقة) في “أبيي”، ويلزم دينكا نقوك الآن أن يسجلوا للرقم الوطني السوداني إن لم يكن قد حصلوا عليه بعد!